غيّب الموت، اليوم الجمعة، الناقد والفنان التشكيلي المصري البارز عز الدين نجيب عن عمر يناهز 83 عامًا بعد صراع مع المرض.
وكانت الناقدة الفنية سوزان شكري يعقوب أعلنت -عبر حسابها على منصة فيسبوك- في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري أن الفنان التشكيلي عز الدين نجيب أصيب بأزمة صحية مفاجئة ونُقل على إثرها إلى المستشفى.
وُلد نجيب عام 1940 في محافظة الشرقية، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من القاهرة عام 1962، ثم حصل على دبلوم عال في قسم التصوير عام 1975.
ونُشر لنجيب على مدار حياته الفنية عدد كبير من المجموعات القصصية مثل “عيش وملح” و”أيام العز”، كما كتب مئات المقالات النقدية في الفنون والآداب في روز اليوسف والمنار والحياة الدولية والعربي الكويتية وأخبار الأدب والوفد.
اهتمامات أدبية وفنية متنوعة
اكتسب نجيب شهرته الواسعة بوصفه فنانًا تشكيليًا، إذ أقام أول معرض فني لنفسه عام 1964 بقصر ثقافة الأنفوشى بالاشتراك مع الفنان زهران سلامة.
كما أقام معرض “صيادون وقوارب” في قصر ثقافة بورسعيد عام 1965. وقد توالت عقب ذلك المعارض التي برز من خلالها بوصفه قيمة تشكيلية مصرية حتى وصل للمشاركة في عديد من المعارض والمتاحف الدولية.
وقد اقتنت عديد من المتاحف العالمية عددا من لوحاته التشكيلية، كما اقتنى المتحف العربي للفن الحديث بقطر 4 لوحات من مراحلة المختلفة.
وقدم الفنان الراحل عددا من المؤلفات للمكتبة الثقافية العربية، منها “مواسم السجن والأزهار”، وصدر عن الشركة الإعلامية للطباعة والنشر عام 1998.
كما صدر له “الثقافة والثورة” عن الهيئة العامة للكتاب عام 2013، و”المثقفون والعسل المر.. من سجلات المثقف والسلطة” عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة عام 2021.
رصيد ضخم من المناصب
شغل نجيب خلال حياته الزاخرة عددا من المناصب، فعمل مديرًا لقصر المسافر خانة ومشرفا على مراسم الفنانين منذ عام 1969 حتى عام 1976.
كما شغل منصب مدير مشروع التنمية الثقافية لقرى مركز برج النور بالدقهلية منذ عام 1977-1979 ضمن مشروع التنمية الثقافية بوزارة الإسكان بدعم من الأمم المتحدة، ثم أسس مركز الغرافيك بوكالة الغوري عام 1980.
شغل نجيب بعد ذلك منصب المشرف العام على مراكز الفنون التشكيلية، مثل مركز الغرافيك، ومركز النحت، وصبّ البرونز، ومركز الخزف بالفسطاط منذ عام 1982 وحتى عام 1990، إلى أن تم تعيينه مدير تحرير مجلة الشموع عام 1991.
ثم أسس مجمع الفنون بمدينة 15 مايو، وعين مديرًا عامًا له منذ عام 1990 إلى عام 1992، ثُم عُين مديرًا لمراكز الحرف التقليدية والتشكيلة منذ عام 1992 إلى عام 2000.
شغل نجيب كثيرا من المناصب بعد عام 2000 أيضًا، إذ عين رئيسا للإدارة المركزية لمراكز الإنتاج الفني بقطاع الفنون التشكيلية، وأستاذا غير متفرغ لتاريخ الفن والتذوق الفني بكليات الفنون الجميلة والتربية النوعية بالقاهرة، ومركز إعداد القادة الثقافيين والرواد بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم بجامعة عين شمس في كلية الآداب قسم الدراما، والقائمة تطول جدًا.
على المستوى الدولي
هذا التاريخ الحافل لنجيب كان سببًا في أن يتم تكريمه في معرض “من النيل إلى الحرمين” بأتيليه جدة للفنون في المملكة العربية السعودية عام 2015 كضيف شرف المعرض، بعدما نال جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2014 في مصر.
وشارك الراحل من خلال وزارة الثقافة أو بدعوات شخصية في معارض دولية في كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وروسيا ومالطا واليونان وقبرص وسويسرا ويوغسلافيا وبلغاريا والمجر وفنلندا.
وشارك أيضًا في دول آسيوية مثل الصين والهند. وبالطبع كان للعالم العربي نصيب من تلك الجولات المكوكية، حيث شارك في معارض عدة في الكويت والبحرين وقطر والإمارات وتونس وفلسطين وسوريا والعراق.
أشهر لوحاته
من بين عشرات اللوحات، تعتبر “لوحة الرحيل” لعز الدين نجيب واحدة من أبرز ما رسم في مرحلة الستينيات وتصور 3 نساء ملتحفات في ثياب سوداء.
رُسمت اللوحة عام 1960 بألوان زيتية على قماش. ورغم إنتاجه الوافر في السبعينيات، فإن “لوحة الفتاة النوبية” برزت وسط عديد من أعماله، وهي تصور فتاة بثياب وزينة نوبية تحمل مزهرية على شكل قُلة.
ومال أسلوب نجيب في الثمانينيات والتسعينيات نحو التجريد، وقدم عددا من اللوحات التي عبّرت عن أفكار ومواضيع مختلفة بألوان انسيابية باردة وحارة مثل لوحة “شاهد على الأطلال” عام 1989، ولوحة “مالئات الجرار” عام 1988، وكلها تحمل طابعا وهوية مصرية.
وأواخر التسعينيات ومطلع القرن الحالي، انتقل نجيب إلى الرمزية حيث قدم لوحة “مجلس الغربان” عام 1997، ولوحة “مناجاة”، في العام نفسه، وغير ذلك من الأعمال التي تستعرض أفكارا فلسفية وعاطفية، لكن بأسلوب رمزي بسيط بعيد عن التعقيد.
ورغم أن أعمال نجيب كانت طوال حياته تعبر عن الهوية المصرية، فإن اللوحات التي رسمها بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) كانت أكثرها إمعانًا في استعراض تلك الهوية والكشف عن مكنوناتها. فقد قدم “لوحة عرس الشهيد” عام 2017، وهي لشاب ينظر نحو السماء لفتيات طائرات في الجو يصدحن بالزغاريد كنوع من التهليل بوفاته شهيدا.