إعدام تاريخ غزة.. المكتبة الرئيسية من ضحايا الحرب الإسرائيلية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

لم تسلم المكتبة الرئيسية في قطاع غزة من آلة الحرب الإسرائيلية التي قصفتها خلال الغارات التي تستهدف مدينة غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتكشفت ملامح هذه المأساة خلال أيام الهدنة الإنسانية المستمرة منذ يوم الجمعة الماضي.

المكتبة الكبرى في القطاع -المعروفة بمبنى المكاتب العامة التابع لبلدية مدينة غزة- تحتوي على وثائق وكتب تاريخية ويعتبرها سكان المدينة ذاكرة البلاد وحاضرها.

استهداف التراث والثقافة

ووفقا لشهود عيان، تعمدت إسرائيل خلال الحرب “تدمير مبنى المكاتب العامة بشارع الوحدة وسط المدينة، وإعدام الوثائق والكتب التاريخية في مختلف العلوم”.

من جهته، اعتبر متحدث بلدية مدينة غزة حسني مهنا أن هذا الاستهداف “يحمل آثارًا خطيرة على الثقافة والتراث والتاريخ، ويستدعي تدخلا من المؤسسات الثقافية، واستنكارا دوليا للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للقطاع”.

وأضاف أن “هدف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نشر الجهل في المجتمع، ويظهر ذلك بوضوح من خلال استهداف كبرى المكتبات”.

وأوضح مهنا -في حديثه لوكالة الأناضول- أن “الهدنة الإنسانية كشفت عن إعدام الاحتلال للوثائق والكتب التاريخية في مختلف المجالات الإنسانية والطبيعية”.

وأردف أن “الاحتلال استهدف مبنى المكتبة الذي تحول إلى ركام بفعل القصف، مسببا حرق وإعدام آلاف الكتب والعناوين والوثائق التي توثق تاريخ المدينة وتطورها”.

وتابع “الاحتلال قام بإعدام آلاف الوثائق والكتب التاريخية بتوجيه ضربات مباشرة للمكتبة التابعة لبلدية مدينة غزة”، مبينا أن “الاحتلال يمارس أبشع الجرائم في حق الثقافة الفلسطينية”.

وشدد مهنا على أن إسرائيل “تسعى إلى إعدام كل جزء من التاريخ الفلسطيني”.

كما كشف عن أن “الاحتلال دمر أيضا مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي يعد أحد أقدم المباني الثقافية في فلسطين”.

وعليه، دعا المسؤول الفلسطيني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إلى التدخل وحماية المراكز الثقافية.

ويمثل مقر البلدية -الذي يعود تاريخ تشييده إلى ما قبل نحو 200 عام- رمزية عالية في مدينة غزة، كبرى مدن القطاع ويقطنها أكثر من 800 ألف نسمة، حسب حديث رئيس البلدية الدكتور يحيى السراج لتقرير سابق للجزيرة نت.

ويطل مقر البلدية على “ميدان فلسطين”، ويقع في ما تعرف “غزة القديمة”، التي تضم بين جنباتها ومناطقها عشرات المباني والمعالم الأثرية والتاريخية، أبرزها “المسجد العمري الكبير” و”كنيسة القديس برفيريوس” المجاورة لمسجد “كاتب ولاية” ويعود تاريخه للقرن السابع الميلادي، و”حمام السمرة” آخر وأبرز معالم الحقبة العثمانية، و”سوق القيسارية” في حي الدرج أحد أعرق أحياء المدينة وتميزه منازل يعود تاريخها لمئات السنين.

وينظر العارفون بقيمة المباني التاريخية بالقطاع المحاصر إلى عمليات الاستهداف الإسرائيلي أنها محاولة “لاقتلاع التاريخ”، والنيل من تراث المدينة العريقة الذي يتفوق بعقود طويلة على تاريخ دولة الاحتلال المقامة على أنقاض فلسطين التاريخية إبان النكبة عام 1948.

استهداف المؤسسات والمثقفين

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسبب القصف المتواصل في تدمير 103 مقرات حكومية في القطاع، بينها 266 مدرسة، 67 منها خرجت عن الخدمة، وفق إحصاء رسمي، صدر مساء الاثنين الماضي.

وكانت عدة منظمات دولية أعربت عن قلقها جراء استهداف المدارس وتحوّل بعضها إلي مراكز للنزوح، وتداعيات ذلك على المستقبل التعليمي لأطفال قطاع غزة بعد الحرب.

ويقدر عدد أطفال غزة المقيدين بالمدارس بأكثر من مليون و338 ألفا، وفق إحصاء نشره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام الدراسي 2020-2021.

وحتى الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية أن 15 شخصا من المثقفين المبدعين قتلوا في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في حين دُمرت عشرات المراكز الثقافية.

ووفق وزارة الثقافة، يوجد في غزة 76 مركزا ثقافيا، و3 مسارح، و5 متاحف، و15 دار نشر ومركزا لبيع الكتب، و80 مكتبة عامة.

ويبلغ عدد معالم غزة 145 معلما أثريا، حسب الدليل الأثري الذي أصدرته وزارة السياحة والآثار العام الماضي، موزعة على مدن مختلفة بقطاع غزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *