بمجرد عرض الحلقات الأولى من “صوت وصورة”، نجح المسلسل باحتلال المرتبة الأولى ضمن قائمة الأعلى مشاهدة عبر منصة “واتش ات”، في حين ذاع صيته على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب طبيعة حبكته التي تنوعت بين الغموض والجريمة من جهة، ولجودته فنيا من جهة أخرى.
يا ترى مين فيهم المتّهم؟
اتفرج على مسلسل #صوت_وصورة على #WATCHIT من الجمعة إلى الثلاثاء قبل عرض التلفزيون بـ ۲٤ ساعة
من هنا https://t.co/AYnsJTNQUa pic.twitter.com/dhZ1M49PP8— WATCH IT (@WatchiTMENA) October 23, 2023
صوت وصورة
مسلسل “صوت وصورة” دراما مصرية تأليف محمد سليمان عبدالمالك وإخراج محمود عبد التواب، وبطولة جماعية شارك بها كل من حنان مطاوع، وصدقي صخر، ونجلاء بدر، ووليد فواز، وعمرو وهبة، ومراد مكرم، وولاء الشريف، وآخرون.
تدور الأحداث حول رضوى بنت الطبقة الفقيرة التي تحاول العثور على فرصة عمل أفضل لمساعدة زوجها في سداد ديونه، فتلتحق بالعمل لدى طبيب أسنان معروف، سرعان ما يحاول التحرش بها فتُقرر الإبلاغ عنه، لكنه يستغل نفوذه وأمواله لنفي الاتهامات عنه واتهامها بالكذب والتشهير به.
يُعثر على الطبيب مقتولا، وبالطبع تُوجّه أصابع الاتهام إلى رضوى، ثم مع مرور الأحداث تتسع دوائر المشتبه بهم حتى تكاد تضم غالبية من بالعمل، مما يزيد الإثارة والتشويق وبالتالي شعبية العمل.
بين الإيجابيات ونقاط الجذب
إيجابيات عديدة تمتع بها العمل، على رأسها الكتابة، إذ أجاد سليمان عبد المالك السيناريو والحوار، وتمثل ذلك في سرد درامي تصاعدي ذي إيقاع متزن، كذلك اهتم عبدالمالك بالتفاصيل التي تعكس الخصائص النفسية لشخصيات الأبطال على تنوع خلفياتهم الثقافية والاجتماعية والمادية.
لم تبرز تلك الاختلافات فقط من خلال الحوار، وإنما تأكدت كذلك عبر لغة الجسد والملابس والإكسسوار والديكور، وهو ما جعل العمل أشبه ببناء هرمي يُكمل بعضه بعضا للخروج في أفضل حالة ممكنة.
أما اختيار الممثلين الذين أُسندت البطولة إليهم، فيكاد يكون مثاليًا، أولا مع حنان مطاوع التي تُقدم أخيرا عملا، جعل الغالبية يجمعون على الإشادة بأدائها، فهي ورغم قوة موهبتها، فإنها قدمت بعض المسلسلات مؤخرًا حصلت خلالها على آراء متفاوتة. لكن هذه المرة، أعرب الكثيرون عن إعجابهم بتجسيدها للشخصية، وخاصة بعد مرور الحلقات الأولى التي غلب عليها الطابع الميلودرامي.
وبعيدا عن حنان مطاوع، هناك عدة أسماء أخرى لفتت الانتباه أكثر كونها كانت مفاجئة أكبر من التوقعات، أولهم وليد فواز الذي سبق أن كشف عن موهبته بمسلسلات أخرى مثل “الرحلة” و”السبع وصايا” و”بدون ذكر أسماء” و”العهد”، غير أن الأعمال التي باتت تُعرض له مؤخرا لم تعطه المساحة الكافية لاستعراض عضلاته الفنية.
ومع دوره هنا في “صوت وصورة”، يعود ليُثبت نفسه مؤكدا قدراته التمثيلية. جسّد فواز شخصية “عبد الغني” بكل خلجاته، نبرة الصوت، الحركة الثقيلة، وحتى الوزن الزائد، تلك الشخصية التي قد تبدو سهلة لكنها في حقيقة الأمر معقدة، فهو شخص ظلمته الحياة، فبات مُسالما إلى حَد الضعف المثير للاشمئزاز، مما يجعل المشاهد تارة يحتقره وتارة يتعاطف معه.
في المرتبة الثانية، تأتي نجلاء بدر في أفضل أدوارها على الإطلاق، حيث لعبت شخصية مركبة لامرأة تُخفي أكثر مما تُظهر، وتضطر للتعامل بثبات انفعالي مع أولادها والمجتمع والقضاء رغم كل ما بداخلها من هشاشة وانكسار إثر فضائح زوجها المتتالية وتأكدها من خيانته لها، ذلك الوجع الذي تُداريه بكل طاقتها لكنه يتسلل للمشاهد عبر نظراتها الزائغة ودموعها المُعلّقة ونبرات صوتها المرتجفة أحيانا.
أما صدقي صخر، الذي تُتاح له للمرة الأولى مساحة درامية أكبر من المعتاد، فقد استطاع إثبات تمتعه بموهبة جيدة ستبرز أكثر مع اختياراته الإيجابية بعدما جذب الانتباه بمسلسل “ريفو”. بالإضافة إلى موهبته يتمتع صخر بإطلالة ذات خفة وتلقائية جذابة، ظهرت أكثر خلال العلاقة الثنائية التي جمعته بعمرو وهبة، الذي يلعب دور مساعده بالمسلسل.
كان عمرو وهبة هو الوجه الوحيد المُبهج بين كافة الأحداث السوداوية الأخرى بالكوميديا الخفيفة التي قدمها، مما جعل الجمهور يُطالب -ساخرا- بتعميم دوره بكافة المسلسلات الدرامية الثقيلة.
المُطالبة بتعديل قوانين العمل
يُذكر أن مؤسسة المرأة الجديدة التي تدعم حقوق النساء في مصر، استغلت أحداث المسلسل لإعادة طرح أهمية وجود نص واضح وصريح ضمن قانون العمل للحماية من العنف والتحرشات الجنسية.
وهو ما أكدت المؤسسة أنه لن يتحقق على أرض الواقع إلا بتصديق مصر على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 والتوصية 206 الملحقة بها، كونها تُقدّم حلولا واقعية وحاسمة تُفعِّل آليات ذات جدوى سواء للإبلاغ أو التحقيق بمسائل التحرش والإساءات.
الأول من نوعه
بخلاف الجودة الفنية والحبكة التي تزداد تشويقا، يُحسب لـ”صوت وصورة” كونه الأول من نوعه بالدراما العربية الذي يستعرض فكرة الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن استغلاله في قلب الحقائق أو حتى إشعال منصات التواصل بفيديوهات ملفقة يصعب تفريقها عن الحقيقية.
سلّط العمل الضوء على منصات التواصل التي يمكن لها أن تكون سلاحا ذا حدين، تارة بمنح الضحايا الفرصة لمخاطبة الجمهور والكشف عن الظلم الذي وقع عليهم، وتارة أخرى بنشر أكاذيب مُضللة، والأخطر استغلالها كل شيء وأي شيء لخلق ضجة وعمل إعلانات لتصدر محركات البحث حتى لو جاء ذلك على حساب القيم المجتمعية والإنسانية.
على خلاف الدراما المعتادة مؤخرا التي تحاول الانتصار للمرأة طوال الخط، أشار صانعو العمل لأحد حقوق الآباء المهدرة، إذ شاهدنا المحامي لطفي عبود (صدقي صخر) الذي طلق زوجته، ويُعاني من تعنتها في السماح له برؤية ابنه رغم إنفاقه على الطفل ومنحها كافة حقوقها.
من القاتل؟
بعد وصول العمل إلى منتصفه وبدلا من الاقتراب من الجاني، مازالت الأحداث تزداد غموضا والخيوط الدرامية اتساعا ليصبح الجميع مُشتبها بهم، بداية من رضوى (حنان مطاوع) ضحية التحرش وزوجها، مرورا بسكرتيرة العيادة، وزوجة المجني عليه وصولا إلى ولديه بل ومحامي الدفاع شخصيا.. فهل فعلها أحدهم أم يصبح الجاني طرفا جديدا تماما؟