الباتيك في إندونيسيا.. فن تقليدي يعكس روح جاوا وبيئتها

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

سولو، إندونيسيا- غوناوان ستيونو هو الجيل الرابع من صانعي الباتيك والبائعين في عائلته، وينتمي إلى المدينة الملكية التاريخية سولوكرتا أو سولو في جاوا الوسطى، والتي تعرف أيضا بعاصمة الباتيك في إندونيسيا.

وقال ستيونو “الباتيك هو فن خاص من إندونيسيا -خاصة جاوا- يتم تصنيعه بالشمع والصبغ”، في الأصل، تم استخدام الأرز اللزج وسيلة لنحت التصاميم وجعلها مقاومة لصبغ الألوان، قبل أن يتم اختيار الشمع بديلا أكثر فعالية”.

وبينما يصعب تحديد أصول التقنية بالضبط يُعتقد أن الباتيك يعود إلى الأزمنة القديمة عندما كان الناس يلفون القماش حول أجسامهم كملابس ويبدؤون في صبغه بألوان مختلفة وتزيينه بالرموز، وفقا لستيونو.

ويُعتقد أن الباتيك نشأ في إندونيسيا، ولكن توجد تقنيات مشابهة أيضا في مصر وماليزيا وسريلانكا والهند وأجزاء من الصين.

وقال ستيونو “ألوان باتيك سولو تعكس البيئة، وفي جاوا نحن محاطون بالأشجار والأوراق، كل جزء من إندونيسيا لديه ألوانه الخاصة، وفي سولو هي بنية وبيج وذهبية”.

سولو ليست المكان الوحيد الذي يعكس فيه الباتيك البيئة، المجتمعات القريبة من البحر تميل إلى استخدام الأزرق والأخضر كما يقول ستيونو، في حين أن تلك القريبة من البراكين النشطة تستخدم الأحمر والبرتقالي.

وقال ستيونو “الباتيك لديه اسم وظيفة، معنى وفلسفة، وهناك دائما سبب أو مناسبة محددة لارتدائه، لا يمكنك ارتداء الباتيك عشوائيا”.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار هناك تصميم باتيك معين للنساء الحوامل، النساء اللواتي أنجبن حديثا، الأطفال الذين يتعلمون المشي، حفلات الزفاف، الجنائز وحتى عندما تتم ترقية شخص.

تغير الأوقات

لكن في حين تم إنتاج الباتيك في إندونيسيا لقرون فإنه يواجه الآن صعوبة في مواكبة العصر.

ألفا فيبيلا برياتمونو هو خبير باتيك في سولو، ويقول إن فن الباتيك يحتاج إلى أن يُفهم في سياق أوسع من مجرد النسيج.

وقال برياتمونو للجزيرة نت “يحتاج الناس إلى معرفة ما هو الباتيك، وهو عملية صبغ شيء باستخدام الشمع لصنع التصميم، الباتيك ليس فقط لتصاميم القماش ولكن يمكن استخدامه أيضا على السيراميك والخشب والجلد، ولكن يجب أن يكون تصميما بالشمع مصنوعا من شمع مذاب حتى يصبح سائلا”.

وأضاف أن بعض التصاميم الحديثة استخدمت مركّبا كيميائيا لتحطيم الشمع قبل طباعة القماش، ولا يمكن تصنيفها على أنها باتيك لأنها انحرفت عن العملية التقليدية.

وقال “يجب على الشباب والجمهور العريض دعم الباتيك، ليس فقط من وجهة نظر اقتصادية، ولكن أيضا من منظور فني، ثقافي وفلسفي، لأن هذه هي قوة الباتيك”.

ويضيف “التحديات التي تواجه السوق الآن شديدة للغاية، ولكن علينا أن نجد حلا لها، غالبا ما نفقد المنافسة على السعر لصالح الأقمشة المستوردة، ولذلك نحتاج إلى تعليم الجمهور ما هو الباتيك الحقيقي وما هو ليس كذلك، وتعليمهم حب المنتجات الباتيك الحقيقية”.

ولتعليم الجمهور، لدى برياتمونو مجموعة من البرامج، بما في ذلك تعليم الشباب عن الباتيك من خلال الرموز الأبسط والأقل تعقيدا، وهناك أيضا خيار يستخدم الشمع والنسيج الصديق للبيئة، بالإضافة إلى الأصباغ الطبيعية لصنع الباتيك.

