فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن أنفسهم

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

يوفّر مسرح “فوسفوروس ثياتر” في شرق لندن فرصة للمهاجرين، شبابا وطالبي لجوء، لاعتلاء خشبة المسرح والتحدث عن تاريخهم، في سياق سياسي تشهد فيه المملكة المتحدة زيادة في حدّة المواقف العدائية تجاه المهاجرين.

في الأستوديو الخافت الإضاءة، ينكبّ عدد قليل من الممثلين على وضع ملاحظات على نصوصهم والتدرّب همسا على حفظ الجمل الموكَلة إليهم. ومن هؤلاء إسماعيل محمد (20 عاما) الذي كان شابا خجولا، لا يجرؤ على التحدث بصوت عالٍ أمام زملائه في الجامعة، لكنه بات اليوم يقدّم عروضا على مسارح في كل أنحاء المملكة المتحدة.

وهذا اللاجئ الشاب وصل إلى الأراضي البريطانية عندما كان في الـ16، بعد أن قام بالرحلة بمفرده من شرق أفريقيا.

وقال لوكالة فرانس برس “لا أحد يستطيع أن يروي قصتك بالجودة التي ترويها بها، ولا أن يتحدث كما تفعل عن الطريقة التي عشت بها (الرحلة) أو التي وصلت بها إلى هنا”.

وتروي مسرحية “ليّن” (Tender)، وهي أحدث إنتاجات الفرقة، قصة مجموعة من الأصدقاء اللاجئين الذين يعيشون في لندن، والصعوبات المالية التي يواجهونها، والتضامن الذي يجمعهم للتغلب على المحن.

واستوحت هذه المسرحية القصص الشخصية للممثلين، وهم أنفسهم لاجئون أو طالبو لجوء، والقصص التي رووها عن رحلتهم ووصولهم إلى المملكة المتحدة.

ولاحظ لاجئ إثيوبي شاب يدعى أبيل أن لظهوره أمام الآخرين وإسماع صوته مفعولا “علاجيا”.

إبداع لدعم المهاجرين

وأملت المديرة الفنية المشاركة للفرقة كيت دافي سيدي التي عملت سابقا كأخصائية اجتماعية للاجئين، في أن تساعد مسرحيتُهم على مكافحة بعض الأحكام المسبقة السائدة في المملكة المتحدة، حيث شهدت سياسة مكافحة الهجرة تشددا متزايدا في السنوات الأخيرة.

وأقرّ البرلمان البريطاني أخيرا مشروع قانون مثيرا للجدل يهدف إلى ترحيل المهاجرين الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى الأراضي البريطانية، إلى رواندا.

وكشف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن من المرتقب أن تبدأ عمليات الترحيل في خلال 10 إلى 12 أسبوعا. ولا يعرف طالبو اللجوء الموجودون في بريطانيا ما سيحلّ بهم في الأشهر المقبلة.

ورأت كيت دافي سيدي أن هؤلاء الشباب الذين شاءت إشراكهم في العملية الإبداعية “إما يُنظر إليهم على أنهم مجرمون، أو ضحايا لا يتمتعون بأية إرادة خاصة”.

شاركت دافّي سيدي في تأسيس مسرح “فوسفوروس ثياتر” عام 2015 مع والدتها الكاتبة المسرحية دون هاريسون. ومن الواضح أن التدريبات، بعد مرور 8 سنوات، لم تعد تجري في نفس الأجواء على الإطلاق.

وبعد إقرار القانون الخاص برواندا، نددت الأمم المتحدة بالقوانين البريطانية التي “قوّضت فرص الانتفاع من الحماية في أوساط اللاجئين في بريطانيا منذ 2022″، وفق البيان المشترك.

واعتبر إسماعيل محمد أن الأشخاص الذين يأتون إلى المملكة المتحدة “ليس من أجل عيش حياة رخاء، ولكن ببساطة من أجل أن يكونوا آمنين”، واصفا ذلك بأنه “محزن جدا”.

واعتبر أبيل أن المسرح “يستطيع على الأقل أن يساعد الناس على إدراك هذا الواقع، ويسمح للمشاهدين باكتشاف” ما عاشه اللاجئون خلال رحلتهم.

وسيتم قريبا عرض “ليّن”، وهو العمل الخامس للفرقة، في لندن وديربي (وسط) ومانشستر (شمال غرب إنجلترا).

وفي كل مكان ذهبت إليه الفرقة في السنوات الأخيرة، كانت تتلقى استقبالا إيجابيا.

وتؤكد سيدي: “حتى لو نسهم في تحقيق تقدّم في ملفاتهم أو إجراءاتهم القانونية، فإننا نوفّر مساحات يمكن أن توجد فيها قصص عن الهجرة القسرية والأمل في مستقبل أفضل وتمثيل أكثر إيجابية للمهاجرين واللاجئين”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *