يعد من أبرز الروائيين الجزائريين الذين عاشوا ازدواجية لغوية بين العربية والفرنسية، لكنها لم تمنعه من الاعتزاز بهويته والدفاع عن قضايا أمته.
وتناولت حلقة (2024/10/8) من برنامج “تأملات” -التي تبث على منصة الجزيرة 360– محطات من حياة الروائي الجزائري رشيد حسن بوجدرة، الذي تخطى 80 عاما.
ولا يزال اسم بوجدرة لامعا في الإعلام ولو بشكل جزئي، وذلك بسبب تصريحاته الخارجة عن المألوف في السياسة والمجتمع.
ولد بوجدرة في عين بيضاء بالجزائر عام 1941، درس القرآن في الكُتّاب منذ سن الرابعة، ثم التحق بالمدرسة الفرنسية الابتدائية صباحا وبمدرسة لتعلم العربية مساءً، ويقول إنه كان يقضي 15 ساعة كل يوم في الدراسة.
أرسله والده إلى تونس في المرحلة الثانوية، حيث درس باللغتين العربية والفرنسية معا، وكانت حينها تونس والجزائر تحت الاحتلال الفرنسي.
انخرط بوجدرة الشاب في جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، ومنذ البداية كان متبنيا للفكر الماركسي واستمر على هذا التوجه حتى اليوم.
تأثر في طفولته برؤية الظلم الواقع على العمال في أراضي والده، حيث كانوا يسكنون في إسطبلات الخيل، كما تأثر بجده لأمه وخاله اللذين كانا شيوعيين أيضا.
ازدواجية لغوية
عاش بوجدرة حياته الأدبية في ازدواجية لغوية بين العربية والفرنسية، وكتب بالفرنسية وترجم نفسه بنفسه للعربية، ثم كتب بالعربية وترجم نفسه للفرنسية.
ولاحقا، أصبح يفضل أن يترك الترجمة لغيره لأنه كان عندما يترجم نفسه يغير في الرواية كثيرا حتى تصبح كأنها تأليف جديد.
ويقول بوجدرة عن تجربته الكتابية: “عندما بدأت أكتب بالفرنسية، ظللت أحتفظ بالحنين إلى العربية، والمرء في أي لغة من اللغات لا يكتب بريئا”، ويضيف: “كل لغة تحمل معها نغمة سياسية وعاطفية”.
ويرى بوجدرة أن الافتتان بالغرب حقيقي وملموس وأن من تنكروا لبيئتهم غالبا يقلدون ما هو تافه لا ما هو مبدع.
تميز بوجدرة بجرأته في انتقاد عيوب القضية الوطنية الجزائرية والتصريح بها، مستمدا شجاعته من موقفين، وهما اعتزاله خلال العشرية السوداء، ونضاله ضد الاستعمار الفرنسي حيث حمل السلاح.
يقول: “تجنبت الوقوع في فخ الأدب المناوئ للاستعمار، الأمر الذي قام به كثير من الكتاب الجزائريين لأنهم لم يشاركوا في الحرب، فهم يعانون من العقد ويحاولون شراء ضمائرهم”.
ورغم الجدل حول تصريحاته الإعلامية والتي يراها البعض “تعويضا عن نضوب إبداعي”، يبقى إسهام بوجدرة في الرواية الجزائرية لا سبيل لإنكاره.
ويبقى السؤال حول الأدب المغاربي الجائر بين العربية والفرنسية قائما، هل هو إبداعٌ وتجديد أم انعكاس لمرحلة تعبيرية ترجم فيها اللسان خلجات القلب من خلال وسيط لغوي؟.