شكل عبد الرحمن الكواكبي -أحد أشهر دعاة الإصلاح والنهضة العرب في النصف الثاني من القرن 19- ظاهرة ما زالت تدرس حتى يومنا هذا، ولا يزال إرثه حاضرا من خلال أهم كتبه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” و”أم القرى” فضلا عن مقالاته واشتغاله بالصحافة والتأليف، ومواقفه السياسية الحادة التي وقف فيها مهاجما ظاهرة الاستبداد السياسي في عهد الدولة العثمانية وفساد رجال الدين والفكر.
وضم إرث الكواكبي شرحا لآرائه وتوصيات تتعلق بالإصلاح الديني والسياسي وعلاقة العلماء بالحكام، ومنعهم من استغلال الدين لترسيخ سلطتهم، وذلك ما جعل فئة من المفكرين في العصر الحديث يصفونه بأنه من أوائل المفكرين القوميين العلمانيين العرب.
هذه الدعوى التي تولاها الباحث السوري جان دايه، أحد أقطاب الحزب القومي السوري، أثارت الجدل، ودفعت محقق تراث الكواكبي الدكتور المصري محمد عمارة إلى التصدي لها، نافيا عنه هذا الوصف جملة وتفصيلا.
الكواكبي من الميلاد إلى الهجرة
وُلِد عبد الرحمن بن أحمد الكواكبي عام 1854 في مدينة حلب لأسرة عريقة تمتد جذورها إلى النسب الهاشمي من جهة والده ووالدته. وهناك نشأ عبد الرحمن في بيئة علمية وأدبية حافلة، حيث كان والده شيخا ومدرسا في المدرسة الكواكبية بالمدينة، ولكنه فَقد والدته في السادسة من عمره، فتولّت خالته السيدة صفية تربيته في مدينة أنطاكية لمدة 3 سنوات.
وفي هذه المدينة تلقى تعليمه الأولي واكتسب بعض المعرفة باللغة التركية العثمانية التي استكمل دراستها لاحقا في حلب، إلى جانب تعلمه الفارسية، فضلًا عن إتقانه اللغة العربية حتى بلغ فيها مرتبة أهل الفكر والنبوغ.
ومع بلوغه الحادية والعشرين، انخرط الكواكبي بهمّة في الحياة العملية، فشغل مناصب متنوعة، إذ عمل محررا في جريدة رسمية، ثم رئيسا لكتّاب المحكمة الشرعية، وقاضيا شرعيا في إحدى البلدات السورية، ثم تولى رئاسة البلدية، ولكنه كان يملّ هذه الوظائف الحكومية فيعتزلها بين الحين والآخر، ليتجه إلى شغفه الأكبر، وهو المجال الفكري والديني.
كذلك حرص على تأسيس بعض الصحف ليبثّ فيها ما كان يراه ويقتنع به، وكانت على رأسها جريدة الشهباء، وعندما كانت السلطات تغلقها قسرا كان يتجه إلى العمل التجاري أو يسهم في مشاريع عمرانية مختلفة، فأكسبه ذلك خبرة واسعة في مجالات متعددة. غير أنه، في كل هذه المجالات، كان يصطدم بفساد الإدارة واستبداد الولاة، فخاض مواجهات معهم، تارة ينتصر فيها عليهم، وتارة يتعرض لبطشهم.
كان الكواكبي شديد الاستياء من الفساد الإداري والبيروقراطي الذي استشرى في بلاد الشام تحت الحكم العثماني، مما دفعه إلى التصدي لهذا الاستبداد وغياب التعددية في الآراء.
وبسبب جرأته ومواقفه الصريحة، نال ثقة كبار وجهاء حلب الذين لجؤوا إليه للاستشارة والاستفادة من أفكاره، لكن سرعان ما وجد نفسه في مواجهة مؤامرات ودسائس حيكت ضده من قبل رجال الحكم، يتقدمهم والي حلب العثماني آنذاك عارف باشا.

سعى عارف باشا إلى تشويه سمعة الكواكبي، فرفع إلى السلطات في إسطنبول تقارير مكذوبة تحذّر من آراء الكواكبي الناقدة وخطورتها على السلم العام، ولم يكتف بذلك، بل لفّق له تهمة التخابر مع دولة أجنبية والتآمر لتسليم حلب، مستخدمًا مستندات مزورة لإدانته.
وتحت هذا المسوّغ، أمر باعتقاله وطالب بمحاكمته وشنقه، غير أن الكواكبي بمساندة جمع من مؤيديه بذل جهودا كبيرة لنقل محاكمته إلى ولاية أخرى طلبا للعدالة، وتفاديا لتأثير عارف باشا. وبالفعل، جرت محاكمته في بيروت حيث ثبتت براءته وزال زيف الادعاءات السابقة، وأمام هذه الفضيحة وما انكشف من خيانة وتلاعب صدر قرار من السلطان عبد الحميد الثاني بعزل عارف باشا من منصبه.
حين فُرضت على الكواكبي قيود المراقبة والتضييق عام 1886 رفض الامتثال لها، فاستقال من منصبيه في مأمورية الإجراء ومحكمة التجارة، ليتفرغ لمهنة كتابة شكاوى المظلومين وتحرير عرائضهم ضد الموظفين والولاة العثمانيين، فأصبح ملجأ للناس والمظلومين وذوي الحاجات، وأتاح له ذلك الاطلاع على تفاصيل معاناتهم وما حفلت به حياتهم من شقاء وقصص تفوق الخيال، كما أكسبه هذا التعاطف مكانة في قلوبهم.
وأمام هذا الواقع والتضييق الذي تعرض له، وجد الكواكبي أن الوقت قد حان للهجرة من بلاد الشام إلى مكان آخر يجد فيه حريته الشخصية والفكرية.

الهجرة إلى مصر والوفاة
وجد الكواكبي في مصر متنفسًا لأفكاره وحرية أوسع للتعبير عن آرائه، إذ التقى هناك بمجتمع نابض بالحياة من المفكرين والمثقفين والثوار، كان من بينهم الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا، والمفكر محمد كرد علي، وإبراهيم سليم النجار، وطاهر الجزائري، وعبد القادر المغربي، ورفيق العظم، إلى جانب العديد من الصحفيين والكتّاب الذين تأثروا بفكر جمال الدين الأفغاني.
وكان يجتمع بهم أو ببعضهم بانتظام كل مساء في مقهى بالقاهرة، بينما اختار الإقامة في شارع الإمام الحسين، بالقرب من الأزهر الشريف، في قلب القاهرة القديمة.
وفي ظل الخلافات السياسية المتصاعدة وقتئذ بين الدولة العثمانية ومصر التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، حظي الكواكبي بدعم خديوي مصر عباس حلمي الثاني (حكم بين 1892-1914) الذي قرّبه إليه وتكفّل بمنحه معاشا شهريا، الأمر الذي مكّن الكواكبي من نشر أفكاره بحرية، خاصة تلك التي انتقد فيها سياسات السلطان عبد الحميد.
كما أن حديث الكواكبي المتزايد عن فكرة إقامة خلافة يكون خليفتها من العرب -وهي فكرة يُعتقد أن عباس حلمي لم يكن بعيدا عن الترويج لها- أثار حفيظة العثمانيين الذين رأوا في الكواكبي تهديدا وتحديا لهم.
ولكن في مساء الخميس 6 ربيع الأول 1320 للهجرة الموافق لـ14 يونيو/حزيران 1902 للميلاد توفي الكواكبي بصورة مفاجئة، حتى قيل إنه اغتيل بدسّ السم، وقد اختلفت الآراء في سبب الوفاة بحسب ما يذكر صديقه محمد كرد علي في مذكراته.
كانت وفاته صدمة كبرى للمجتمع الفكري في مصر، وعلى إثرها أمر الخديوي عباس حلمي بدفنه على نفقته في قرافة القاهرة بجبل المقطم، كما أقام له صديقه الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد مأتما استمر 3 أيام، ونعاه كبار العلماء والأدباء والشعراء في مصر.
الكواكبي ورؤيته للإصلاح
من خلال عمله في الصحافة والقضاء، تمكن الكواكبي من كشف فساد العديد من رجالات الدولة العثمانية، وعندما أفلت من حبل المشنقة الذي أعدّه له والي حلب لإخماد صوته إلى الأبد، فرَّ أولًا إلى بيروت ثم إلى القاهرة التي دخلها عام 1899، حيث أدرك عمق معاناة الأمة العربية وضرورة إحيائها ببث روح جديدة في أبنائها بمقاومة الاستبداد والظلم والتأخر الحضاري والفكري.
وقد بلور أفكاره هذه في كتابيه “أم القرى” و”طبائع الاستبداد” ومقالاته التي بثها في “الشهباء” و”الاعتدال” و”المقطم” و”المؤيد” وغيرها، وبهذا أصبح الكواكبي أحد أبرز رواد الفكر والإصلاح في التاريخ العربي الحديث، وحظي بتقدير الباحثين والأجيال المتعاقبة، باعتباره من أوائل من شخّصوا أمراض الأمة ووضع لها العلاج الأمثل في العصر الحديث.
كانت معارضة الكواكبي للحكم العثماني عاملا رئيسيا في تأليب الرأي العام العربي على الأتراك، الأمر الذي ربما أسهم لاحقا -ضمن عوامل أخرى على رأسها الحرب العالمية الأولى- في سقوط الدولة العثمانية، وهو ما دعا إليه الكواكبي علنًا وعبّر عنه في مختلف المحافل، فقد رأى أن السلطة العثمانية كانت استبدادية ومركزية، تفتقر إلى العدل والمساواة.
ولهذا السبب، وكما يقول أحمد أمين في كتابه “فيض الخاطر” إن الكواكبي “تعرّض للنزاع القائم بين التُّرك والعرب في زمنه، وناصرَ العرب على الترك، ورأى أنهم أصلح للأخذ بزمام الدولة، ووضع مشروعا لنظام الحكم بيَّنه وأوضحه”، وذلك في كتابه الشهير “أم القرى”.
والأمر اللافت أن الكواكبي دعا إلى فصل العلماء عن مؤسسة الحكم في الدولة، وهي دعوة فُسّرت أحيانا على أنها تأييد لفصل الدين عن الدولة، الأمر الذي يجعله من أوائل المنظرين للعلمانية، كما وجّه انتقادات حادة للعلماء الرسميين، المعروفين اليوم بعلماء السلطة، موضحا أن أي مجتمع يعاني من الاستبداد السياسي ينجرّ حتما إلى استبداد ديني يُستخدم لتعزيز سيطرة الحاكم على الرعية.

تحقيق تراث الكواكبي
رُبما فهمت هذه المبادئ التي دعا إليها الكواكبي على أنها دعوة صريحة لتبنّي العلمانية خيارا مطلقا في الدين والسياسة، ولهذا السبب كان أنصار الحزب القومي السوري في النصف الأول في القرن العشرين ممن بذلوا جهودا كبيرة في تصوير الشيخ عبد الرحمن الكواكبي على أنه من أنصار العلمانية، والزعم بأنه كان تقدميا، في مقابل تصويرهم الشيخين جمال الدين الأفغاني (توفي 1898) ومحمد عبده (توفي 1905) كشخصيات رجعية ضد التقدم والعلمانية.
عكف الدكتور محمد عمارة على تحقيق تراث عبد الرحمن الكواكبي وإصداره في خمسينيات القرن العشرين وستينياته، ثم حرص في أوائل القرن الحادي والعشرين على إصدار كتابه “الشيخ عبد الرحمن الكواكبي.. هل كان علمانيا؟” وجعله أيضا تقديما لمجموعة الأعمال الكاملة للكواكبي، ليجيب فيه عن هذا التساؤل الذي أثاره ما طرحه جان دايه ومؤيدوه من الحزب القومي السوري.
ونظرا لانتشار هذه الدعوى، تصدى الدكتور عمارة، بطلب من حفيد الكواكبي واسمه عبد الرحمن أيضا، كما قال عمارة، للتفصيل في المسألة والحكم فيها بأناة، وذلك باعتماده على تراث الكواكبي.

بدأ جان دايه بجمع مقالاته وحللها في كتابه “صحافة الكواكبي”، ثم تطور به الأمر ليعكف على تراث الكواكبي كاملا ويقطع بأن الرجل كان علمانيا قوميا، وأصدر في سبيل ذلك كتابه الثاني “الإمام الكواكبي.. فصل الدين عن الدولة”.
وقد اعتبر جان دايه أن “الكواكبي هو رائد القائلين بمبدأ فصل الدين عن الدولة على صعيد الأئمة والكُتّاب المسلمين، فلم يبرُز أي كاتب مسلم قبله قال بضرورة الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية، مما يرجح الاستنتاج بأن الكواكبي هو الذي شق هذه الطريق الطويلة الشاقة”.
ويستعرض دايه أدلته في هذا السياق، فيؤكد أن الكواكبي عرض هذه الرؤية في جريدة المقطم المصرية، ويقول “جاء تعبير الكواكبي عن فصل الدين عن الدولة وإيمانه به أكثر وضوحا وقوة مما هو عليه في جريدتيه الشهباء والاعتدال، وكتابيه أم القرى وطبائع الاستبداد”.
عمارة يفند الدعوى
وردا على هذه الدعوى، عاد عمارة إلى نصوص الكواكبي نفسه وتراثه وعكف عليه، ورأى أنه قسّم مذاهب الإصلاح الديني والسياسي والفكري إلى 3 مناهج، الأول منها منهج الأنبياء وأتباعهم من الحكماء والأوائل، الذين انطلقوا في إصلاحهم من الفطرة الدينية التي تهدف إلى تحرير الضمائر.
أما المنهج الثاني فقاده أصحاب العقلانية المجردة من الدين، الذين نقلوا أممهم من قيد الدين وآدابه النفسية إلى التربية الطبيعية. أما المنهج الثالث فقد تزعمه العقلانيون المتطرفون من اللادينيين، الذين أسسوا الجمهورية الفرنسية على فكرة فصل الدين عن الدولة.
وقد تأمل الكواكبي في هذه المناهج بصورة دقيقة، وأعلن رفضه للغلو العقلاني الذي تبناه أصحاب العلمانية وفصل الدين عن الدولة على غرار نموذج الجمهورية الفرنسية.
وأشار إلى أنه إذا كان هناك مبرر لتفضيل الإصلاح بالعلمانية بدلا من الإصلاح بالدين في السياق الأوروبي، حيث ساد اللاهوت الخرافي الذي يطيع ما لا يعقل، فإن هذا المبرر لا يوجد ولا يمكن القبول به في المجتمعات التي تقوم على الأديان العقلية البحتة، مثل الإسلام الذي وُصف بدين الفطرة ودين القرآن الذي يمكن لكل إنسان غير مقيد الفكر أن يفهمه.
فالدين المبني على العقل مثل الإسلام، كما يقرر الكواكبي في كتابه “طبائع الاستبداد”، هو أفضل وسيلة لحماية الفكر من الوقوع في مصايد الخرافات، وهو أقوى عامل لضبط النفس ومنع الانحراف، وأكبر تأثيرا في تهذيب الأخلاق، وأعظم معونة في مواجهة مشاق الحياة، وأشد تحفيزًا على الأعمال المهمة والخطرة، وأعظم تثبيتا للمبادئ الشريفة. وفي النهاية، فإنه يمثل أدق مقياس يمكن من خلاله قياس الأحوال النفسية للأمم والأفراد، سواء في الرقي أو في الانحطاط.
وبعد حديثه عن تميز الإسلام بالعقلانية، وقدرته على أن يكون طريقًا للرقي الفردي والاجتماعي للأفراد والأمم، دعا الكواكبي الشرقيين إلى رفض اتباع الغربيين الذين ابتعدوا عن الدين. وقال في كتابه طبائع الاستبداد “ليس من شأن الشرقي أن يسير مع الغربي في طريق واحدة، فإن طباعه لا تطاوعه على استباحة ما يستحسنه هذا الغربي”.
وقد وجّه الكواكبي الدعوة لحكماء الشرق إلى إعادة النظر في الدين، ليعودوا به إلى جوهره الصافي، البريء من كل ما يشين، ويعزز من قدرة الإنسان على التحكم في إرادته. فالدين كما يرى هو المخلِّص من شقاء الاستبداد والاستعباد، وهو الذي يرشدُ إلى طرق التعليم والتعلم السليمة، مما يسهم في بناء التربية الجيدة واستقرار الأخلاق، وبذلك يصبح الإنسان إنسانا، ومن خلاله -لا بالكفر- يمكن للناس أن يعيشوا إخوة.

اتباع الغرب بين الإثبات والنفي
على أن جان دايه يستشهد بكثير من أقوال الكواكبي التي تؤيد دعواه بفصل الدين عن الدولة، ففي كتابه الأشهر “طبائع الاستبداد” يطلب الكواكبي صراحة أن يسير العرب على نمط الأمم الغربية قائلا “هذه أمم أوستريا (النمسا) وأمريكا قد هداها العلم لطرائق شتى وأصول راسخة للاتحاد الوطني دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري، فما بالنا لا نفتكر في أن نتبع إحدى تلك الطرائق أو شبهها”.
ولكن عمارة يرد على جان دايه استشهاده بهذا النصّ المقتطع عن سياقه، ويقول في كتابه “الشيخ عبد الرحمن الكواكبي.. هل كان علمانيا؟” إن دايه أخطأ في هذا الاستشهاد؛ لأن حديثه هنا موجّه إلى العرب غير المسلمين، فقبله يقول “يا قوم، أعني بكم الناطقين بالضاد من غير المسلمين”، وهم الذين تجمعهم مع المسلمين روابط الوطنية والقومية، وكما يقول عمارة “الكواكبي يدعوهم إلى الاتحاد مع المسلمين على أساس هذه الروابط الجامعة، وإلى نزع فتيل الخلاف الديني، وليس في هذه العبارات ما يعني فصل الدين الإسلامي عن الدولة الجامعة للرعية، متعددة الديانات”.
وكما يرى عمارة، فإن الكواكبي يحذر العرب من غير المسلمين من دعوات الارتباط الديني مع الدول الغربية الاستعمارية، وما وراءها من استغلال خطير يفتت من وحدة الشرق والعرب، خاصة في ظل حماية فرنسا للكاثوليك، وحماية روسيا للأرثوذكس، وحماية بريطانيا لليهود والبروتستانت من الأقليات في الدولة العثمانية وقتئذ.
ويؤكد هذا ما ذكره الكواكبي بنفسه في كتابه “طبائع الاستبداد” حين يقول “أدعوكم وأخصّ منكم النجباء للتبصر والتبصير فيما آل إليه المصير، أليس مطلق العربي أخفّ استحقارا لأخيه الغربي؟ هذا الغربي قد أصبح مادّيا لا دين له غير الكسب، فما تظاهرُه مع بعضنا بالإخاء الديني إلا مخادعةً وكَذِبا. هؤلاء الفرنسيس يطاردون أهل الدين، ويعملون على أنهم يتناسونه، بناءً عليه؛ لا تكون دعواهم الدين في الشرق، إلا كما يغرد الصياد وراء الأشباك”.