تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في انقسام حاد بهوليود، التي اشتهرت دائما بوحدة كلمتها في المجال السياسي، وقدرة نجومها وكبار العاملين فيها على التعبير عن الغالبية العظمى من المنتمين لها في مختلف المهن.
ووصل الانقسام إلى حد طرد “المختلفين” من العمل، ومقاطعة من يعبرون عن موقف مضاد للقصف الإسرائيلي على غزة، في وقت يتعرض فيه مؤيدو إسرائيل أيضا لانتقادات لاذعة وخاصة من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت هوليود أظهرت وحدتها إبان سنوات حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي وجه بالسخرية في أغلب الأحيان وبالجدية في أحيان قليلة، لكن التغيرات التي حدثت خلال الأسابيع الماضية أكدت على تغير المشهد بشكل جذري، طبقا صحيفة “ذي تايمز” البريطانية.
تنديد بالمذابح وعقاب
ولم يكن استبعاد الممثلة المكسيكية ميليسا باريرا من بطولة فيلم “سكريم 7” (Scream 7) الثلاثاء الماضي، هو الأول من نوعه فيما يتعلق بمعاقبة من أعلنوا عن تضامنهم مع غزة، فقد سبقتها الممثلة الحاصلة على الأوسكار سوزان ساراندون التي استبعدت من قبل وكالة “إيه يو تي” -أبرز وكالات إدارة الأعمال في عاصمة السينما العالمية-، وألغي التعاقد معها على خلفية موقفها المناصر للشعب الفلسطيني.
وحسب ما ذكرت مجلة “فارايتي” الأميركية، فإن شركة “سباي غلاس” المنتجة للفيلم بررت بقولها “باريرا طُردت لإظهار دعمها للقضية الفلسطينية”.
وأصدر المتحدث باسم الشركة بيانا نشرته المجلة جاء فيه، “موقفنا واضح بشكل لا لبس فيه، ليس لدينا أي تسامح مع معاداة السامية أو التحريض على الكراهية بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك الإشارات الكاذبة إلى الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو تشويه الهولوكوست أو أي شيء يوحي بشكل صارخ أنه خطاب كراهية”.
وانضمت الممثلة الأميركية سوزان ساراندون، إلى قائمة الفنانين الذين تعرضوا للضرر بسبب مواقفهم المؤيدة للقضية الفلسطينية، إذ أكدت مجلة “نيوزويك” إلغاء وكالة المواهب “يو تي إيه” (UTA) تعاقدها مع الممثلة الحاصلة على الأوسكار الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعدما عملت على إدارة أعمالها منذ عام 2014.
وكانت ساراندون شاركت في مظاهرة ضمت الآلاف في شوارع مدينة نيويورك الأميركية الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ورفعت خلالها لافتات تطالب بوقف الحرب على غزة، وقالت في تصريح لموقع “ديدلاين” خلال المظاهرة إن “هناك كثيرا من الناس يتذوقون شعور كونك مسلما في هذا الوقت، وفي هذا البلد”.
كما لجأت ساراندون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن دعمها لفلسطين، من خلال كتابة ومشاركة منشورات على منصة “إكس” (تويتر سابقا) فأعادت نشر تصريح للموسيقي البريطاني روجر ووترز من فرقة “بينك فلويد” أيد فيه الفلسطينيين وطالب بوقف قصف غزة.
وكانت الممثلة البالغة من العمر (77 عاما) واجهت دعوات سابقة للاستبعاد، بعدما أعادت نشر صورة لها على خشبة المسرح في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في احتجاج March4Palestine# بالعاصمة الأميركية واشنطن، كما كتبت بجانب صورة مع أعضاء التجمع النسوي الفلسطيني، “ليس من الضروري أن تكون فلسطينيا حتى تهتم بما يحدث في غزة. أنا أقف مع فلسطين. لا أحد حر حتى يتحرر الجميع”.
وشاركت ساراندون أكثر من 2000 فنان حول العالم في إصدار بيان، يعبر عن دعمهم لفلسطين وأهل غزة مؤكدين إدانتهم للجرائم التي ترتكبها إسرائيل، واتهموا من خلاله الحكومات بمساعدة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم حرب في غزة، وطالبوا بإنهاء الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل. ومن بين هؤلاء الفنانين وليام كونينغهام وجون كوزاك وتيلدا سوينتون، وتشارلز دانس، وستيف كوغان، وبيتر مولان، وماكسين بيك، وميريام مارغوليس.
وللسبب نفسه، فقدت مها دخيل إحدى أكبر وكلاء الأعمال في وكالة “سي إيه إيه” (CAA) منصبها، علما أنها المسؤولة المباشرة عن إدارة أعمال النجم الأميركي توم كروز، الذي تدخل للحد من الأضرار بها.
وكانت دخيل تعرضت للهجوم إثر منشور على إنستغرام، قالت فيه “ما هو الشيء الذي يفطر القلب أكثر من مشاهدة الإبادة الجماعية؟ نشهد إنكار حدوث إبادة جماعية”.
وتم إعفاء دخيل من مهامها كرئيسة مشاركة لقسم الصور المتحركة، على الرغم من السماح لها بالبقاء وكيلة، إذ حذر كروز الوكالة، وقال إنه يدعمها في الحد من الأضرار، قبل أن يزورها في مكتبها بالوكالة في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وهددت مجموعة من العاملين في الوكالة بالانسحاب، بسبب معاملة الوكالة لمها دخيل، خاصة أنها كانت على وشك الطرد لولا تدخل كروز، وفي المقابل شعر بعض العملاء، الذين اشتكوا داخليًا من منشورات دخيل، بخيبة أمل، معتقدين أنه كان ينبغي طردها. بشكل منفصل.
وتعرضت نقابة الكتاب الأمريكية (WGA West) لانتقادات شديدة، لأنها لم تعلن موقفا متعاطفا مع إسرائيل ضد عملية “طوفان الأقصى”، خاصة بعد أن أعلنت ميريديث ستيم رئيسة الاتحاد أنه لن يتم إصدار بيان إدانة لحماس، لأن “العديد من الأعضاء طلبوا منا الامتناع” ولأن “الإجماع بعيد المنال”.
اقتلوهم جميعا
في المقابل أطلق الممثل والمنتج الأميركي جيمس وودز تصريحا جديدا ضد سكان قطاع غزة، إذ قال في منشور على منصة “إكس”، “لا لوقف إطلاق النار. لا للهدنة. لا للغفران”، مستخدما وسم “اقتلوهم جميعا”، وهو نفسه الذي عرف عنه تأييده للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أثناء سنوات حكمه، مخالفا بذلك الأغلبية العظمى في هوليود.
وتتصدى الممثلة غال غادوت -بطلة فيلم “المرأة الخارقة” (Wonder Woman)- للترويج لموقف تل أبيب في هوليود، وقد نظمت عرضا يمتد نحو 47 دقيقة مصورة من معارك يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في مدينة لوس أنجلوس الأميركية، ودعت 120 من كبار مشاهير هوليود من ممثلين وممثلات ومنتجين ومديرين تنفيذيين للحضور.
وتعاون مع غادوت في تنظيم الحدث المخرج الحائز على جائزة الأوسكار غاي ناتيف، ولم تحضر غادوت الحدث الذي نظمته، وشهدت الساحة خارج متحف التسامح الذي شهد العرض اشتباكات بين مجموعات مختلفة، بحضور عدد من المسؤولين الإسرائيليين بينهم سفير تل أبيب في أميركا مايكل هرتسوغ.
وكان المخرج كوينتن تارانتينو قد زار إحدى وحدات الجيش الإسرائيلي بغرض الدعم المعنوي، والتقط الصور التذكارية معهم.
الانقسام نفسه، ظهر في نقابة الممثلين “إيكويتي” في بريطانيا، والتي يضم نحو 47 ألف عضو. وتعرضن النقابة لانتقادات بعد إصدار بيان اتهم إسرائيل بتنفيذ “القصف والاحتلال والفصل العنصري”. وقالت إن أعضاءها يخشون الرقابة بسبب تعبيرهم عن مخاوفهم بشأن الصراع، وأنهم يطالبون حكومة المملكة المتحدة “بالوقوف ضد الإبادة الجماعية”.