ارتبطت السينما العالمية بعالم الموضة بعلاقات وثيقة منذ عشرات السنين، إذ تحوّل عدد كبير من قطع الأزياء التي ارتدتها أشهر بطلات السينما العالمية إلى قطعٍ أيقونية باهرة، وأسهمت تلك الإطلالات في شهرة مصمميها الذين كان بعضهم في بداية مسيرتهم المهنية.
مارلين مونرو تغيّر مفاهيم الموضة
بدأ تعاون النجمة الأميركية مارلين مونرو مع مصمم الأزياء ويليام ترافيلا في فيلمي “لا تهتم بالطرق” (Don’t Bother to Knock) و”أعمال مشبوهة” (Monkey Business)، اللذين طرحا في دور العرض السينمائي عام 1952.
ورغم أن مارلين مونرو لم تكن معجبة بالأزياء التي صممها ترافيلا، فإن شركة “توينتيث سينشري ستوديوز” المنتجة لفيلم “السادة يفضلون الشقراوات” (Gentlemen Prefer Blondies)، فإنها أصرت على وجوده في العمل لتنفجر قنبلته الموقوتة في مشهد تقديم مونرو لوحتها الاستعراضية الشهيرة “الألماس هو الصديق المفضل للفتاة” (Diamonds are a Girl’s Best Friend)، الذي أطلت من خلاله بفستان وردي زيّن بمجوهرات دار “تيفاني آند كو” العريقة، لتصبح هذه الإطلالة واحدة من أشهر الإطلالات في السينما العالمية إلى درجة أنها ما زالت مرجعا لخبراء الموضة بعد 70 عاما من عرض الفيلم.
كما استلهم عدد كبير من النجمات إطلالاتهن من مونرو مثل مادونا، التي ظهرت بإطلالة مشابهة في فيديو كليب أغنيتها “فتاة مادية” (Material Girl) في العام 1984.
وبعد هذه الإطلالة، تعاون كل من مونرو وترافيلا في عدة أعمال فنية أخرى مثل فيلم “كيف تتزوجين مليونيرا” (How to Marry a Millionaire) في العام 1953، و”حكة السنوات السبع” (The Seven Year Itch) في 1954، إذ جعلت هذه الإطلالات الأيقونية الباهرة من ترافيلا الاسم الأكثر شهرة في عالم تصميم أزياء الأفلام، لتتهافت عليه الشركات المنتجة للأفلام الاستعراضية من أجل تصميم ملابس بطلاتها، ويحصل خلال مسيرته على جائزة أوسكار ويترشح إلى 3 جوائز أخرى عن فئة أفضل ملابس في فيلم سينمائي.
أودري هيبورن وهوبير دي جيفنشي
تعتبر العلاقة التي جمعت النجمة البريطانية أودري هيبورن ومصمم الأزياء الفرنسي ومؤسس دار “جيفنشي” هوبير دي جيفنشي من أقوى الثنائيات التي ربطت صناع السينما بعالم الموضة.
وبدأت هذه الصلة الوطيدة في الخمسينيات من القرن الماضي عندما كان الاثنان في بداية مسيرتهما، حين ذهبت هيبرون إلى باريس لتختار الأزياء التي ستظهر بها في فيلم “سابرينا” (Sabrina) بعدما رفض المصمم الإسباني كريستوبال بالنسياغا التعاون معها، وهناك تعرفت على جيفنشي الذي أكد لها أنه ليس لديه وقت كاف ولا العمالة الكافية ليصمم قطعا خاصة بها، لكنه عرض عليها أحدث تصميماته لتختار منها ما يناسبها مع إضافة بعض التعديلات عليها.
ومن هنا شعرت نجمة فيلم “الحرب والسلام” (War and Peace) أنها “خُلقت لكي ترتدي تصميمات جيفنشي”، على حد قولها، واستمر التعاون بينهما حتى جاء فيلم “وجه مضحك” (Funny Face) في العام 1957، وظهرت في أحد المشاهد بفستان الزفاف الشهير الذي صممه خصيصا لها، وجاء ليعبر عن حالة التمرد التي كانت طاغية على حركة الموضة حينها، لذلك أصبح من أشهر فساتين الزفاف في تاريخ السينما العالمية.
لكن جوهرة تعاون هيبورن وجيفنشي كانت في العام 1961 بعدما تألقت في المشهد الافتتاحي لفيلم “الإفطار عند تيفاني” (Breakfast at Tiffany’s) بالفستان الأسود الشهير، الذي عدّ صناع الموضة حينها مفهوما جديدا للفستان الأسود بعد الذي قدمته كوكو شانيل، وهذه الضجة جعلت هذا الفستان هو قطعة الأزياء الأشهر في القرن الـ20.
ومنذ ذلك الوقت، صار جيفنشي هو الأسد الرابح للموضة المعاصرة، وحقق شهرة واسعة بين النجمات العالميات اللواتي تهافتن لحجز مكان لأنفسهن بين أيقونات الموضة مثل إليزابيث تايلور ومارلينا ديتريش، إلى جانب انتشار تصميماته بين الملكات والسيدات الأوليات، أبرزهن السيدة الأولى الأميركية السابقة جاكلين كينيدي والشهبانو الإيرانية فرح ديبا.
يذكر أن الفستان الأسود الخاص بأودري هيبورن تم بيعه في مزاد خيري في العام 2006 بمدينة مدريد الإسبانية بمبلغ 467 ألفا و200 جنيه إسترليني، وتبرعت دار جيفنشي بقيمته للمحتاجين في مدينة كلكتا الهندية.
صوفيا لورين وحلم بيار بالمان
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان التعاون مع النجمة الإيطالية صوفيا لورين هو حلم كل مصممين وبيوت الأزياء العالمية، فكان ظهورها بتصميم واحد لأي دار يعادل مئات الحملات الدعائية التي ينفق عليها آلاف الدولارات.
بيد أن الحظ حالف مصمم الأزياء الفرنسي ومؤسس دار “بالمان” بيار بالمان في العام 1960، وذلك عندما طلب منه المخرج أنثوني إسكويث تصميم خزانة كاملة للورين لتظهر بأزيائها في فيلم “المليونيرات” (The Millionaires) الذي قدمت فيه دور أغنى سيدة بالعالم، لذلك كانت المهمة صعبة أمام بالمان بأن يمزج عصريته التي كانت سابقة للوقت مع الكلاسيكية، إلا أنه في النهاية نجح في ذلك لدرجة أن البعض كانوا يشترون تذاكر الفيلم لمشاهدة أزياء صوفيا فقط.
ومن بعد هذه الخطوة، أصبحت دار بالمان من بين أكبر 5 بيوت أزياء في فرنسا، رغم أنه لم يمر على تأسيسها وقتذاك إلا 15 عاما، لكن طلبات سيدات الطبقة المخملية لتصميمات مشابهة للتي ظهرت بها صوفيا لم تتوقف لأكثر من 3 عقود حتى مع تغير المديرين الإبداعيين للدار.