بعد النجاح الضخم الذي حققه الموسم الأول من مسلسل “البيت بيتي” العام الماضي ومطالبات المشاهدين بإنتاج جزء جديد، ترقب الجميع الموسم الثاني في 2024.
ووسط كل ذلك الترقب، تخوّف الجمهور من أن يأتي الموسم الثاني بدون التوقعات، على غرار المسلسل الرمضاني “خالد نور وولده نور خالد”، فعلى سبيل الصدفة يشترك العملان في الكتّاب والنجم الرئيسي؛ إذ كتبهما أحمد عبد الوهاب وكريم سامي، في حين لعب كريم محمود عبد العزيز دور البطولة.
فإلى أي كفة ينتمي هذا الموسم الثاني من “البيت بيتي” الذي بدأ عرضه على “شاهد” نهاية أبريل/نيسان الماضي؟
لعنة الفندق المحترق
من جديد، يعود “كراكيري” محمود كريم عبد العزيز، و”بينو” مصطفى خاطر؛ لمواجهة مأساة غير متوقعة حين يكتشفان أن لعنة أصابت الورث الذي حصلا عليه؛ إذ لا يستطيعان جني الأرباح وبل يخسران أملاكهما لأسباب مختلفة.
يتزامن هذا النحس مع دخولهما فندقا ملعونا يحترق كل ليلة ويظلان الناجيين الوحيدين، وهنا يتوقعان أن كسر تلك الدائرة لن يتحقق إلا إذا استطاعا فك لغز هذا المكان المشؤوم. ليس هذا فحسب؛ وإنما يتوجب عليهما أيضا معرفة سر المزرعة المجاورة، والحقيقة وراء قصة الأطفال الأموات الذين لا يظهرون لسواهما.
وبالرغم من جدية الحبكة وكل ما تحمله من مؤشرات للرعب، نجح صانعو المسلسل بتقديم توليفة سليمة شديدة الدقة ولم يُقدم رعبا إلا وفي باطنه ضحكات عديدة، الأمر الذي جعل العمل يحظى بالكثير من المتابعين من الأطفال. وإن ظل التشويق قائما في كل حلقة، وصولا لقفلات ختامية شديدة الإثارة، تُجبر المشاهد على انتظار الحلقات القادمة.
هل كان يستحق موسما جديدا؟
إذا كنت ترغب بمشاهدة دراما مثيرة مغلّفة بالكثير من المواقف الكوميدية والنكات المبتكرة بجانب وجبة من الرعب غير المبتذل، نعدك أن يُحقق “البيت بيتي 2” ذلك كله، بل إنه تفوّق على الموسم الأول بعدة عناصر فنية.
ومن أهم العناصر التي تميّز الموسم الثاني، الإخراج الذي استطاع الاستفادة من كافة الإمكانات وخلق حالات تصاعدية من التوتر وغموض مركب خاصة وأن الأحداث تدور في أماكن مختلفة وليس مكانا واحدا مثل الجزء السابق، مما يجعل تحقيق ذلك على أرض الواقع يتطلب مهارات وقدرات إخراجية يتمتع بها مرعي، بالإضافة إلى خبرته السابقة كمونتير التي تجعله يعرف كيف يصنع عملا ذي رتم سريع وجذاب.
أما على صعيد التمثيل، فيبدو أن “الكيمياء” بين خاطر وكريم على الشاشة تضاعفت، في حين مُنح سليمان عيد مساحة إبداعية أكبر، وهي خطوة ذكية بسبب الكيمياء التي تجمعه هو الآخر ويعشقها الجمهور مع كريم محمود عبد العزيز؛ حتى إنهما عزما على استغلالها وتقديم مقتطفات ساخرة تجمعهما على منصة “تيك توك”.
وعلى خلاف الأبطال السابق ذكرهم، لا تزال بطلة العمل ميرنا جميل الوجه النسائي الوحيد. لكن ربما كان من الأفضل إضافة خطوط درامية نسائية أخرى، خاصة أنها لم تقدم أي جديد على مستوى الدراما أو التمثيل.
ومن أجل لعب أدوار العاملين في المزرعة والفندق، لجأ المخرج لوجوه غير معروفة، وهو ما منحها أصالتها وأُحسن توظيفها كافة، نخص بالذكر الممثل محمد بطاوي في دور “بطاوي” الذي رحل قبل أشهر قليلة بأزمة قلبية.
اللعب على نغمة التكرار
أما على صعيد الكتابة، فيبدو أن أحمد عبد الوهاب وكريم سامي يحبان اللعب على ثيمة التكرار، تكرار المواقف أكثر من مرة أو تكرار النكتة نفسها، وهي مجازفة خطيرة إما أن تُحدث ضحكا مضاعفا أو أن تثير غضب الجمهور وسخطه.
وعلى عكس ما جرى بمسلسل “خالد نور وولده نور خالد” الذي لعب على الثيمة نفسها مما أصاب قطاعا من الجمهور بالإحباط وجعلهم يتهمون صانعيه بفقر الخيال، جرى الأمر في “البيت بيتي 2” بذكاء؛ إذ جاءت الكوميديا مركبة وليست سطحية ولهذا لم ينفر المشاهدون من تكرار مشاهد الفندق أو المزرعة رفقة الفلاحين؛ وهو ما يُثبت أن بعض القرارات الفنية قد تصبح صائبة إذا توفّر معها عوامل أخرى، وقد تُخفق إذا ما جرى اللجوء إليها من باب الاعتياد أو الاستسهال.
“البيت بيتي 2” مسلسل قصير من 10 حلقات يجمع بين الرعب والكوميديا بحرفية موزونة يُحسد عليها صانعوها وتُحسب لهم، وإن كان عليهم محاولة الخروج من تلك العباءة إذا كانت لديهم نية تقديم موسم ثالث من باب التجديد، خاصة أن هذا الموسم -وإن استطاع المحافظة على الزخم الجماهيري- فإنه لم يقدم أي إضافة درامية، لذا يمكن اعتباره مجرد استنساخ أكثر لطفا.
وعند عرض الموسم الأول، لم يكن ثمة أعمال درامية مشابهة، وأمام نجاحه ظهرت محاولات أخرى متفاوتة المستوى أشهرها مسلسل “زينهم” الذي لعب بطولته أحمد داود وكريم قاسم بصفتهما طبيبي مشرحة يتعرضان إلى مواقف مخيفة نتيجة القضايا التي يتولاها، وهو ما يتم تناوله في إطار يجمع بين الدراما والرعب والكوميديا الخفيفة.
أخرج “البيت بيتي 2” خالد مرعي، وكتبه أحمد عبد الوهاب وكريم سامي تماما مثل الموسم الأول، أما البطولة فشارك فيها كلٌ من كريم محمود عبد العزيز، ومصطفى خاطر، وميرنا جميل، وسليمان عيد ومحمد أوتاكا، في حين انضم لهذا الموسم ممثلون جدد من بينهم الطفلة هنا مهران والنجم أحمد بدير.