رشيد مشهراوي: مشروع أفلام “من المسافة صفر” ينقل حقيقة ما يعيشه أهل غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

يقف عدد من صناع الأفلام وسط الخراب والدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حاملين كاميراتهم ليسجلوا قصصا وحكايا من داخل القطاع في إطار مشروع “من المسافة صفر” للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي.

الجزيرة نت التقت المخرج الفلسطيني العالمي، ليتحدث عن تفاصيل المشروع الذي تم الاحتفاء به على الصعيدين العربي والدولي.

  • انتشرت عبارة “من المسافة صفر” بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، ألم تخف من أن يتسبب ذلك في تحفظ بعض الفعاليات العالمية من مشاركة المشروع؟ وما دلالة الاسم ورمزيته بالنسبة لك؟

“من المسافة صفر” هي أفلام تصور من المسافة صفر بالفعل، فالمبادرة تعطي الفرصة للسينمائيين الموجودين في فلسطين ويعيشون الأحداث عن قرب ليقدموا حكاياتهم السينمائية، لأن هذا ما يميز الفيلم الذي تم تنفيذه خلال الحرب، فهذا السينمائي شريك بكل ما يحدث، ومن هنا جاءت التسمية.

بالتأكيد لا نخاف من أن يكون هناك أي تحفظ، لأننا حين نفكر في نشاط أو أفلام يكون التركيز على ما نقوم به أولا، فنحن لا ننفذ أفلاما لجهة محددة، وبالفعل هناك اهتمام كبير بالمشروع، ليس على المستوى العربي فقط، بل على المستوى الأجنبي أيضا.

  • بما أن المشروع لاقى اهتماما كبيرا منذ الإعلان عنه هل تلقيت دعما من جهات أو أفراد آخرين؟

هناك مساهمات صغيرة من جهات عدة يمكن اعتبارها دعما أو مساندة، لكنها ليست الطريقة المعتادة في تمويل الأفلام التي ننفذها، هذا الدعم مرتبط بدعم الحالة في غزة، ومن أهم الجهات التي قدمت المساندة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وبعض المؤسسات والشركات، ومعظم العاملين في المشروع من المتطوعين، لأن المبادرة ليست تجارية، إذا نجح المشروع ماديا فإن أي دعم سيكون للسينمائيين والسينما في غزة أيضا.

  • دائما ما تواجه صناعة السينما في فلسطين تحديات وعراقيل عانيت منها أنت شخصيا.. فهل ذلك كان سببا في دعمك للمبادرة وللصناع داخل غزة لتقلل الضغوط عنهم؟

لدي عادة كسينمائي فلسطيني -من غزة تحديدا- بإطلاق مبادرة على مستوى كبير وعلى نطاق واسع بالتزامن مع أي حدث كبير ومؤثر في حياتنا، كانت الحرب هذه المرة بالنسبة لي مختلفة بشكلها وحجمها وعدد الضحايا وحجم الكارثة والكابوس.

قررت بعد بدء الحرب أن ألعب دور الجسر بين السينمائيين الموجودين في الداخل وبين العالم من خلال تجاربي السابقة وعلاقاتي مع الإعلام والمهرجانات والقنوات التلفزيونية وأصدقاء وزملاء سينمائيين، فجميعنا لدينا هدف واحد هو أن نحكي قصصا من غزة من المستحيل أن يراها العالم إذا لم نقدمها من خلال المشروع بعيدا عن الأخبار والشعارات.

الأفلام تعيش لفترة طويلة بقيمتها الفنية والسينمائية، فهي ليست مجرد ردة فعل.

  • هل كانت هناك شروط معينة في اختيار صناع الأفلام؟

بالطبع، كانت لدينا معايير واضحة تماما لاختيار الأفلام ابتداء من الفكرة، أولا لا بد أن تكون حكاية لم تحكَ من قبل، وأن تبتعد عن التقارير والتحقيقات المصورة والأخبار والأشياء التي شاهدها العالم خلال الأشهر الماضية.

وثانيا، أن يكون المخرج أو المخرجة فنانا وموهوبا حتى لو كان هذا فيلمه الأول، لكن لا بد أن تكون لديه القدرة على تنفيذ فيلم سينمائي.

ثم أن تكون الفكرة نفسها قابلة للتنفيذ، فنحن نعرف المعطيات على الأرض والفرق بين الأماكن وطريقة التنقلات والحياة اليومية، ونحن نقدم أفلاما خلال اللجوء وتحت القصف ومع أشخاص يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، ويصارعون لتدبير الطعام والماء لأسرهم، وهم نفس الأشخاص الذين سيقومون بتنفيذ الفيلم السينمائي.

  • ما المعدات التي تم استخدامها في المشروع؟ وكيف تعاملتم مع عمليات مع بعد التصوير؟

كان التصويرمن خلال كاميرات “4 كيه ديجتال إتش دي” وجميعها رقمية، التصوير تم على مستوى عال، لتكون قابلة للعرض على شاشة كبيرة سينمائيا، بجانب ذلك سمحنا التصوير بالهاتف إذا كانت الجودة توازي الكاميرا الديجتال، وذلك لإعطاء فرصة لأكبر عدد من الأشخاص للمشاركة ولتسهيل التنقل والتصوير والحركة.

هناك أفلام تم تصويرها بالهاتف، العمل على المشروع كان إنتاجا سينمائيا حقيقيا، وكنا نقوم بتدريب ورعاية واستشارة وتوجيه السينمائيين لكي نؤهلهم ونؤسسهم ونعلمهم لكي يقوموا بتقديم أفلام دون تنازلات فنية أو تقنية.

أما عمليات ما بعد التصوير فكانت تتم باتجاهين، من لديه إمكانية ومتوفر لديه لابتوب وكهرباء وخيمة لكي يقوم بعملية المونتاج الأولية في غزة يقوم بذلك ونحن نقوم بضبط الصوت والألوان والمونتاج الأولي النهائي، والجزء الثاني كان هناك أيضا مونتاج عن بعد يقوم به سينمائيون خارج غزة مع إشراف مستشارين فنيين للوصول إلى أعمال سينمائية مهمة في قيمتها الفنية.

أما الجوانب المتعلقة بالترجمة والغرافيك وتصحيح الألوان فكانت خارج غزة، والموسيقى لكل الأفلام قدمها الفنان والموسيقي نصير شمة.

  • التصوير وسط الحرب ليس سهلا بكل تأكيد، فما الصعوبات التي واجهت صناع الأفلام؟

بعض العاملين كانوا يفقدون أقارب لهم خلال التصوير أو التحضير وخلال مرحلة الكتابة، وهو ما كان يبعدهم كثيرا عن المشروع، ومن المشاكل أيضا أن البعض كان يتعرض لخطورة حقيقية للوصول إلى مكان فيه إنترنت لإرسال المواد التي صورها.

هناك أيضا صعوبات تقنية كبرى كانت شبه تعجيزية مثل انقطاع الإنترنت والكهرباء لأيام أو فقدان الاتصال مع شخص ما، فكنا ملتزمين بالتمسك بنفس الأفكار والحكايات وألا تؤثر الأحداث على الفكرة الرئيسية.

أيضا كان التصوير يتم تحت القصف، لأن هناك وعيا لدى السينمائيين والمستشارين بأن المشروع أهم وأكبر من أي شيء.

  • شاركت مؤخرا بمبادرة “من المسافة صفر” في مهرجان أسوان وتشارك أيضا في مهرجان كان السينمائي وغيره من الفعاليات الكبرى.. حدثنا عن هذه المشاركات؟

وجودنا في مهرجان أسوان لسينما المرأة كان من خلال تقديم مقاطع من الأفلام ورسائل من المخرجين لكننا لم نعرض الأفلام نفسها، فالعرض الأول عربيا سيكون في الدورة المقبلة لمهرجان عمّان، أما مهرجان كان السينمائي فالمبادرة ليست ضمن العروض الرسمية للمهرجان، لكننا نقدم نشاطا فلسطينيا في المهرجان وستكون العروض داخل قاعات المهرجان، وهو عرض إعلامي ليس له علاقة بالعروض الرسمية التي اختارتها اللجنة المنظمة.

تساهم المهرجانات والنشاطات السينمائية بالتوعية وإلقاء الضوء وإعطاء الفرصة لمن يريدون التعبير عن أنفسهم من خلال ندوة أو مقال أو فيلم، لأنه بالتوازي هناك روايات صهيونية وروايات مزيفة بحاجة للتصحيح، الحرب لم تحدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، الحرب نعيشها منذ 77 عاما، والثقافة والفن والإعلام تحمل الحكاية والتاريخ والذاكرة، والسينما من الأدوات المرئية والمسموعة التي تحافظ على الذاكرة.

  • أعلنت منذ فترة عن انتهائك من فيلمك الجديد “أحلام عابرة”، فمتى سيتم عرضه؟ وهل تتناول الحرب على غزة؟

الفيلم بالفعل جاهز وسيعرض قريبا في مهرجانات، ولكن أولوياتي ووقتي واهتمامي منذ اشتعال الحرب في غزة انصبت على مشروع “من المسافة صفر”، فكوني سينمائيا فلسطينيا غزيا وإنسانا لا يمكنني إلا أن أفعل ذلك.

لكن هناك جهات لها علاقة بالإنتاج والتوزيع هي من تقوم بترتيب كل ما يخص “أحلام عابرة” لأنه من المهم خروج الفيلم في هذه المرحلة، ليترجم للعالم كيف كنا نعيش ما قبل الحرب، وأن ما يراه العالم الآن ليس صورتنا، فنحن لسنا شعبا جاهلا أو مغفلا أو فقيرا، لكننا نتاج حالة سياسية، نحن شعب متحضر، ولذلك من المهم أن تظهر صورة فلسطين والشعب الفلسطيني وحياته وفنه.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *