تايمز: 10 أشياء يمكن استخلاصها من مذكرات ميركل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

كان التعقل وتوخي الحذر من بين السجايا التي تميزت بها مستشارة ألمانيا السابقة أنجيلا ميركل، والتي أوصلتها إلى أعلى المراتب السياسية، وأبقتها على سدة الحكم طيلة 16 عاما. وتظل مذكراتها التي صدرت الثلاثاء، في كتاب بعنوان “الحرية.. ذكريات 1954-2021″، وفية تماما لتلك الفضائل.

تلك هي المقدمة التي استهل بها أوليفر مودي، مراسل صحيفة تايمز البريطانية في برلين، مقاله مستخلصا بعض الدروس من مذكرات واحدة من أبرز القادة الذين حكموا ألمانيا بعد إعادة توحيدها في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 1990.

ويتناول الكتاب الصادر عن دار نشر “كيبنهوير آند فيتش” جميع الأزمات والقرارات المهمة التي واجهتها ميركل خلال فترة حكمها مستشارة لألمانيا، مثل أزمة اللاجئين في عامي 2015-2016، وأزمات أخرى مثل الأزمة الاقتصادية العالمية وأزمة اليورو وأزمة أوكرانيا.

واستعرض الكاتب 10 نقاط يرى أن ميركل أرادت أن يتذكرها العالم بها:

  • أولا خلفيتها الشيوعية

ميركل التي تبلغ من العمر الآن 70 عاما كانت قد قضت السنوات الــ35 الأولى من حياتها في جمهورية ألمانيا الديمقراطية الاشتراكية، وانضمت إلى حركة الشباب في الحزب الحاكم، بل تولت منصبا رسميا صغيرا عندما كانت عالمة شابة.

وعلى مر السنين، ظل منتقدوها يدّعون أن ذلك ترك بصمة “سيئة” على شخصيتها السياسية؛ تجلت في مسحة من الاستبداد والتعاطف الخفي مع الدكتاتوريين.

لكن ميركل تروي في مذكراتها عكس ما ذهب إليه منتقدوها تماما. فعنوان كتابها مستمد من تعلقها الشديد بالحرية الذي طوّرته بحساسية، في رد فعل تجاه الدولة القمعية التي نشأت فيها، حيث كانت تضايقها الشرطة السرية بلا هوادة وتطاردها من قاعات المحاضرات لعدم التزامها بمبادئ الماركسية اللينينية. وهي تؤكد أن العقود الأولى من حياتها جعلتها أشد إيمانا بالنموذج الغربي للديمقراطية الليبرالية من عديد من السياسيين الذين تربوا في كنفها.

  • ثانيا، إحباطها الشديد إزاء التمييز ضدها على أساس الجنس

عانت ميركل من التعليقات الساخرة عن تسريحة شعرها والتنانير الفضفاضة والسترات الملونة التي كانت ترتديها عندما كانت وزيرة في الحكومة، ومن محاولات السياسيين الذكور الذين سعوا إلى إزاحتها من القيادة العليا في حزبها.

ومن الواضح -برأي مراسل الصحيفة- أن كل تلك الأمور أثارت حفيظتها. وعندما صعدت إلى الصدارة في بيئة كانت لا تزال ذكورية إلى حد كبير، درجت على الرد على ذلك عمليا، وليس بدافع شخصي أو أيديولوجي.

فقد بدأت بارتداء بذلة نسائية مميزة بعد أن كسرت ساقها وقلقت بشأن كيفية التعامل مع التنورة والعكازات في الوقت نفسه. وبعد أن ظلت ترفض وصفها بأنها مناصرة للمرأة، خلصت في النهاية إلى أن المساواة بين الجنسين هي الطريقة الوحيدة المناسبة لمناهضة التمييز على أساس الجنس. وتعترف قائلة: “نعم أنا نسوية بطريقتي الخاصة”.

  • ثالثا، الاعتراف بالذنب فضيلة

قطعت ميركل وعدا بأن تكون صادقة عندما تتحدث عن نفسها، ومن بينها الإقرار بالذنب. فهي تلوم نفسها على هفوة شهيرة عندما وصفت الإنترنت بالأرض المجهولة بعد أن كشفت تسريبات إدوارد سنودن عام 2013 بأن الولايات المتحدة كانت تتنصت على هاتفها المحمول.

وفي واقعة شهيرة أخرى، أبكت فيها لاجئة سورية تبلغ من العمر 14 عاما خلال أزمة الهجرة عام 2015، وتمنت لو أنها طلبت من الفتاة أن تكتب لها رسالة بدلا من أن تلقي عليها محاضرة حول عدم قدرة ألمانيا على استيعاب كل جموع العالم المحتشدة (المهاجرون). وبالنظر إلى الوراء، تتمنى لو أنها ندمت على التصويت ضد تشريع زواج الشواذ عام 2017.

  • رابعا، أخطاء تافهة

يلاحظ القارئ ذو العين الثاقبة أن تلك كلها كانت أخطاء تافهة نسبيا في السياق العام للأمور؛ فقد تجاوزت الخلاف مع الولايات المتحدة، ودخل السوريون إلى ألمانيا على أي حال، وأُجيز زواج الشواذ بغض النظر عن معتقدات ميركل الشخصية.

ومع ذلك، فهي غير نادمة على الإطلاق في ما يتعلق بكل قضية مهمة، فقد كانت تتجاهل الذرائع ضد قرارتها أو ترفضها.

  • خامسا، الاستمتاع بالتدليك

ثمة ما يجمع بين المستشارة السابقة والرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن. ويعتقد كاتب هذا المقال أن ابن تكساس كان يجسد الرؤية “المثالية” لأميركا التي تتجلى في الشهامة والكرم وحب الحرية، وهي سمات طورتها ابنة ألمانيا الديمقراطية من على البعد.

وورد في مقال التايمز أن جورج بوش قام بتدليك كتفي ميركل بشكل عفوي أمام الكاميرات في قمة مجموعة الثماني في سان بطرسبورغ عام 2008. وقد انقبض وجهها، وتشنج جسدها قبل أن ترفع ذراعيها للدفاع عن نفسها.

وكتبت في مذكراتها “لم يسعني إلا أن أضحك. ففي اللحظة التي رأيت فيها أن جورج دبليو بوش هو من يحييني بهذه الطريقة العملية، أدركت أنها كانت مزحة لم يكن الهدف منها تخويفي أو التقليل من شأني”.

  • سادسا، ميركل وبوتين

لم تساور المستشارة الألمانية أي أوهام حول شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلاف نظرائها من القادة الغربيين.

وفي إحدى فقرات كتابها، تصف خطاب بوتين الذي ألقاه في لقاء جرى بينهما في ميونخ عام 2007 بأنه “عدائي ومشين”. وتقول “يمكنك أن تجد كل هذا صبيانيا ومستهجنا، ويمكنك أن تهز رأسك، ولكن كانت روسيا لا تزال هناك على الخريطة”.

ولم تكن ميركل تتوقع أي شيء جيد من بوتين، ولكنها لم ترَ أي فائدة من إغضابه. فبالنسبة إليها، كانت روسيا مجرد قوة عدوانية في جوارها تجب إدارتها بالطرق التقليدية للدبلوماسية.

German Chancellor Angela Merkel welcomes U.S. President Donald Trump to the opening day of the G20 leaders summit in Hamburg, Germany, July 7, 2017. REUTERS/Ian Langsdon/Pool
  • سابعا، ميركل وترامب

تكثر القصص حول أول لقاء لميركل مع ترامب. ويُقال إنها استعدت له بمشاهدة حلقات قديمة من مسلسل “ذا أبرينتس”، (المتدرب)، الذي يتناول مسيرة دونالد ترامب المهنية بصفته قطب عقارات في نيويورك. غير أن ترامب كان جالسا في صمت مطبق في أثناء عرضها المتخم بالصور عن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، قبل أن يشير بإصبعه إلى سلوفينيا على الخريطة، ويلتفت إلى زوجته السلوفينية المولد ويقول لها: ميلانيا، هذا أنت!”.

لكن ميركل لم تأت على ذكر هذه الحادثة في كتاب “الحرية”، بل كتبت عن انطباعها عن الرئيس الأميركي المنتخب حديثا أن ترامب “كان يريد أن يبدي الشخص الذي يتحدث معه إعجابه به”.

  • ثامنا، ميركل وكاميرون

مما استنتجه مودي، مراسل التايمز في مقاله، أن ميركل كانت معجبة برئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون على المستوى الشخصي، رغم أنها ذُهلت عندما أعلن عن استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولم تصدق تأكيداته بأنه سيفوز. بيد أنها لم تتطرق في مذكراتها إلى أي شيء من هذا القبيل.

من وجهة نظرها، كانت الخطيئة الأصلية هي تعهد كاميرون خلال حملة زعامة حزب المحافظين عام 2005 بإخراج الحزب من كتلة يمين الوسط الرئيسية في البرلمان الأوروبي والتحالف مع الشعبويين بدلا من ذلك.

  • تاسعا، هل يغرَّها الثناء؟

يفيد مقال التايمز بأن ميركل لم تكن مغرورة. ومع ذلك، كانت عبارات الثناء والإطراء تدغدغ مشاعرها في بعض الأحيان بشكل واضح، لكونها أول امرأة وأول من يتولى منصب المستشار من مواطني ألمانيا الشرقية.

  • عاشرا، ميركل غير راضية عن توجهات حزبها

تتحلى ميركل بأدب جم تجاه فريدريش ميرتس، الذي حاربها ذات مرة دون جدوى للسيطرة على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وعاد الرجل الآن ليصبح رئيسا للحزب منذ يناير/كانون الثاني 2022.

لكن ذلك لم يمنعها من توجيه نقد ضمني في الفصول الأخيرة من الكتاب، بسبب الخط الذي انتهجه الحزب، وقضائه على كثير من إرثها، خاصة في ما يتعلق بالهجرة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *