الرئيس الأرجنتيني يوقف تمويل السينما.. وأكبر سوق إنتاج بأميركا اللاتينية مهدد بالإغلاق

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

ألغى الرئيس الأرجنتيني الجديد خافيير مايلي تمويل معهد السينما والتلفزيون، مما يعني وقف النشاط السينمائي في البلاد سواء كان ذلك النشاط مهرجانات سينمائية مثل “مارديل بلاتا”، أو صنع الأفلام في المؤسسات التابعة للدولة، وأيضا مدارس السينما.

ومن المرجح أن يتعرض سوق السينما والتلفزيون في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس -المعروف باسم “فينتانا سور”- لخطر الإغلاق.

ويعد “فينتانا سور” أهم سوق للمحتوى السمعي البصري في أميركا اللاتينية، وينظمه كل من المعهد الوطني للسينما والفنون السمعية والبصرية وسوق السينما بمهرجان “كان” السينمائي، ويجمع المشاركين في صناعة السينما والتلفزيون لتعزيز الإنتاج الدولي المشترك وتمويل وتوزيع محتوى أميركا اللاتينية.

ويستقبل الحدث 3 آلاف مشارك معتمد كل عام، بمن فيهم أكثر من 250 مشتريًا وبائعًا من جميع القارات الخمس، بالإضافة إلى ممثلين عن أهم الشبكات والمنصات الدولية.

وكانت وزارة رأس المال البشري الأرجنتينية أصدرت بيانا يوم 11 مارس/آذار الجاري، أشارت فيه إلى أنها اكتشفت عجزا قيمته 4 ملايين دولار أميركي، لذلك قررت خفض نفقات معهد السينما والتلفزيون بشكل كبير، وتعليق كافة الأنشطة التي تتطلب مصروفات ومن بينها السفر والإقامة، كما قررت عدم تجديد العقود الخاصة بالعاملين.

محاولة سابقة

وتأتي هذه الخطوة بعد فشل تمرير مشروع القانون الشامل الذي اقترحته مايلي في يناير/كانون الثاني الماضي، والذي كان يهدف إلى إلغاء المعهد نفسه، قبل أن يتم وقف مشروع القانون بعد احتجاجات ضخمة وتوقيع أشهر صانعي الأفلام في العالم على عريضة.

قال رئيس الأكاديمية الأرجنتينية لفنون وعلوم الصور المتحركة هيرنان فيندلينغ لمجلة “فارايتي” الفنية “ستجمد الصناعة لمدة أربعة أشهر على الأقل. فيما يتعلق بسوق فينتانا سور نعتقد اعتقادا راسخا أن المعهد وسوق السينما يجب الدفاع عنهما والحفاظ عليهما. أوضحنا ذلك للمسؤولين، لكنهم أوضحوا لنا بشدة أنه لا توجد أموال للسوق هذا العام”.

من جانبها، قالت المخرجة الأرجنتينية سيلينا مورغا إن من المقرر تنظيم احتجاج ضخم غدا الخميس، حيث رد مجتمع السينما الأرجنتيني -الذي شكل مؤخرا ائتلافا تحت اسم “اتحاد السينما الأرجنتينية”- على الحكومة بالقول “يفرض الرئيس الجديد للمعهد الوطني للسينما في الأرجنتين كارلوس بيروفانو تدابير تقييدية ورجعية في جميع الجوانب دون تقديم معلومات عن خطة إستراتيجية وفنية طويلة المدى للمنظمة والصناعة السمعية البصرية”.

وأضاف البيان أن “عدم الوضوح فيما يتعلق بالمدفوعات المستحقة للمشاريع الجارية يعرض أكثر من 600 ألف أسرة للخطر”، مشيرا إلى أن إلغاء العقود وتعليق مدفوعات العمل الإضافي لموظفي معهد السينما من شأنه أن يعيق عمليات التعليم التي تديرها الدولة. لا توجد وسيلة لضمان بدء الدراسة في المناطق الداخلية، مما يترك مئات الطلاب ضائعين”.

واعترض الاتحاد بشكل خاص على الجملة الأخيرة في بيان الوزارة التي جاء فيها “إن التزامنا بعجز بنسبة 0% غير قابل للتفاوض. لقد ولت السنوات التي كانت تُموَّل فيها المهرجانات السينمائية على حساب جوع آلاف الأطفال”.

فرد على ذلك قائلا “نحث الحكومة الوطنية على توضيح كيف تؤدي زيادة البطالة إلى حل مشكلة الفقر والجوع في الأرجنتين. نطالب السلطات الأكاديمية بالعمل مع مجتمع السينما لإيجاد حلول تحمي وتعزز الصناعة التي تولد فرص العمل، مع الحفاظ على التراث الثقافي الذي لا يقدر بثمن”.

وكان الرئيس الأرجنتيني قد وعد أثناء حملته الانتخابية بإلغاء وزارة الثقافة الأرجنتينية والوكالة الوطنية للسينما والتلفزيون، وأثار فوزه قلقا سرعان ما تحقق.

رأسمالي متقشف

وكان الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي قد أعلن فور تسلمه للحكم يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنه لا بديل عن سياسة العلاج بالصدمة، كما قدم خطة تقشف وقال “لا يوجد مال”.

وخافيير ميلي رجل اقتصاد وسياسي ينتمي للتيار اليميني المتطرّف، ويصف نفسه بأنه “رأسمالي فوضوي”. دخل معترك السياسة عام 2019، ونال عضوية مجلس النواب عام 2021، ثم فاز برئاسة الأرجنتين بعد حصوله على 55% من الأصوات، وهزم وزير الاقتصاد الوسطي سيرخيو ماسا.

يتمتع ميلي بموهبة خطابية وقدرات استعراضية تمكن عن طريقها من كسب ثقة الفئة الشبابية، مما جعله يحقق مفاجأة كبيرة بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية. ويعدّ شخصية مثيرة للجدل تعوّدت على حضور البرامج النقاشية التلفزية ذات البعد السياسي.

ويطرح برامج سياسية واقتصادية مثيرة للجدل، منها إغلاق البنك المركزي الأرجنتيني الذي يرى أن سياساته النقدية سبب في إفلاس البلاد، و”دَوْلرة” الاقتصاد والتركيز على التعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وخفض الإنفاق الحكومي، والتخلص من “الطبقة الطفيلية” و”تقليم الدولة المعادية”، في إشارة منه إلى الطبقة السياسية المستفيدة من تدهور الأوضاع في الأرجنتين.

كما رفض الرئيس الأرجنتيني التعامل مع الشيوعيين والاشتراكيين، ولم يظهر أي حماس للعمل مع روسيا أو المشاركة في تكتل “بريكس”.

السينما الأرجنتينية

وتعد صناعة السينما الأرجنتينية واحدة من أكثر ثلاث صناعات تطورًا في أميركا اللاتينية إلى جانب المكسيك والبرازيل. وظل إنتاج الأفلام في الأرجنتين طوال القرن العشرين مدعومًا من الدولة، ومن خلال قائمة طويلة من المخرجين والممثلين، أصبح إحدى الصناعات السينمائية الرئيسية في العالم الناطق بالإسبانية.

وفازت الأرجنتين بثماني عشرة جائزة “غويا” لأفضل فيلم أجنبي باللغة الإسبانية، مما يجعلها الدولة الأكثر حصولا على الجوائز. كما أنها أول دولة في أميركا اللاتينية تفوز بجوائز الأوسكار تقديرا لفيلمي “الحكاية الرسمية” (1985) و”السر في عيونهم” (2009).

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *