أن يذهب أكاديمي بلغاري المنبت واللسان في شغفه بالشعر الكلاسيكي العربي لدرجة كتابة أطروحة دكتوراه عن “أبو العتاهية”، فذلك لن يقدم عليه إلا عالم اسمه تسفيتان تيوفانوف. في تفسير هذا الشغف، يقول تيوفانوف -المعروف في بلده بأنه واحد من 3 أركان لمدرسة الاستعراب البلغارية- “أحببت هذا الشعر لأنني وجدت فيه انعكاسا لأفكاري ومواقفي الشخصية من الحياة والمجتمع. وثمة دافع آخر للعمل على هذا الموضوع، كان استخفاف المستشرقين بمكانة أبي العتاهية في تاريخ الأدب العباسي”.
سمساريفا
ظهرت مدرسة الاستعراب البلغارية في مرحلة متأخرة نسبيا، قياسا بنظيراتها في الغرب الأوروبي، على يد بينكا سمساريفا. ففي عام 1964 بدأت تلك السيدة البلغارية التي تلقت علومها في جامعة بغداد، بتدريس العربية في كلية الآداب بجامعة صوفيا بدرجة أستاذة مساعدة بعد تخرجها مباشرة. واختارت سمساريفا سلك التعليم، في حين اختار آخرون من زملائها البلغار وخريجي دفعتها، وبينهم زوجها المستقبلي (أتاناس سمساريفا) العمل في السلكين الدبلوماسي والحزبي، في وقت كانت فيه بلادهم تتمتع بروابط سياسية واقتصادية متينة مع عدد من بلدان المشرق وشمال أفريقيا.
ما لبثت بينكا سمساريفا أن رسخت مكانتها الأكاديمية بسلسلة إصدارات ظهرت تباعا، وتمحورت حول اللفظ العربي ومقارناته في مجالي القواعد وفقه اللغة. فكان أن أصدرت عدة أبحاث تتمحور حول العربية، وطرق تدريسها ومصطلحاتها وتراكيبها اللغوية وآدابها. وكانت أبرز عناوين أبحاثها: “بعض المسائل المتعلقة بنسخ حروف اللغة العربية” (1968)، و”بعض الميزات النموذجية “الطبوغرافية” في بناء الجملة العربية مقارنة باللغة البلغارية” (1985)، و”استعارة المفردات العربية في اللغة البلغارية” (1985)، و”قضايا أساسية في مجال فهم تصنيف المفردات في اللغة العربية على ضوء نظرية النحو التقليدية العربية” (1994)، و”اشتقاق الكلمات في اللغة العربية الفصحى على المستوى العالمي” (2001).