100 عام من موسيقى سيد درويش.. كيف جسدتها الشاشة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الحس الوطني إلى جانب الشعبية الجارفة هما الأساس الذي اختاره صناع الأعمال الفنية التي وثقت السيرة الذاتية لفنان الشعب سيد درويش، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم قبل 100 عام، ورغم حياته القصيرة التي لم تتجاوز 31 عاما؛ فإن إرثه الفني الغزير والمتنوع والثورة التي أحدثها موسيقيا منحاه مكانا ضمن أهم الموسيقيين في القرن الـ20.

“سيد درويش” 1966

كان باكورةَ هذه الأعمال فيلم “سيد درويش”، الذي قدمه المخرج أحمد بدرخان في عام 1966، وهو من أوائل أعمال السيرة الذاتية في السينما المصرية.

وقد جسد الفنان كرم مطاوع شخصية فنان الشعب، وحرص بدرخان على تقديم شخصية نابضة بالحيوية، من خلال محطات حياته منذ كان طفلا صغيرا ولد في كوم الدكة، وإصراره على تعلم العود والموسيقى رغم رفض والدته.

ويسير الفيلم بين خطيين بالتوازي، الأول الخط الشخصي الذي تناول علاقة درويش بوالدته وشقيقاته وحياته العاطفية، والخط الفني الذي تضمن الأغنيات الوطنية التي قدمها “فنان الشعب” خلال مسيرته الفنية. ووظف المخرج أحمد بدرخان 27 قطعة موسيقية وغنائية لخدمة أحداث الفيلم، وغنى للفيلم علي إسماعيل.

وفي لقاء سابق مع الفنان كرم مطاوع تحدث عن محاولاته تعلم العزف على العود لتجسيد شخصية سيد درويش التي أدخلته تاريخ السينما، كما حرص على الذهاب إلى منزله في حي كوم الدكة بمحافظة الإسكندرية والتعرف على بيئته وحياته والمقهى التي كان يجلس فيها، واستعان بنجل شقيقه وكان في كورال الأوبرا، حيث قدم له معلومات حول شخصية سيد درويش، من بينها أنه لم يكن يكتب موسيقاه في “نوتة موسيقية”، لكن كان شخص يدعى حامد مرسي ينجز هذه المهمة التي حفظت ألحان سيد درويش الذي كان يدندنها فقط.

مشوار حياة

وبعد فيلم أحمد بدرخان بسنوات طويلة، عاد سيد درويش إلى الشاشة من جديد، وهذه المرة من خلال فيلم أنتجته الجزيرة، من إخراج وائل شركس، وهو فيلم تسجيلي يحكي “مشوار حياة” سيد درويش، الذي يبدأ بوفاته قبل أن يستقبل عودة سعد زغلول من المنفى، ثم ينطلق الفيلم بعدها ويؤرخ لقصة حياة سيد درويش منذ طفولته وحتى مرحلة الشباب وتأثير ميلاده في مدينة الإسكندرية على موسيقاه، وكيف حققت تجربته مع الأخوان أمين وسليم عطا الله نقلة تحول، فرحلته معهم خارج مصر أثقلته بالخبرات، فعاد ليقدم تجربته في المسرح الغنائي.

ويحلل ضيوف الفيلم كيف استطاع سيد درويش أن يقوم بثورة موسيقية غيّرت مسار الموسيقى المصرية، وبذلك أصبحت له الريادة بأغنيته “كان الشيطان”.

ولم يغفل الفيلم قصة الحب الشهيرة التي جمعته بامرأة تدعى “جليلة” وكيف نتج عن ذلك أغنياته العاطفية مثل “أنا هويت” و”خفيف الروح بيتعاجب”.

“يا بلح زغلول”.. كيف خرجت إلى النور؟

والفيلم التسجيلي “مشوار حياة” ليس العمل الوحيد الذي أنتجته شبكة الجزيرة عن فنان الشعب، ففي عام 2022 وضمن حلقة “خارج النص”، تم تقديم عمل وثائقي بعنوان “يا بلح زغلول.. كيف خرجت إلى النور؟” الذي ركز على الجانب الثوري في حياته.

كما سلط العمل الضوء على الأغنيات والأوبريتات الوطنية التي قدمها فنان الشعب، من خلال عدد من المتخصصين الموسيقيين الذين حللوا تجربته في أعمال مثل “يا عزيز عيني” و”يا بلح زغلول” و”قوم يا مصري”، التي اهتم خلالها بالتعبير عن قضايا الطبقة العاملة والبسطاء من المصريين.

يقول الموسيقي المصري فتحي الخميسي في الفيلم إن دوريش كان يجلس في المقاهي وعلى الأرصفة فيستمع لشكاوي الناس، كما استخدم فنه للنضال ضد الإنجليز وضد القصر الملكي وذلك من خلال تجربته في المسرح الغنائي.

وأشارت نهلة مطر، أستاذة النظريات والتأليف الموسيقي، إلى كيف كانت أغنياته دراما تعبر عن حكاوي الشعب، فأغنيته “قوم يا مصري” كانت صرخة رددها المصريون في مظاهرات ثورة 1919.

ويكشف الفيلم كيف تم استخدام أغنية “يا بلح زغلول” بوصفها منشورا سياسيا ضد الإنجليز من أجل الحراك الشعبي بعد نفي سعد باشا زغلول ورفاقه، فكانت الشرارة التي انطلقت منها الثورة.

ويتطرق العمل إلى تحايله على القمع والتضييق، حيث كان يتعرض من يستخدم اسم “سعد زغلول” للسجن من قبل الاحتلال الإنجليزي، فتحايل على الموقف واستخدم المصريون الأغنية بدون خوف من العقاب، وأيضا كيف كان سيد درويش معارضا أيضا للقصر الملكي العميل للإنجليز في هذا الوقت، فيحكي الخميسي في الفيلم أن موقف درويش هذا كان وراء أغنية “هز الهلال يا سيد.. حد الله ما بيننا وبينك غير حب الوطن يا حكومة”. ولاحقا أصبحت أغنيته “أهو دا اللي صار” من الأغنيات الملهمة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر.

عرض مسرحي

وعلى خشبة المسرح تم تقديم سيرة سيد درويش في أكثر من عرض مسرحي، ففي عام 1982 قدم المخرج عبد الغفار عودة مسرحية “فنان الشعب”، وقام بالبطولة يوسف داود ومحمد السيد مرسي، وركز العرض على اقتراب اللغة الموسيقية لسيد درويش من فئات الشعب المختلفة، حيث عبّر عن العمال والفلاحين وغيرهم من البسطاء.

وبنفس الاسم قدم الممثل الشاب محمد عادل شخصية سيد درويش في عرض مسرحي العام الماضي 2022، وهو ما دفعه لبدء التحضير لمسلسل سيرة ذاتية يعمل من خلاله على تقديم الشخصية مرة أخرى لكن على شاشة التلفزيون.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *