الذكاء الاصطناعي يهدد مجال النشر الأدبي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

لا يخفي عالم النشر -الذي اجتمعت أقطابه أخيرا في معرض فرانكفورت للكتاب- قلقه من أن تغزو العالم مؤلفات منجزة بواسطة هذه التقنية.

ويشهد قطاع النشر الأدبي على غرار مجالات أخرى كثيرة حالة من الغليان بعد أن اهتز بفعل الثورة التكنولوجية التي أطلقتها برامج الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي”.

ويبدي العاملون في هذا القطاع “شعورا عميقا بعدم الأمان”، وفق ما يؤكد يورغن بوس مدير معرض فرانكفورت للكتاب، وهو الأكبر في العالم، والذي اختتم أعماله أمس الأحد، وكان هذا الموضوع في قلب نقاشاته طوال الأسبوع.

ويتساءل هؤلاء -بحسب بوس- “ماذا سيحل بالملكية الفكرية للمؤلفين؟ ومن يملك حقا المحتويات الجديدة؟ وكيف يمكن دمجها في سلاسل القيمة؟”.

حدود الإبداع الآلي

اقتحم الذكاء الاصطناعي بالفعل خدمات الترجمة، كما يتطور في مجالات النشر العلمي والقانوني، لكنه يظل هامشيا في عالم الإبداع الأدبي.

فعندما يتعلق الأمر بكتابة الروايات لا يزال الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الإلهام، وفق الكاتب البريطاني سلمان رشدي الذي يشكك بقدرة برامج الذكاء الاصطناعي على صياغة نصوص أدبية تضاهي بجودتها مؤلفات الكتّاب.

واختبر رشدي ذلك بقراءة نص قصير أنشئ “بأسلوبه” بواسطة البرامج، وعلق وسط ضحكات الحضور خلال مؤتمر صحفي قائلا إن النص الذي أنجزته البرمجية “كان سيُرمى في النفايات”.

وقالت الكاتبة والأكاديمية الألمانية جينيفر بيكر -خلال نقاشات على طاولة مستديرة- إن أداء الذكاء الاصطناعي في مجال الكتابة الإبداعية “ليس جيدا بعد”.

وأضافت “لا أرى بعد متى ستأتي اللحظة التي سنعهد فيها بمهمة الكتابة إلى الذكاء الاصطناعي بطريقة مستقلة تماما”.

من ناحية أخرى، فإن إمكانيات هذه التكنولوجيا “كبيرة لاستخدامها كأداة للمساعدة” في الكتابة، بحسب قولها.

وبالنسبة للروايات ذات المضمون الضعيف -والتي تعتمد على نماذج سردية نمطية ومخصصة للإنتاج على نطاق واسع- يوفر الذكاء الاصطناعي فرصا محتملة، وفق ما قال بوس.

ولا يتوقف التخوف من الذكاء الاصطناعي على الكتّاب والأدباء، بل يمتد للعاملين في مجالات ثقافية أخرى مثل النشر والكتابة، والرسم والفنون والتصوير، والغناء والموسيقى، والصحافة، والكتابة الأكاديمية والبحث العلمي.

أسئلة الحقوق والقانون

بدأ مؤلفون رفع دعاوى لحماية حقوقهم في مواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمها لتوليد محتوى، لكن معاركهم القضائية لن تكون سهلة، ففي أوروبا وأميركا الشمالية يميل القانون إلى تأييد الذكاء الاصطناعي مع أن الوضع قد يتغير، وفق قانونيين.

وتعتمد الأمور كلها في نهاية المطاف على نوع النشر، وفق ما تؤكد سوزان بارفيك نائبة المستشار القانوني لاتحاد الناشرين وبائعي الكتب الألمان.

وأشارت بارفيك إلى أن “قطاع الكتب العلمية والمتخصصة هو بالفعل أكثر تقدما، وقد بحث بالفعل في هذه القضية بشكل أكبر”.

لكن بمجرد أن يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي مليارات النصوص لتدريب خوارزمياته وإنشاء المحتوى تلوح في الأفق معارك قانونية.

وترتبط إحدى “المناطق الرمادية” الرئيسية في هذا المجال بالجهة التي تعود لها ملكية حقوق الطبع والنشر للمحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي.

ويقول يورغن بوس إن “هذه فوضى حقيقية وقضية مهمة للغاية”، وإن “هناك أيضا أموالا طائلة على المحك”.

وعلى منصة “كي دي بي” التابعة لشركة “أمازون” والمخصصة للنشر الذاتي تكثر الكتب التي أنتجت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي كما يلاحظ المتخصصون، حتى أن بعض هذه المنشورات باتت من أكثر الكتب مبيعا.

وباتت منصة “كيه دي بي” تطلب من المؤلفين أن يعلنوا على الموقع ما إذا كانت أعمالهم أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي (صور أو نصوص أو ترجمات).

وفي سبتمبر/أيلول الماضي اتخذ مؤلفون كثر -بينهم جورج آر آر مارتن صاحب قصة “لعبة العروش” الملحمية، وملك أفلام الإثارة جون غريشام- إجراءات قانونية في الولايات المتحدة ضد شركة “أوبن إيه آي” الناشئة في كاليفورنيا، متهمين إياها باستخدام أعمالهما لتلقين خوارزميات “شات جي بي تي” مع تجاهل حقوق الطبع والنشر الخاصة بهم.

وفي رسالة مفتوحة موقعة من كتّاب كثر مثل الروائية الكندية مارغريت أتوود والروائي الأميركي دان براون حذر اتحاد المؤلفين الأميركيين عمالقة التكنولوجيا هذا الصيف من أن “ملايين الكتب والمقالات” و”القصائد المحمية بحقوق الطبع والنشر تشكل غذاء لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مع وجبات لا نهاية لها من دون فواتير”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *