بعد أسابيع من انشغال الرأي العام المصري بقضية “سفاح التجمع”، بدأ التحضير لعمل درامي مستوحى من القضية التي تردد صداها في أروقة المحاكم مؤخرا، بعد القبض على قاتل متسلسل أنهى حياة أكثر من امراة وتخلص منهن في أماكن متفرقة.
إذ كشف السيناريست محمد صلاح العزب للجزيرة نت أنه بدأ بالفعل كتابة المسلسل منذ 10 أيام، مشيرًا إلى أنه بدأ البحث عن نصوص التحقيقات منذ بداية الحديث عن القضية إعلاميا، وأصبح لديه الآن مجلد من حوالي 500 صفحة مليئة بالتفاصيل الثرية الكفيلة بتقديم القصة في عمل درامي.
وقال العزب إن العمل قد لا يلتزم بالأحداث الحقيقية، “فهو ليس فيلما تسجيليا”، مشيرا إلى أنه قد يلجأ لتغيير بعض تفاصيل الأحداث بما يخدم الدراما.
وحول الأسباب التي دفعته للكتابة عن قضية “سفاح التجمع”، أشار السيناريست المصري أنه يعتبرها امتدادا للفكرة التي قدمها في مسلسل “سفاح الجيزة” سنة 2023، “لكن مع اختلاف كل من القضيتين، وتأكيدا على أن السفاح قد يكون شخصا ذو كاريزما وحضور قوي، وإنسانا عاديا بيننا، لذلك لابد وألَّا نقع بسهولة في فخ مثل هذه الشخصيات وألا يتم التعامل معها بسذاجة”.
وأشار إلى أن العمل ينتمي إلى فئة المسلسلات القصيرة، مرشحًا الممثل المصري حسن الرداد لتقديم الشخصية الرئيسية، إلى جانب كل من حنان مطاوع وسلمى أبو ضيف، مشددا في الوقت ذاته على أن هذه الترشيحات مبدئية حتى الانتهاء من باقي التفاصيل خلال الفترة المقبلة.
وكان العزب قدم “سفاح الجيزة” في 2023، والذي أدى الممثل أحمد فهمي دور بطولته. وتناول المسلسل الجرائم التي تورط بها قاتل متسلسل اشتهر باسم “سفاح الجيزة”، وأثار وقت عرضه جدلا واسعا حيث كانت القضية لا تزال في أروقة المحاكم.
ريا وسكينة.. الحكاية الأشهر
وكثيرًا ما تلهم قصص القتلة المتسلسلين صناع الدراما والسينما لما تحمله من خيال خصب إلى جانب الواقع الثري على مستوى المحتوى الدرامي؛ إذ تعد قضية الشقيقتين ريا وسكينة أشهر القصص التي تم تناولها فنيا في أكثر من عمل، سيما أن بطلتيها كانتا أول سيدتين يتم تنفيذ حكم الإعدام عليهما في تاريخ مصر الحديث.
وتروي الأعمال الدرامية قصة سيدتين اعتادتا استدراج عدد من السيدات إلى منزلهما، وأقدمتا على قتلهن بهدف الاستيلاء على مصوغاتهن الذهبية. وبعد تنفيذ حكم الإعدام تم إنتاج مسرحية عام 1922 من تأليف بديع خيري وإخراج نجيب الريحاني، وجسدت البطولة فيها بديعة مصابني، وحققت المسرحية وقتها نجاحا كبيرا نظرا لأن القضية كانت لاتزال متداولة.
في عام 1952 تم تقديم النسخة الأولى سينمائيا، في فيلم المخرج الراحل صلاح أبو سيف الذي اختار نجمة إبراهيم وزوزو حمدي الحكيم لتجسيد شخصيتي ريا وسكينة، وشارك معهما أيضا كل من فريد شوقي وأنور وجدي وشكري سرحان.
بعدها بـ3 أعوام، تم استغلال القضية في فيلم كوميدي بطولة إسماعيل ياسين، وأعاد تجسيد شخصية ريا وسكينة كل من نجمة إبراهيم وزوز حمدي الحكيم، وجسد إسماعيل ياسين في الفيلم شخصية شاب يفاجأ أن خطيبته ذهبت إلى العصابة الشهيرة ويلجأ إلى الشرطة.
عمل كوميدي آخر استغل القصة وهو فيلم “ريا وسكينة” الذي تم تقديمه عام 1983 وتقاسمت بطولته شريهان ويونس شلبي وإخراج أحمد فؤاد، ودارت أحداثه في العشرينيات من خلال خادمة تعمل لدى “حكمدار” الشرطة المسؤول عن القبض على السفاحتين ريا وسكينة، وتتنكر الخادمة وخطيبها في شخصية ريا وسكينة لتحقيق مكاسب يتمكنان بها من جنى الأموال.
لكنَّ الذي يعد أيقونة الأعمال التي تناولت قضية ريا وسكينة هو مسلسل “ريا وسكينة” للمخرج جمال عبد الحميد وقامت بالبطولة عبلة كامل في شخصية ريا، وسمية الخشاب في شخصية سكينة، وشارك في العمل المعروض 2005 كل من صلاح عبد الله وسامي العدل وفتحي عبد الوهاب، حيث نجح المسلسل في تقديم السفاحتين بصورة أقرب للواقع، واستعان صناعه بكتاب “رجال ريا وسكينة” للكاتب الراحل صلاح عيسى.
الانتقام والسفاح الكوميدي
وإلى جانب القصص الواقعية التي تلهم صناع الدراما والسينما، تم تقديم شخصية القاتل المتسلسل في عدد من الأعمال التي استلهمت الشخصية إما من روايات أو جاءت دراميا ضمن حبكة العمل الفني.
ففي عام 1989، صور نور الشريف فيلم “الظالم والمظلوم” الذي ظل حبيس الأدراج 10 سنوات وعرض عام 1999 وهو من إخراج حسام الدين مصطفى، وهو مستوحى من قصة ألكسندر دوماس الأب “الكونت دى مونت كريستو”. وفي الفيلم، يتحول البطل المسالم جابر الونش إلى سفاح وقاتل محترف من أجل الانتقام ممن قتلوا زوجته واتهموه بقتلها وبعد خروجه من السجن قام بقتلهم بطرق بشعة.
أما في فيلم “المرأة الحديدية”، فقدمت نجلاء فتحي نموذجا لامرأة تحولت إلى قاتلة متسلسلة للانتقام ممن قتلوا زوجها غدرا، فقررت تتبُّع القتلة الأربعة واحدا تلو الآخر، والفيلم من إخراج عبد اللطيف زكي.
وتكررت تيمة الانتقام مع الألفية الجديدة؛ ففي فيلم “رد فعل” الذي عرض في 2012، يتحول البطل إلى قاتل محترف، لرغبته في الانتقام من أصدقاء والده، ويستغل عمله كطبيب شرعي في الإفلات من العدالة. والعمل من بطولة عمرو يوسف ومحمود عبد المغني وإخراج حسام الجوهري.
ويعد الفنان حسين زايد أشهر من قدم شخصية السفاح الكوميدي في “سفاح النساء” سنة 1970و وهو من بطولة فؤاد المهندس وشويكار، حيث ينتحل البطل شخصية السفاح ليصل إلى الشهرة سريعا، إلا أن السفاح الحقيقي يقوم بخطف خطيبته، ويكتشفان أنه يقوم بقتل النساء انتقاما من حرمانه من والدته وهو صغير.
وفي عام 2021، عاد خالد الصاوي لتجسيد شخصية السفاح المهووس بقتل النساء من خلال الفيلم الكوميدي “أحمد نوتردام” من بطولة رامز جلال وغادة عادل، حيث كان السفاح يقتل النساء على طريقة الرواية الفرنسية “أحدب نوتردام” نتيجة لكراهيته الشديدة لهن.