Young women get a hands-on lesson in batik in Solo [Aisyah Llewellyn/Al Jazeera]

ومنذ عام 1546 يعتبر كامبونج باتيك لاويان في سولو واحدا من المراكز الرئيسية للباتيك في المدينة، وقد شهدت المنطقة ازدهارا وانحدارا في حظوظها، كونها موطنا لمئات من صانعي وبائعي الباتيك، وتعرضت لاويان لضربة كبيرة في السبعينيات، وفي جائحة “كوفيد-19” أيضا.

لكن برجماتونو يقول إنه كان هناك انتعاش مع وجود نحو 40 إلى 50 بائعا في المنطقة، مضيفا “لكن لا يزال هناك خطر كبير على سوق النسيج المحلي في إندونيسيا، لذا فنحن بحاجة إلى تغذية وتنمية هذه الصناعة”.

من جانبه، يقول ستياءوان إن النظرة المستقبلية للباتيك واعدة، مضيفا “أنا متفائل للغاية بأن الحكومة ستواصل الترويج للباتيك الإندونيسي بحيث يمكن أن يكون معروفا دوليا أيضا، أريد أن يكون ذلك اتجاها عالميا”.

وتمنح إندونيسيا منذ فترة طويلة ملابس ومنتجات الباتيك للشخصيات البارزة الزائرة، وفي قمم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) العام الماضي تم تصوير القادة وهم يحيّون الرئيس جوكو ويدودو وهم يرتدون الباتيك.

كما ارتدى قادة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبيك) هذه الملابس عندما التقوا في إندونيسيا في عام 2013.

بعض الشخصيات العامة الإندونيسية معروفة أيضا بارتداء الباتيك بانتظام في الوطن والخارج، بمن في ذلك جيبران راكابومينغ راكا نائب الرئيس المنتخب والعمدة السابق لسولو، ووزير السياحة ساندياجا أونو.

كما يشاهد في نسخة إندونيسيا من “يوم الجمعة العادية” ارتداء الموظفين العموميين والعاملين في المكاتب الباتيك، وتحتفل البلاد بيوم الباتيك الوطني في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.

جيل جديد

كما هو الحال في عائلة ستياءوان تنتقل أعمال الباتيك عادة من جيل إلى جيل، ولكن الأجيال الشابة في إندونيسيا أحيانا تفتقر إلى الحماس للعمل في هذا المجال الذي يمكن أن يكون شاقا وتكون الأرباح فيه متقلبة.

Singapore’s then-Prime Minister Lee Hsien Loong and his Minister for Defence Ng Eng Hen (left) wear batik on an official visit to Jakarta in April this year [Bay Ismoyo/AFP]

الصحفي سيفاول عريفين من سولو ينحدر من عائلة من بائعي الباتيك، وقال إنه بينما يرتدي الباتيك بانتظام لم يرغب في العمل بالأعمال العائلية.

وأضاف “كان والدي يصنع سراويل جميلة، لكن عندما كبرت أردت أن أصبح صحفيا بدلا من صنع الباتيك، أشعر بالسوء حيال ذلك الآن، عندما توفي والدي ماتت كل تلك المعرفة معه”.

وقال ستياءوان إن تدهور الأعمال العائلية كان أمرا شائعا للغاية، وإن ورشاته في كامبونغ بتيك كاومان -وهو مركز آخر للباتيك في سولو- كانت بهدف إحياء اهتمام الشباب بالحرفة.

وفي متجره يجلس زوار سولو متربعين على الأرض حول مشاعل الشمع ويحاولون تصميم الباتيك الخاص بهم، يرسمونه على القماش الأبيض بالشمع قبل غمره في الصبغة.

ريزكا سائحة وطالبة فنون تبلغ من العمر 19 عاما، والتي مثل العديد من الإندونيسيين تعرف باسم واحد، وقالت إنها سجلت في الفصل “لتعلّم شيء جديد”.

من حولها كان هناك زوار محليون ودوليون آخرون يرسمون تصاميمهم بدقة من دلاء الشمع المذاب على المشاعل الحرة في جميع أنحاء الغرفة.

Gunawan Setiawan is the fourth generation of batik makers in his family [Aisyah Llewellyn/Al Jazeera]

ريزكا -التي تدرس في جامعة في سورابايا- قالت إنها مهتمة بجميع أشكال الفن الإندونيسي، وإنه من المهم فهم التاريخ الإبداعي لإندونيسيا.

وقالت “الباتيك مثير للاهتمام للغاية، لأنه يمكن أن يتغير مع الزمن وأن يكون مواكبا للأحداث على الرغم من أنه يُعتبر في إندونيسيا حرفة قديمة، لكن الأمر يعتمد علينا للعناية به”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *