ثناء دبسي.. ستار النهاية على رحلة مترفة لـ”أم” الدراما السورية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

انكفأت النجمة السورية ثناء دبسي مع زوجها الممثل المخضرم سليم صبري في بلاد متهالكة، قرّرت ألا تغادرها مهما تهاوت وترنّحت، لأنّها كانت تعتبر أنّ السفر هو السبب الرئيسي في انهيار سعادة أي عائلة.

تكرّست هذه الفكرة في ذهنها منذ صباها وسفر أخويها إلى أوروبا، ثم عادت لتتعمّق أكثر مع اندلاع الحرائق السورية واتخاذ ابنتها النجمة يارا صبري قرارا بالابتعاد النهائي عن البلاد.

هكذا، انطفأت مساء الثلاثاء الماضي ثناء دبسي عن عمر ناهز 83 عاما بعدما نالت شبه إجماع شعبي مطلق على محبّتها، وحصدت لقب “أم الدراما السورية” بسبب كثرة ما جسّدت ببراعة دور الأمّ في دراما بلادها.

ومن “غزلان في غابة الذئاب” إلى “زمن العار” لرشا شربتجي، ثم “وراء الشمس” لسمير حسين، و”الزعيم” لمؤمن الملّا وغيرهم الكثير من المسلسلات، حفرت الراحلة مكانتها العميقة في ذاكرة مشاهد التلفزيون.

عائلة عاشقة للفن

أما عن الولادة والبدايات، فقد كانت في مدينة حلب السورية وضمن كنف عائلة تذوقت الطرب الشرقي، وجعلته جزءا من تفاصيل حياتها اليومية. والدها كان يعزف العود، وخالها كان يغني في سهرات عائلية حميمة، في حين كانت هي من تجيد الغناء.

وتلك الطقوس الفنية البسيطة حملتها معها إلى مدرسة الراهبات حيث تلقّت تعليمها. وتعرّفت فيها إلى لذة ذلك الشعور الغامض بالذعر والقلق عند الصعود إلى المسرح ومواجهة الجمهور. كانت المدرسة تحرص دائما على إقامة حفلات يصدح فيها صوت ثناء التي تعلّمت الغناء، وأحبته قبل التمثيل.

رحلة فنية ثرية

وعلى هذا المنوال أتيح للطفلة التي عشقت الفن أن تمارس هوايتها المفضلة من خلال حفلات ومسرحيات جسدت فيها العديد من الأدوار. بعد عملها في المسرح المدرسي، انتسبت مع أختها الممثلة ثراء دبسي إلى فرقة “المسرح الشعبي” في مدينة حلب. قدمت الفرقة عروضا جماهيرية جالت مدنا عربية مثل القاهرة وغزة. ثم كانت المفاجأة الكبيرة بالنسبة إلى العائلة المحافظة، عندما أخبرت ثناء والدهما أنها تريد الرحيل مع أختها إلى دمشق لاحتراف الفن.

وقدمت أوّل مسلسل طويل هو “حارة القصر” (1970)، من تأليف عادل أبو شنب وإخراج علاء الدين كوكش. بإمكانيات متواضعة لكاميرا ثقيلة وبتصوير متواصل دون مونتاج، خرج العمل مذهلا قياسا بالإمكانات المتاحة، مما دفع خبراء فرنسيين زاروا سوريا في ذلك الوقت إلى الإشادة بـ”أهمية ما ينجزه هؤلاء الممثلون الشباب” الذين سرعان ما تحوّلوا إلى أيقونات الدراما السورية.

ولم تكن هذه المهمة سهلة بالنسبة للممثلة الحلبية، فوقوفها الاحترافي الأوّل على المسرح كان الدرس الحقيقي لها في عرض افتتاحي للمسرح القومي عام 1960، حمل اسم “أطفال بلدنا” حيث أدّت شخصية أم ثمانينية. كي تتمكّن من التخلّص من الرهبة التي تملّكتها، ركزت على شخص من الجمهور، وتناست أنها أمام هذا الحشد الذي راح يداوم على عروض المسرح القومي لشهور متواصلة.

والعروض الجماهيرية في المسرح القومي، جعلتها ممثلة متمكنة، ثم عملت مع المخرج سليم قطايا العائد من ألمانيا، في مجموعة سهرات تلفزيونية صنعت منها نجمة جماهيرية على التلفزيون السوري، كما أسهم في تقديمهم إلى الجمهور قبل أن يغادر هذه الدنيا باكرا من دون أن توثَّق تجربته، أو يؤرشَف تاريخه المهم.

رحلتها الإنسانية كانت رفقة الممثل سليم صبري، والتي استمرّت معه حوالي 60 عاما، أسّسا خلالها مشوارا مهنيا غنيا، وحياة شخصية أثمرت عائلة متماسكة، ظلّت بقربه حتى آخر يوم في عمرها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *