نقطة ضعف أم قوة؟ نقاش حول استخدام اللهجة المصرية في “الحشاشين”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

تحول المسلسل التاريخي “الحشاشين” إلى موضوع نقاش على شبكات التواصل الاجتماعي بعد عرض حلقاته الأولى، بين مؤيد ومعارض لاستخدام اللهجة العامية المصرية الدارجة خلال أحداث المسلسل المعروض في الموسم الرمضاني الحالي 2024.

وتدور أحداث “الحشاشين” في القرن الـ11 الميلادي، حول فرقة الحشاشين الدموية التي أثارت الفزع والخوف وقتها واغتالت عددا من الشخصيات المهمة والأمراء، بقيادة مؤسس الفرقة حسن الصباح الذي يؤدي دوره الفنان كريم عبد العزيز.

وانتقد بعض رواد شبكات التواصل الاجتماعي استخدام اللهجة العامية المصرية على اعتبار أن المسلسل ينتمي إلى الفئة التاريخية وأن اللهجة المعاصرة لم تكن مستخدمة وقتها، ووجدوا في الأمر نقطة ضعف أضرت بالعمل.

في المقابل، وجد آخرون في استخدام اللهجة المصرية نقطة قوة على اعتبار أن بعض أحداث المسلسل وقعت في مصر، وأن اللغة العربية الفصحى لم تكن مستخدمة في الأحداث الحقيقية.

وتفاعل الممثل المصري نبيل الحلفاوي مع الجدل، فكتب عبر حسابه على منصة “إكس”: “بما أننا نستخدم في حواراتنا اليومية العادية اللهجة العامية فنشأت الحاجة لاستخدام لغة غيرها تكون مفهومة للمشاهد لتحقيق البعد الزمني للتاريخ أو البعد اللغوي للأجنبي دون الحاجة لترجمة. فكانت الوسيلة هي الفصحى”.

وتابع، “هذا لا يمنع أن يضحي بعض صناع العمل الفني بتغطية هذين البعدين في سبيل تواصل أيسر وأكثر حميمية وأوسع انتشارا باستخدام اللهجة الدارجة الحالية كبند ضمن الاتفاق المسبق غير المكتوب بينهم وبين المتلقى بتصديق أن فنانينا المعاصرين هم الشخصيات التاريخية أو الأجنبية”.

ودافع متابع على فيسبوك عن استخدام اللهجة العامية بالقول إن من حق البلد المنتج تحديد اللغة المستخدمة وليس شرطا أن تكون مناسبة للفترة الزمنية الخاصة بالأحداث، مستشهدا بمسلسلات مثل “يوسف الصديق” الذي تم إنتاجه باللغة الإيرانية، ومسلسل “صلاح الدين الأيوبي” الذي تم إنتاجه باللغة التركية.

أما الكاتبة الصحفية علا الشافعي -مسؤولة المحتوى الدرامي بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية-، فعلقت بدورها على استخدام اللهجة العامية البيضاء وقالت خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “اليوم” إن الهدف هو الوصول إلى شريحة أكبر من الجمهور من المراهقين والشباب، لذلك لا بد أن يتم استخدام لغة قريبة من أذنهم وهو منهج اختيار سواء المؤلف أو المخرج لذلك خرج العمل بهذا الشكل.

العامية هى الأنسب

من جانبه، قال الناقد محمد سيد عبد الرحيم للجزيرة نت، إن الأعمال التاريخية “ليست كتب تاريخ، وحتى كتب التاريخ لا تقدم الحقيقة الكاملة بالضرورة فهي تقدم رؤية الكاتب وانتماءاته السياسية، كما أننا قد نقرأ كتبا تاريخية في القرن الـ15 عن أحداث في القرن العاشر الميلادي مما يؤكد أن هذه الرؤية لن تكون حقيقية 100%، وبالتالي فالحقيقة التاريخية ليست ثابتة وأيضا اللغات مختلفة واللهجات، ولا يوجد لغة عربية فصحى ثابتة، فحتى في عصر الرسول كان هناك لهجات مختلفة ومدارس مختلفة”.

وأضاف، “هذا يقودنا إلى التساؤل حول اللغة التي يرغب الجمهور في استخدامها، فحتى المسلسلات التاريخية التي قدمت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كانت تكتب بالعربية الفصحى المناسبة لوقتها، لأنه من الصعب أن نقدم عملا باللغة القديمة فلن يفهمها الجمهور”.

وتابع عبد الرحيم، “أساس هذه النوعية من المسلسلات هو أنها تستوحي التاريخ لتلقي من خلاله الضوء على الحياة المعاصرة والحاضر من خلال إسقاطات، وبالتالي لابد وأن يكون هناك ربط بينها وبين المشاهدين وهي اللغة، ولذلك فاللهجة العامية هي الأنسب وهو ما حدث في أفلام يوسف شاهين العامية وحتى العام الماضي بإدخال بعض الجمل العامية ضمن أحداث مسلسل (الإمام الشافعي)”.

كما وصف الناقد الفني رافضي استخدام اللهجة العامية في “الحشاشين” بأنهم “أشخاص محافظون متعصبون لديهم إصرار على تقديم الأعمال بنفس الطريقة التي اعتادوها دون أي تطوير”.

وعن استخدام المؤلف لبعض الجمل المعاصرة لجذب جيل الشباب مثل “باسم الحب” وغيرها من العبارات الشبابية قال، “هذا الأمر من حيث المبدأ جيد لأنه يجذب شريحة الشباب وهم فئة كبيرة من المشاهدين ولكن بشكل خاص وتحديدا في مسلسل “الحشاشين” الأزمة هنا هو ركاكة الحوار، فالمشكلة ليست في اختيار اللغة ولكن الحوار يعتمد على الجمل البراقة لكى يتم استخدامها عبر منصات التواصل الاجتماعي لكنها جمل بلا معنى أو هدف”.

ابتذال الحالة الدرامية

أما الناقد الفني إيهاب التركي، فعقب على الأمر بقوله للجزيرة نت، إن “استخدام اللهجة العامية في حد ذاته ليس مشكلة، لأنه من الصعب في الأعمال التاريخية أن نطلب من الممثل أن يتحدث باللغة الأصلية، ولذلك من المقبول أن تتحدث الشخصيات بأي لغة وأي لهجة، لكن دون استخدام مصطلحات وتخريجات لغوية معاصرة وحديثة وهنا من المفترض أن يستخدم الكاتب اللهجة العامية لكن على أن يحافظ على روح الزمن القديم ومن هنا تأتي مشكلة الحوار في (الحشاشين) خاصة أن اللهجة واللغة المستخدمة من الممكن أن تبتذل الحالة الدرامية وهو ما حدث في المسلسل”.

وتابع التركي أن الشكل المبهر للمسلسل لم يوصله إلى الحالة الملحمية المطلوبة، خاصة وأنه يدور في فترة زمنية ثرية للغاية بعكس المعروض فهو فقير للغاية دراميا.

يشار إلى أن مسلسل “الحشاشين” من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي وبطولة كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وأحمد عيد.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *