الرباط.. معرض الكتاب الدولي يستقبل زواره ويناقش “الرواية وعلم النفس”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

انطلقت أنشطة وفعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في دورته الـ29 أمس الجمعة، وسط إقبال متوسط من الزائرين وانطباعات أولى بتحسن التنظيم للحدث الثقافي الأبرز سنويا في المغرب.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد افتتح المعرض رسميا أول أمس الخميس بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد ومدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للمغرب العربي إريك فالت الذي تحل منظمته ضيفة شرف على هذه الدورة.

ويشارك في المعرض -الذي يقام بساحة السويسي في الرباط حتى 19 مايو/أيار الجاري- 743 عارضا من 48 دولة، ويشمل البرنامج الثقافي المصاحب 241 فعالية تتنوع بين لقاءات وندوات وأمسيات وتوقيع لأحدث الإصدارات.

وقال عارض مغربي قدم نفسه لرويترز باسم “عثمان” إن “أول أيام المعرض لا يمكن الحكم عليه من ناحية الحضور، لكن التنظيم أفضل من الدورتين السابقتين، يبدو أن المعرض قد تبوأ مكانته في الرباط”.

وكان المعرض يقام في مدينة الدار البيضاء حتى عام 2021، قبل اتخاذ القرار بنقله إلى العاصمة الرباط، وهو ما رافقته بعض الاعتراضات، لكن وزارة الشباب والثقافة والتواصل عوضت غيابه بإقامة معرض لكتاب الطفل والشباب.

وقال أيمن البقالي (32 عاما) -الذي يعمل أستاذا للتعليم الثانوي- إن “معرض الكتاب يبقى نقطة ضوء تثري الساحة الثقافية المغربية”.

وأضاف “الجميل هو أن معارض الكتب الجهوية على طول العام في مختلف المدن المغربية”، مشيرا إلى أن الأجيال الجديدة أحوج ما تكون لترسيخ ثقافة الكتاب والقراءة في مواجهة الغزو الإلكتروني.

وأيدته في الرأي الطالبة الجامعية سعاد بودن (23 عاما) التي قالت “ما من أمة تقدمت بدون كتاب، ونحن في منطقتنا العربية والأفريقية في وضعية ضعف أمام الغرب بسبب ضعف التعلم والقراءة ونقص الأنشطة الفكرية والثقافية، وعلى رأسها الترجمة التي تساهم بشكل كبير في تقدم الشعوب”.

وأضافت “مثل هذه المعارض يجب ألا تبقى مجرد مناسبات تجارية لاقتناء وبيع الكتب، كما أن أفكار ومناقشات الندوات الفكرية والثقافية يجب ألا تبقى حبيسة الصالونات، بل يجب تقربب الثقافة من المواطنين وتيسير اقتناء الكتب لعلها تحارب بعض تفاهات وسائل التواصل الاجتماعي”.

الرواية وعلم النفس

وطرحت الدورة الجديدة للمعرض في الرباط مجموعة من القضايا والأفكار للنقاش في يومها الأول بمشاركة ضيوف من داخل المغرب وخارجه كان من أبرزها العلاقة بين الرواية وعلم النفس، والتي جذبت 4 متحدثين من العراق ومصر والمغرب.

وتناولت الندوة التي أقيمت مساء أمس الجمعة في قاعة الحوار ضمن سلسلة لقاءات “الأدب أفقا للتفكير” العلاقة التبادلية بين الرواية وعلم النفس، وكيف أن فرويد في بداية تأسيسه لعلم النفس الحديث استفاد من الأدب والشخصيات الروائية مثلما استفادت الروايات من مناهج علم النفس في رسم ملامح الشخصيات وانفعالاتها وتصرفاتها.

وقالت أسماء علاء الدين -وهي معالجة نفسية مصرية وروائية- إن “الكتابة تؤثر على الإنسان والفرد بشكل ما، فعلم النفس والأدب لهما علاقة وطيدة لأن موضوعهما واحد، وهو الإنسان في حد ذاته وما يدور حوله”.

وأضافت في مداخلتها بالندوة أن “الأدب يحاكي الإنسان وما يدور حوله من أحداث، وكذلك علم النفس يبحث في الإنسان، وإن كان علم النفس يبحث الإنسان في فرديته”.

وأكدت أن “الأدب يضيف الكثير إلى علم مهم من العلوم الإنسانية وهو علم النفس، وهذا الأخير يوجد فيه تخصص في دراسة الأدب، وهو علم النفس الأدبي”.

من جهته، قال الكاتب والروائي العراقي شاكر الأنباري إن “العلاقة بين علم النفس والأدب عموما علاقة وشيجة جدا، فالمشترك هو الإنسان، والرواية مادتها الأساسية هي الشخصيات الروائية، وملاحقة هذه الشخصيات تتطلب من أي كاتب أن يكون ملما بقراءة انفعالات هذه الشخصيات وتحليل الشخص نفسه، لذلك فالأديب بحاجة لمعرفة دواخل الإنسان”.

وقال إنه “لما جاء رواد التحليل النفسي كسيغموند فرويد وكارل يونغ عملوا ثورة كبيرة، ليس في عالم الرواية فحسب، بل في الفن عموما”، مشيرا إلى أن كثيرا من الاتجاهات الفنية في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى استوحت نظريات فرويد وأسست تيار اللاوعي مثلا أو التداعي الحر ومدرسة التعليم النفسي.

لكنه عاد ليقول إنه “على الصعيد العربي نجد هناك قصورا في الاستفادة من علم النفس، لأن هذا الأخير دخل إلى الوسط الفني والثقافي بشكل متأخر بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يشع كثيرا”.

أما الكاتب والناقد والأكاديمي المغربي حسن المودن فاعتبر أن “الانطلاق من الأدب بصفة عامة والرواية بصفة خاصة كان ضروريا من أجل التأسيس للتحليل النفسي”.

واستعرض المودن نصوصا لعالم النفس النمساوي سيغموند فرويد استخلص منها أن “الرواية كانت حاضرة بقوة في دراسات فرويد وفي معجم مصطلحاته، حتى أنه كان يريد أن يكون روائيا في عصره المتميز بازدهار الرواية”.

وأضاف “من الواضح أن فرويد قد استمد مفاهيمه النفسية من الأعمال الأدبية ومن الأعمال الروائية”.

وتحدث المودن عن نوع من الشبع والكسل بعد فرويد قائلا “لم يعد المحلل النفسي والناقد النفسي يعود إلى قراءة الأدب بحثا عن تصورات ومفاهيم نفسية جديدة، بل صار يكتفي بإسقاط مفاهيم نفسية جاهزة على كل الأعمال الأدبية”.

واختتم مداخلته في الندوة بسؤال عن “كيفية الخروج من هذه الدائرة”، معتبرا أن تطبيق التحليل النفسي على الأدب وصل إلى أفق مسدود.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *