“الزعيم” عادل إمام.. 60 عاما من اللعب مع الكبار

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

يعد عادل إمام صاحب إحدى أطول المسيرات الفنية الممتدة في الوطن العربي، فخلال 6 عقود، أثرى الفنان المصري، الذي يحتفل اليوم بميلاده الـ84، المكتبة الفنية برصيد من الأعمال الفنية تجاوز الـ170 عملا متنوعا بين السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، وأن يحافظ على نجوميته، ويتصدر المشهد الفني دون أن يتراجع عن المكانة الفنية والشعبية التي حظي بها.

الكثافة والتنوع

في ستينيات القرن الماضي، ظهر إمام لأول مرة على الساحة الفنية من خلال دور ثانوي أسند له في مسرحية “أنا فين وأنت فين” مع نجم الكوميديا في هذه المرحلة فؤاد المهندس، لينطلق بعدها بعيدا عن مسرح الجامعة، حيث كان طالبا في كلية الزراعة، وقدم العديد من الأدوار الثانوية، ثم الدور الثاني مع كبار الفنانين في هذا الوقت.

وجذبت الموهبة التي يتمتع بها “الزعيم” المنتجين والمخرجين لمنحه فرصة البطولة وهو ما تحقق له في أوائل السبعينيات وبالتحديد في عام 1973 من خلال فيلم “البحث عن فضيحة”، وهو آخر أعمال الكاتب الراحل أبو السعود الإبياري الشريك في نجاحات نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين، ومن إخراج نيازي مصطفى.

وكان إمام قبلها انطلق مسرحيا من خلال “مدرسة المشاغبين” مع فرقة المتحدين، والتي حققت شعبية ونجومية كبيرة له جعلت المنتج والمخرج سمير خفاجي يسند له بطولة منفصلة عن باقي أفراد الفرقة في “شاهد مشفش حاجة” ونجح في تحقيق نجاح منفرد.

وتمكن في تلك المرحلة أن يصبح الممثل الكوميدي الأول في عالم السينما، فتصدر البطولات السينمائية والمسرحية وهي المرحلة التي اعتمد فيها على كثافة الإنتاج.

العمق والقضايا

لم يكتف عادل إمام بالنجومية التي حققها من خلال الكوميديا، فإلى جانب الموهبة، امتلك ذكاء فنيا، جعله يعمل على تحقيق توازن وتنوع في الاختيارات، وأن يؤسس لمرحلة مختلفة مع ثمانينيات القرن الماضي وتقديم شخصيات مختلفة عن النمط السائد الذي اشتهر به. واستمر في تصدر المشهد الفني متفوقا على أبناء جيله في ذلك الوقت وتصدر الإيرادات، لحرصه على الكثافة في الأعمال، إلى جانب التنوع في الموضوعات والقضايا.

وركز على رصد قضايا سياسية واجتماعية عبر خلالها عن واقع المجتمع المصري وأحلامه من خلال الثنائية التي جمعته بالكاتب الراحل وحيد حامد، حيث قدما سويا أول عمل لهما عام 1978 وهو “أحلام الفتى الطائر”.

وقدما لاحقا العديد من القضايا في السينما، منها “الإرهاب والكباب”، و”المنسي”، وبيع شركات القطاع العام في “اللعب مع الكبار”، وواجه ظاهرة الإرهاب التي وصلت ذروتها في تسعينيات القرن الماضي في “طيور الظلام”، وقدم أيضا “الإرهابي” مع الكاتب الراحل لينين الرملي.

وإلى جانب الاهتمام برصد القضايا التي تشغل المواطن المصري والعربي، والأفلام التي حملت قيمة فنية التي قدمها مع وحيد حامد، انشغل عادل إمام بتطوير مشروعه الفني بالتنوع على مستوى الأداء التمثيلي ونوعية الأعمال، فقدم الكوميديا والتراجيديا والميلودراما التي يميل إليها الجمهور المصري في أفلام مثل “أمهات في المنفى”، و”الغول”.

وكون ثنائيا مع المخرج سمير سيف، وقدم معه عددا من أفلام الحركة والأكشن مثل “شمس الزناتي”، و”النمر والأنثى”، و”المولد”، ومع نادر جلال في “جزيرة الشيطان” و”سلام يا صاحبي”.

مواكبة المستجدات

امتلك “الزعيم” بوصلة فنية جعلته قادرا على مواكبة المستجدات، وهو ما مكنه من الاستمرارية والحفاظ على مكانته بعد ظهور جيل المضحكين الجدد في بداية الألفية، ونجاح محمد هنيدي، وعلاء ولي الدين، ومحمد سعد في تصدر الإيرادات، وهنا اعتمد على منهج فني مختلف جعله يحافظ على مكانته وعدم خفوت نجمه رغم ظهور جيل جديد.

اعتمد الممثل الكبير على الكيف والتقليل بدلا من الكثافة والكم، مع تقديم أدوار مختلفة في الأداء والشكل واختيار أعمال تناسب مرحلته العمرية والعمل مع مؤلفين ومخرجين جدد وأبرزهم في هذه المرحلة الكاتب يوسف معاطي.

وبخبرته الممتدة لسنوات، ركز إمام على تصدر الإيرادات من خلال تقديم أفلام تتناسب مع المواسم السينمائية مثل الأعياد، وأعمال أخرى أكثر ثقلا تناسب الموسم السينمائي الصيفي، واعتمد منهجه في تلك المرحلة على تقديم القضايا بشكل أبسط مع الحفاظ على النقد الاجتماعي الذي ميز أعماله من خلال الـ”فارس كوميدي” وابتعد عن الكوميديا السوداء التي قدمها في الثمانينيات والتسعينيات.

وفي 1993، قدّم مسرحية “الزعيم” التي حققت نجاحا لافتا لدرجة أن اسمها تحوّل إلى لقب بات يُطلق على عادل إمام.

كما تناول الصراع العربي الإسرائيلي بشكل مباشر وواضح من خلال فيلم “السفارة في العمارة” مع يوسف معاطي وإخراج مروان حامد، واهتم برصد الفساد الانتخابي في “بخيت وعديلة.. الجردل والكنكة”، وتناول أيضا قضايا فساد بعض رجال الأعمال في أفلام مثل “بوبوس”، و”مرجان أحمد مرجان”، ورصد حال المصريين في أميركا في فيلم “هالو أميركا”.

وإلى جانب القضايا السياسية، اهتم إمام أيضا برصد نماذج إنسانية في أفلام مثل “التجربة الدانماركية”، فجسد نموذج أب لديه 4 أبناء كبار عمل جاهدا على تربيتهم بعد وفاة زوجته، لكنه يعاني من مشاكل الحرمان العاطفي، حتى يقع في حب فتاة يتعرف عليها خلال عمله وزيرا للشباب والرياضة.

وظهر إمام بعدها كأب يشعر بالغيرة الشديدة على ابنته، ورفض زواجها في “عريس من جهة أمنية”، وفي “ألزهايمر” وهو آخر ظهور سينمائي له عام 2010 قدم نموذج الأب الذي يحاول أبناؤه الاستيلاء على أمواله ويدعون أنه يعاني من مرض ألزهايمر.

وكانت الدراما التليفزيونية هي محطته الأخيرة، وحافظ في الدراما على تناول القضايا التي حققت له شعبية كبيرة، ففي “فرقة ناجي عطا الله” تناول مجددا المواجهة مع إسرائيل، وأعقبها بأعمال مثل “العراف”، و”عفاريت عدلي علام”، و”صاحب السعادة”، و”عوالم خفية”، ثم قدم آخر أعماله “فلانتينو” في عام 2020.

وعلى الرغم من ابتعاد عادل إمام عن الساحة الفنية منذ آخر أعماله، فإنه لا يزال موجودا برصيده الفني المتنوع والغزير والتكريمات التي حصل عليها خلال مشواره، وكرم في السنوات الأخيرة، في الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي 2017، وتم تكريمه مع بداية العام الحالي في السعودية في احتفالية الـ”جوي آورد”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *