هل كان “هارت أوف ستون” نسخة باهتة من “المهمة المستحيلة”؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

في الوقت الذي نجح فيه “هارت أوف ستون” (Heart of Stone) في حجز مكان ضمن قائمة أكثر الأعمال مشاهدة على نتفليكس، فإن الفيلم حصل على تقييم متدن للغاية، لم يتجاوز 29%، من نقاد موقع “روتن توميتوز”.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتضارب فيها آراء المشاهدين مع النقاد بشأن أحد أفلام نتفليكس، فكثيرًا ما كانت أهم أعمال المنصة وأشهرها أكثرها تواضعًا من الناحية الفنية، نتيجةً للاعتماد على أسماء النجوم بشكل أساسي، إلى جانب إنتاج الفئات السينمائية المحببة للمتفرجين.

نسخة باهتة

تبدأ أحداث فيلم “هارت أوف ستون” في منتجع شتوي، ونتعرف سريعًا على فريق تابع للمخابرات البريطانية يؤدي مهمة عالية الخطورة، وبينهم بطلة الفيلم “ستون” (الممثلة الإسرائيلية غال غادوت). وتبدو اختصاصية الكومبيوتر هادئة وخجولة، لكن ما أن يشيح زملاؤها بأبصارهم عنها، حتى تتحول إلى مقاتلة شرسة شديدة الذكاء، ليكتشف المشاهدون أنها عميلة مزدوجة، وتعمل لدى منظمة سرية تدعى “شارتر” تسعى للحفاظ على التوازن الأمني العالمي.

تحاول الفتاة الشابة سرقة أهم عوامل نجاح المنظمة، وهو الذكاء الاصطناعي الذي يتحكم في كل مهامها ويدعى “القلب”، وينكشف غطاء ستون، ويُقتل زملاؤها في المخابرات البريطانية، بينما تحاول منظمتها إيقافها لتهورها الشديد، لكنها تقرر الاستمرار في مهمتها حتى النهاية.

تذكرنا حبكة “هارت أوف ستون”، التي تعتمد على فكرة الذكاء الصناعي القادر على التنبؤ بكل شيء، بحبكة أخرى لفيلم عرض مؤخرا واعتبر الأهم خلال عام 2023، وهو أحدث أفلام سلسلة “المهمة المستحيلة” (Mission Impossible) بطولة توم كروز، الذي لم يمر على عرضه أكثر من شهرين.

تتسع مساحة التشابه بين الفيلمين لأكثر من مجرد البحث عن ذكاء اصطناعي، إلى مشاهد الحركة، مثل القفز من أعلى بين الجبال، الذي نفذه توم كروز على متن دراجة نارية، في حين قامت به غادوت مستخدمة مظلة أحد المتزلجين. كما يركز العملان على أهمية التواصل البشري، والتفكير المستقل في مقابل التكنولوجيا التي لا تستطيع مضاهاة العقل الإنساني. كما تتشابه طبيعة الشخصيات الرئيسية، فالعميلة ستون كانت جانحة في صغرها، ثم احتوتها المنظمة، في قصة تشبه ما مرّ به العميل إيثان هانت (توم كروز) مع قسم “المهام المستحيلة”.

التقارب بين موعدي إصدار الفيلمين يؤكد أن “هارت أوف ستون” ليس مأخوذًا من أحدث أفلام “المهمة المستحيلة”، لكن صناعه لم يكونوا بحاجة حتى لمشاهدته لتقديم عمل مشابه، فهم يعتمدون بالأساس على محاكاة عشرات الأفلام السابقة التي تناولت الموضوع نفسه، بيد أن “المهمة المستحيلة” أخذ هذه الأفكار عدة خطوات للأمام، بالإضافة إلى إحكام الصنعة الفنية، بينما يبدو “هارت أوف ستون” في النهاية كما لو أنه إعادة استنساخ بالذكاء الاصطناعي لمجموعة من الأفلام الناجحة، بتغيير بعض المواضع، وجنس البطلة وأماكن التصوير.

محاولة نصف ناجحة

تبدو أفلام الحركة عالية الميزانية، التي قدمتها نتفليكس حتى الآن، نسخا مقلّدة لأفلام شهيرة، على رأسها “أندرغراوند 6″ (6 Underground)، و”ذا غراي مان” (The Gray Man)، و”ريد نوتيس” (Red Notice).

ورغم أن فيلم “هارت أوف ستون” أحد أفلام المنصة التي يسهل نسيانها، فإنه يعد خطوة ملحوظة للأمام، فهو بسيط ولكن متقن من الناحية الفنية، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى المخرج البريطاني توم هاربر الذي اكتسب الخبرة من أعماله السابقة، خاصة المسلسل الشهير “بيكي بلايندرز” (Peaky Blinders)، إلى جانب المصور السينمائي جورج ستيل، وهو ما منح الفيلم دفعة مستمرة من الإثارة وصورة سينمائية مميزة غالبًا ما تغيب عن أعمال نتفليكس، التي تبدو في كثير من الأفلام كما لو تم تصويرها في غرف مظلمة، ثم تم تعديلها بالمؤثرات البصرية.

تم تصوير الفيلم في عديد من المدن حول العالم، وهي صيحة رائجة في الأفلام الهوليودية عالية الميزانية، الأمر الذي يتيح للمشاهد سياحة بصرية مجانية، وكثيرا من الإثارة وهو يرى أبطاله يعيثون فسادًا في مدن أوروبا المختلفة.

ولكن هذه الصورة لم تكن شفيعة للسيناريو الذي لجأ إلى الكليشيهات، سواء من حيث تصاعد الحبكة، أو رسم الشخصيات، أو حتى جانب الكوميديا. كذلك لم يتم بناء الشخصيتين الرئيسيتين، البطلة والشرير، ولم يلقِ المؤلف الضوء عليهما بشكل مناسب، فبدت الشخصيتان كما لو كانتا هياكل جاهزة لشخصيات مشابهة، ولم يوضح السيناريو ماضي ستون الذي دفعها إلى العمل عميلة سرية، أو دوافع تحول “باركر” من ضابط مخابرات إلى شرير منتقم.

وهذا ما انعكس على أداء الممثلين، خاصة جيمي دورنان، الذي أدى دور العميل باركر، فظهر في نصف الفيلم الأول مختلفًا بشكل جذري عن نصفه الثاني، على نحو لا يعكس مجرد تحول في مسار الشخصية، بل تغييرا تاما كما لو أنه لم يستوعب بشكل حقيقي طبيعة وتطورات شخصيته.

ينضم فيلم “هارت أوف ستون” إلى قائمة طويلة من أعمال نتفليكس الاستهلاكية، التي لا تعلق بالذاكرة أكثر من عدة ساعات من مشاهدتها، لكن تلك الأعمال ذاتها هي التي تجذب ملايين المشتركين، لأنها تحضر لهم أشهر النجوم إلى شاشات هواتفهم المحمولة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *