قال الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن السياحة البينية بين دول العالم الإسلامي تفتح أبواب الحوار والتبادل الحضاري والثقافي.
وأشار في حواره مع الجزيرة نت -على هامش الدورة الـ12 للمؤتمر الإسلامي لوزراء السياحة الذي انعقد بمدينة خيوة بإقليم خوارزم في أوزبكستان- إلى أن “رحلة الحج” تمثل وجها حضاريا لتبادل العلوم والمعارف والتجارة بين بلدان العالم الإسلامي، منوها بأن تراث المسلمين وعلومهم أثرت الحضارة الإسلامية لقرون.
واعتبر المالك أن ما يحدث في غزة مؤلم ولا يوصف مشيرا لدور المنظمة الإسلامية في تقديم الدعم للطلبة الفلسطينيين.
وأفاد مدير الإيسيسكو بأن السياحة حديقة للأفكار والأنشطة المسايرة للسياسة والاقتصاد والثقافة والفنون، وأنها أصبحت مقياسا للحراك الإنساني ولأمان العالم وسلامه وازدهاره، مشيرا إلى أن معاني الشراكة الإنسانية تلتقي في حرية حركة الإنسان، وأن السياحة لم تعد تقتصر على مجرد الاستمتاع واجتذاب رؤوس الأموال واكتساب المعارف والثقافات، بل تجاوزته إلى مفهوم الدبلوماسية السياحية في عالمنا الراهن.
وأوصى المالك بوضع خطة إسعافية للقطاع السياحي عبر تنسيق مشترك، وحث الدوائر الإعلامية على بذل مزيد من الجهود للإبانة عما يتم من إنجازات وتطوير للمرافق في المدى السياحي، وإنشاء بنك معلومات السياحة المشترك، وإيلاء اهتمام خاص بشريحة الشباب في منظومة التنمية السياحية مع استثمار تطبيقات الذكاء الاصطناعي، واعتماد “السياحة البينية” بين حواضر العالم الإسلامي.
وتأسست منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة -المتفرعة عن منظمة التعاون الإسلامي- عام 1982م ويقع مقرها الرئيسي في الرباط بالمملكة المغربية، ويبلغ أعضائها 53 بلدا تتوزع على 4 مناطق أفريقية وعربية وآسيوية بالإضافة لبلدين من أميركا اللاتينية.
-
حضرتُ جلسة مؤتمر وزراء السياحة بالعالم الإسلامي قبل قليل وكنتَ تتحدث عن السياحة التاريخية وروابط التعاون والحوار الثقافي بين الشعوب، نحن في رحاب خوارزم ومدن عريقة أسهمت في تشكيل الحضارة الإسلامية، كيف ترون السياحة كمدخل لتعزيز روابط الثقافة والتاريخ والمعرفة؟
شكرا “للجزيرة” المميزة -ذات الباع الطويل- على هذا اللقاء، هذا المؤتمر الـ12 لوزراء السياحة في منظمة التعاون الإسلامي تشارك فيه منظمة الإيسيسكو بقوة، وطرحت المنظمة بعض التوصيات مثل أهمية السياحة البينية بين حواضر العالم الإسلامي.
هناك تراث كبير جدا وغني في دول العالم الإسلامي فيما يتعلق بالسياحة البينية الإسلامية، ومفهوم صناعة السياحة لا بد أن يتطور ويتجدد، ولا بد لدول العالم الإسلامي أن تدخل هذا المفهوم في كل ما يتعلق بصناعة السياحة.
وإذا كانت صناعة السياحة بوابة للحوار الحضاري وبوابة للسلم والثقافة، فلا بد لشباب العالم الإسلامي أن يتفهم هذه الصناعة ويتكيف معها ويكون نشطا فيها ومحركا لها.
تحدثنا أيضا عن تحديات وصعوبات، ونحاول جاهدين التغلب عليها، مثل تطبيقات الذكاء الصناعي والواقع الافتراضي المعزز، إذ لا بد من تجنب سلبياتها لكن ينبغي الإفادة من إيجابياتها بشكل يعزز أهمية السياحة في دول العالم الإسلامي.
من هذا المنطلق لا بد لشبابنا ودولنا الأعضاء أن تهتم بهذا الجانب وأن يكون الذكاء الصناعي أحد المداخل التي تعزز قيمة السياحة البينية، واقترحت إنشاء بنك معلومات مشترك لكل ما يتعلق بالسياحة في دول العالم الإسلامي، هذا البنك كل ما يدخل من تطوير وإنجازات في دول العالم الإسلامي بالذات في جانب التراث والثقافة، لا بد أن تتشارك وتتبادله بلدان العالم الإسلامي الغنية والمتفوقة في بعض الجوانب.
مركز الحضارة الإسلامية الذي تم إنشاؤه وسيتم افتتاحه في طشقند هو مركز كبير جدا ويجسد ما لدى العالم الإسلامي من حضارة شاركت في تغيير العالم. ومن هذا البلد خرج البخاري وجاء الخوارزمي والبيروني والزمخشري وابن سينا.
-
ذكرت في كلمتك قبل قليل في المؤتمر، التعاون بين الإيسيسكو ومركز الحضارة الإسلامية في أوزباكستان، هل تعطينا لمحة عن ذلك المشروع الثقافي؟
لدى الإيسيسكو قطاع الثقافة وهو مهتم بهذه الجوانب، وعبر منصات التواصل الاجتماعي للإيسيسكو دائما ما نعرض علماء المسلمين والمواقع التراثية بالعالم الإسلامي. مركز الحضارة الإسلامية الذي تم إنشاؤه وسيتم افتتاحه في طشقند هو مركز كبير جدا ويجسد ما لدى العالم الإسلامي من حضارة شاركت في تغيير العالم.
من هذا البلد خرج البخاري وجاء الخوارزمي والبيروني والزمخشري وابن سينا، هؤلاء كان لهم أثر كبير جدا ليس فقط في الحضارة الإسلامية ولكن في حضارة العالم أجمع. هؤلاء العلماء أثروا الحضارة الدولية والعلوم والثقافة والسياحة أيضا.
ابن سينا ترجم ودرس كتابه “القانون في الطب” إلى لغات كثيرة جدا ودرس على مدى 500 عام في الجامعات الأوروبية، هذا كله تراث إسلامي وعلوم جاء بها العلماء المسلمون الذين أثروا الحضارة الإسلامية كاملة.
دروب الحج (وليس فقط طريق الحرير) كان لها أهمية كبيرة جدا في تبادل الثقافات وإثراء العالم بما لدى بلدان العالم الإسلامي من علوم وثقافات وغيرها.
-
الإيسيسكو أيضا قدمت برنامج “دروب الحج” ونحن على مشارف موسم الحج، وكما تعرفون رحلة الحج هي رحلة تثاقف وسياحة بينية كذلك
يتحدث الناس دائما عن طريق الحرير وكأن الحضارة والثقافة والتبادل الحضاري جاء فقط من طريق الحرير، ولكن واقع الأمر؛ أن للعالم الإسلامي دروبا أخرى هي “دروب الحج” عندما يأتي السائح من المغرب أو السنغال أو مالي (من غرب) ويلتقي سائحا أتى من الشرق في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويتبادلون فيما بينهم من علوم وثقافات وأفكار وتجارة وكتب وسياحة وغيرها، هذا هو بؤرة العمل الثقافي والعلمي.
من هنا أؤكد أن دروب الحج كان لها أهمية كبيرة جدا في تبادل الثقافات وإثراء العالم بما لدى بلدان العالم الإسلامي من علوم وثقافات وغيرها.
سيتم إنشاء مركز لبرنامج “دروب الحج” والمساجد التاريخية في المملكة العربية السعودية، وهي مبادرة تبنتها السعودية والإيسيسكو، وسترون هذه المبادرة خلال العام الحالي والعالم القادم وسيكون لها أثر كبير جدا في إثراء الحضارة الإسلامية.
ما يحدث في غزة مؤلم حقيقة، ولا يوصف، والإيسيسكو قدمت دعما للطلاب الفلسطينيين.
-
كانت الإيسيسكو أصدرت بيان وموقفا عن قطاع التربية والتعليم والتراث الثقافي في غزة في ظل الحرب عليها، هل جرى نقاش عن تأثير الحرب على قطاع التربية والتعليم في فلسطين؟
ما يحدث في غزة مؤلم حقيقة، ولا يوصف. الإيسيسكو على أتم استعداد وتحدثنا مع الإخوة في فلسطين، وبمجرد ما يسمح للإيسيسكو بالدخول لتقديم ليس فقط المساعدات العينية ولكن أيضا ترميم بعض المواقع التاريخية والثقافية التي دُمرت والمساهمة في كل ما يتعلق بجوانب التربية والتعليم، كل ذلك نسعى له.
الإيسيسكو قدمت دعما للطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في المغرب ومصر وهم من أهل غزة وانقطعت بهم السبل، ولكن هذا لا يعني شيئا، لدى الإيسيسكو الشيء الكثير الذي ستقدمه إن شاء الله لدولة فلسطين.