“العمارة والإنسان” تستكشف أسرار عالم العشوائيات وخباياه

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

في حلقة جديدة من برنامج “العمارة والإنسان”، تفتح منى حوا نافذة على عالم العشوائيات، ذلك الفضاء المعقد الذي يختبئ على أطراف المدن، حاملا في طياته قصصا من الألم والأمل والمقاومة.

وناقشت الحلقة هذه العشوائيات باعتبارها من الظواهر الأكثر تعقيدا في تاريخ المدن الحديثة؛ كيف نشأت أحياء العشوائيات على أطراف المدن الكبرى؟ ولماذا فشلت محاولات القضاء عليها رغم السياسات والجهود الحكومية المتكررة؟

وافتتحت الحلقة بمقاربة رمزية تمثلت في أسطورة الثعبان “أوروبوروس” الذي يلتهم ذيله ليولد من جديد، كتشبيه لدورة العشوائيات التي تتجدد رغم محاولات التخلص منها.

وتبدأ الرحلة من المدينة المغرية بناطحات سحابها وشوارعها الواسعة، حيث يحلم سكان الريف والمدن البعيدة بمستقبل مختلف، فيأتون حاملين أحلامهم على أكتافهم، يجمعون بعض الصفيح والخشب والكرتون، ليبنوا “بيتا” على هامش المدينة.

وتتكون هذه العشوائيات على أرض خالية على الأطراف تتحول تدريجيا إلى كتلة من البيوت المتلاصقة، حيث يتكدس المهاجرون في مساحات ضيقة لا تكاد تتسع للتنفس.

وسلطت الحلقة الضوء على العلاقة الجدلية بين العشوائيات والجريمة. وتحدثت الدكتورة هبة رؤوف عزت، أستاذة العلوم السياسية، عن الفجوة الاجتماعية بين سكان العشوائيات والأثرياء، وأوضحت أن شيطنة سكان هذه المناطق يخدم مصالح سياسية واجتماعية تهدف إلى تعزيز تماسك الطبقات الغنية.

وأشارت إلى أن العشوائيات قد تشكل بيئة ملائمة لظهور الجريمة الصغيرة مثل بيع المخدرات، لكنها ليست مصدرها الوحيد، إذ يرتبط جزء كبير منها بالطلب من طبقات أكثر ثراء.

زحف على المنظم

وأشار أستاذ علم الاجتماع زكريا الإبراهيمي إلى أن أحياء العشوائيات ليست مجرد ظاهرة عشوائية، بل تعكس حاجات اجتماعية وسياسية.

وأضاف أن المدينة الحديثة بطابعها المنظم عمرها أقل من 100 عام، وأن العشوائيات تشكل نوعا من الزحف على هذا النظام، مضيفا أن حصر الجرائم في العشوائيات ينطوي على ظلم كبير، خاصة إذا ما قورنت بما سماه “جرائم النخب”، مثل الفساد وصفقات الأراضي التي قد تكون أكثر تدميرًا.

وتناولت الحلقة تجربة المغرب في مشروع “مدن بلا صفيح”، حين أعلنت الحكومة في عام 2004 خطة للقضاء على أحياء الصفيح، وتمكنت بالفعل من إزالة 282 ألف مسكن عشوائي، لكن المفاجأة كانت أن أحياء أخرى ظهرت في مناطق مختلفة، مما يثير التساؤلات عن جدوى مثل هذه المشاريع.

وعرضت الحلقة قصة حي “دهارفي” في مدينة مومباي بالهند، الذي يُعدّ أحد أكبر أحياء العشوائيات في العالم، حيث يعيش مليون شخص في مساحة ضيقة جدا، بطرق متعرجة وشوارع أشبه بالمتاهة.

وأوضحت الحلقة الفارق بين تخطيط المدن الحديثة وأحياء العشوائيات، ففي المدن تبنى الطرق بنظام واضح وشبكي يسهل التنقل والتخطيط. أما في العشوائيات، فالشوارع متعرجة وغير منظمة، مما يجعلها بيئة خصبة لظهور مشاكل اجتماعية وأمنية.

وقدمت حلقة “عمارة العشوائيات” صورة لهذه الظاهرة الاجتماعية والإنسانية، مشيرة إلى أن رفضها أو محاولات القضاء عليها لا يؤديان إلا إلى توسعها، مما يدعو إلى الفهم العميق لهذه الديناميات الاجتماعية ووضع حلول مستدامة تعالج جذور المشكلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *