يرى عدد كبير من خبراء صناعة السينما في هوليود أن عاصمة السينما العالمية تقترب من نهايتها، وذلك بعد أن استطاعت منصات البث أن تقدم للمشاهد أعمالا لا تقل عن المستوى الهوليودي في الإثارة والإتقان دون أن يكون مضطرا للذهاب إلى دار العرض.
وقد ظهرت في بداية عام 2024 جملة “سنكافح لنبقى حتى 2025” في هوليود، واعتبرها البعض نذير هلاك هوليود، وقد ظهرت لأول مرة في البودكاست الشهير “المدينة” (The Town)، وبودكاست “الأنكلر”(The Ankler)، ثم امتدت إلى جلسات الوكلاء والمنتجين ومديري الإستوديوهات، لكن لماذا ظهرت هذه العبارة؟ وما دلالاتها؟
يعود تراجع دور هوليود منذ بداية العام الحالي، إلى منصات البث المختلفة التي تعرض محتوى متجددا باستمرار، مما أدى إلى تغيير طريقة مشاهدة الأشخاص للأفلام والبرامج التلفزيونية.
يشترك الأشخاص في خدمات متعددة، ولكن لا يوجد سوى قدر محدود من المحتوى الذي يمكنهم استهلاكه. وهذا يعني عمليات تسريح العمال والصراعات في المكاتب الخلفية بهوليود ما زالت مستمرة، وربما يحدث إضراب جديد إذا لم تحل تلك الخلافات.
بعد انتهاء إضراب هوليود العام الماضي كان الهم الأكبر للقائمين على منصات البث المباشر هو الاستمرار في تحقيق الربح، ورغم الشكل الجديد من العقود التي ألزمت شركات الإنتاج بدفع المزيد للممثلين والكتاب، فإن منصات البث المباشر احتفظت بقدرتها على إنتاج عدد كبير من الأفلام والمسلسلات، وسعت لتوظيف أفضل المبدعين من المجالات المختلفة ووفرت العديد من الفرص لعقد صفقات مستقبلية ناجحة، مما ساعد المنصات على مواكبة الحراك والاستمرارية بنجاح.
الانكماش العظيم
في السنوات التي أعقبت جائحة كورونا حاولت هوليود العمل بأقصى طاقة حتى تستطيع مواكبة صعود منصات البث المباشر مثل نتفليكس وديزني وهولو وغيرها، الذي تزايد بسبب بقاء الجميع في المنازل وإغلاق دور السينما التقليدية، لكنها في النهاية لم تستطع مواكبة المنصات التي تعمل بسرعة لإنتاج محتوى متجدد باستمرار، بميزانيات أقل كثيرا مما تفعله هوليود، بالإضافة إلى سلوك الجمهور الذي اعتاد مشاهدة العروض والأفلام الجديدة من المنزل ومن خلال شاشات الهواتف المحمولة، الأمر الذي لم يكن معتادا من قبل.
عندما يكون للمستهلك رأي
يحمل المشاهد عالما ترفيهيا بالكامل في هاتفه المحمول، حتى أنه يشكو من كثرة العروض المتاحة، وهناك بعض المنصات تقوم بإزالة الأعمال التي يتكرر عدم إكمالها من قبل المشاهدين، الأمر الذي يعطي الجمهور حرية وتنوعا كبيرين لا يتوفران في إنتاج هوليود.
بسبب ذلك توجب على منظومة هوليود محاولة تطوير نفسها من أجل تقوية قدرتها على المنافسة عن طريق دفع الأجور العادلة لصناع الأفلام من أجل دعم توسع الصناعة ورسوخها، خاصة للعاملين في السينما من عمال عاديين وكتاب وغيرهم من الأشخاص الذين تقوم السينما على أكتافهم بعيدا عن النجوم الكبار الذين يكسبون أموالا طائلة.
لم تعد الأجور هي القضية الكبرى التي تواجه هوليود، ولكنها قضية تنويع الأفكار لجذب الجمهور، حيث اختارت منصات البث المباشر أن تتوجه إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور من خلال مناقشة قضايا مختلفة، لذا فإن مستقبل الوسائط المصورة يكمن في توسيع الأفكار واختيار قصص ملهمة ومهمة للجميع.