أرعبهم خارج السجن وداخله.. لهذا تحرض إسرائيل على الأسير خندقجي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

نابلس- “بقي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو أي من وزراء حكومته المتطرفين الخروج في مؤتمر صحفي وإعلان أنه وبينما لدينا أسرى بغزة لا نعرف عنهم شيئا، هناك أسرى فلسطينيون يكتبون الروايات ويخرجونها للعالم” هكذا لخص يوسف خندقجي حجم التحريض الذي تشنه إسرائيل على شقيقه الأسير الروائي باسم وروايته الأخيرة “قناع بلون السماء”.

ويأتي هذا التحريض وسط تصعيد الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين “طوفان الأقصى”؛ مثل: تهديدهم بالقتل والاغتصاب، وحرمانهم من أيسر حقوقهم.

ومنذ أسبوع ومع ترشح الرواية منتصف الشهر الماضي للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) ضمن القائمة القصيرة، يتعرض خندقجي (40 عاما) للتحريض من إسرائيل بأدواتها الإعلامية ومستوطنيها، للنيل منه وعزيمته بالاستمرار في إنتاج الأدب داخل سجونها.

تخوفات

وكتبت صحيفة هآرتس “إرهابي فلسطيني متورط بقتل مدنيين إسرائيليين ومحكوم بالسجن المؤبد 3 مرات، يتم ترشيحه لجائزة أدبية، إذا تم اختياره سيفوز بمبلغ 50 ألف دولار”.

وعلَّق أحد المستوطنين متعجبا “أسرانا بغزة لا نعرف أين هم، والإرهابي باسم خندقجي يكتب من داخل سجنه” وتساءل آخر “هل لديه قناة يوتيوب داخل سجنه؟ ماذا يحدث داخل السجن؟”.

ويقول يوسف خندقجي للجزيرة نت، والذي يُعرّف نفسه بأنه الوكيل الأدبي لشقيقه، إن الاحتلال يربط تحريضه بأسراه لدى المقاومة بغزة وبما يعيشه من أزمة سياسية، ويعكس ذلك على الأسرى بالدعوة إلى الانتقام منهم وبأي شكل.

وبعد قبولها في القائمة الطويلة للبوكر منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، ترشحت رواية خندقجي للقائمة القصيرة، وتصاعد التحريض أكثر رغم أن الروائي الفلسطيني ليس وحده من كتب في أدب السجون.

وتتخوف عائلة خندقجي من أن ينعكس تحريض الاحتلال على الأسير نفسه ويتم قمعه وعزله داخل سجنه، أو أن يقتحموا منزل العائلة ويعتقلوا أحدا منها، كما يُمنع إدخال الرواية إلى الأراضي الفلسطينية لأنها طُبعت في بيروت، مما قد يؤدي إلى منع إدخال قيمة الجائزة إن فازت الرواية.

ويضيف يوسف أن الرواية واجهت صعوبات جمَّة، أهمها إدخال الكتب المطلوبة للأسير خندقجي، واستغراقه 6 أشهر في كتابتها في ظل ظروف السجن القاهرة، وحاجته لترتيبات خاصة تمكنه من التدوين، وإعادة نسخها ثانية وتهريبها لسجن آخر خشية مصادرتها.

وخارج السجن احتاجت الرواية وقتا كبيرا للتجميع والتدقيق، حيث وصلت مجزأة عبر البريد الإسرائيلي وأسرى محررين، وساعد في ذلك امتلاك عائلة خندقجي واحدة من أقدم المكتبات في نابلس، وإنتاجهم الكثير من أدب السجون.

“ثلاثية المرايا”

و”قناع بلون السماء” و”سادن المحرقة” و”شياطين مريم الجليلية” جزء من مشروع روائي يحمل اسم “ثلاثية المرايا” للأسير خندقجي بدأ بإنتاجه عام 2020، فكتب “قناع بلون السماء” عام 2022، وطُبعت بدار الآداب في بيروت.

وأُطلقت الرواية بحفل إشهار نظمته السفارة الفلسطينية في القاهرة ومعرض مصر الدولي للكتاب في يناير/كانون الثاني 2023، وبعدها بشهرين أُعلن عنها في البلدة القديمة بنابلس.

ويذهب باسم خندقجي في روايته “قناع بلون السماء” -التي جاءت في 240 صفحة من القطع المتوسط وغلاف حمل صورة قبة الصخرة وقطعة قماش مطرزة بألوان التراث الفلسطيني- إلى حد كبير من الخيال، ليحكي قصة الشاب الفلسطيني نور الشهدي (شخصية وهمية) المنحدر من أحد مخيمات مدينة رام الله والمهووس بعلم الآثار.

وبينما يكون نور في مدينة يافا يشتري معطفا من سوق المستعمل، يعثر بداخله على هوية إسرائيلية ليهودي إشكنازي (يهود الشتات) اسمه بالعبرية “أور” ويعني “نور” ويستغل ذلك في التسجيل بمعهد أولبرايت الإسرائيلي للعلوم الأثرية، لينقب عن الآثار ويسبر أغوار التاريخ الفلسطيني المطمور والمسروق ليرسخ فلسطينيته.

وبصفته يهوديا يتابع “أور” بحثه ضمن بعثة إلى كيبوتس “مشعار هعيمق” الإسرائيلي المقام على أراضي قرية أبو شوشة المهجرة في نكبة 1948، ويتجدد الصراع في إثبات الهوية الفلسطينية، وتصبح المسألة وكأنها اشتباك ثقافي مع الاحتلال كل يوم.

وبدعم من دار الآداب في بيروت، رُشَّحت “قناع بلون السماء” للبوكر العربية، وهو ما أثلج صدر باسم الذي سمع الخبر عبر الإذاعات المحلية داخل سجن “عوفر” شمال الضفة الغربية.

وفي نابلس شمال الضفة، وُلد خندقجي، وبها تلقى تعليمه المدرسي والجامعي الذي لم يكمله بسبب اعتقاله عام 2004 وحكمه بالسجن المؤبد 3 مرات، بعد ادعاء الاحتلال مشاركته في عملية سوق الكرمل الفدائية وقتله إسرائيليين، وفي السجن واصل تعليمه الجامعي ونال شهادتي البكالوريوس والماجستير.

حصار ثقافي

وعُرف خندقجي بكتاباته قبل اعتقاله، وتابعها داخل سجنه، فأنتج ديوانين شعريين وكتب أكثر من 250 مقالا متنوعا، وصدرت له 6 روايات منها “نرجس العزلة” و”مسك الكفاية” و”خسوف بدر الدين” وآخرها “قناع بلون السماء” التي ذاع صيتها عربيا ودوليا بعد أن شاركت بمعظم المعارض الدولية والعربية للكتاب، وطُبع منها حتى الآن حوالي 6 آلاف نسخة.

وبينما أنهى الرواية الثانية “سادن المحرقة” من مشروعه “ثلاثية المرايا” يعكف خندقجي على إعداد الجزء الثالث والأخير بعنوان “شياطين مريم الجليلية”.

وإلى جانب “قناع بلون السماء” للخندقجي، تترشح في القائمة القصيرة للبوكر “سماء القدس السابعة” للروائي الفلسطيني أسامة العيسة الذي يقول العيسة إن التحريض على الأسير خندقجي يأتي ضمن محاربة الإنتاج الثقافي الفلسطيني.

ويضيف العيسة الذي صدرت له روايات عن أدب السجون “لا تستطيع عقلية الاحتلال استيعاب أن أسيرا معتقلا منذ نحو عقدين يمكن أن يكون كاتبا بارزا وينجح في إيصال صوته، إنه واحد من الذي حفروا في الصخر، فكتب في عتمة الزنزانة دون يأس، وعمل بدأب على تطوير أداته الفنية والمعرفية وناضل على الجبهة الثقافية”.

وذكر -للجزيرة نت- أنه، وفي سنوات الاحتلال الأولى، فرضت إسرائيل حصارا ثقافيا على الفلسطينيين بمنع معظم إصدارات دور النشر العربية من الدخول للأراضي المحتلة بزعم أنها تصدر بدول في حالة حرب مع دولة الاحتلال.

وشملت الحرب على الثقافة الفلسطينية مصادرة الكتب من منازل الفلسطينيين وتقديم بعضهم إلى المحاكم، مثلما حدث مع المربي محمود الخطيب أمام محكمة الاحتلال العسكريَّة في رام الله عام 1981، بتهمة حيازته كتاب “بلادنا فلسطين” الذي كان يملكه قبل الاحتلال.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *