“آسر”.. هل تتفوق النسخة العربية على العمل الأصلي؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

من جديد تعود منصة “شاهد” إلى تعريب الدراما التركية، لكن هذه المرة وقع الاختيار على أحد أشهر المسلسلات وهو “إيزيل” الذي حقق نجاحا عالميا، فمن جهة بيع إلى أكثر من 30 قناة تلفزيونية وحاز جوائز عدة على رأسها جائزة “أفضل مسلسل في تاريخ تركيا” عام 2021، ومن جهة أخرى تمت دبلجته للهجة السورية مما حقق له انتشارا واسعا في الوطن العربي، وهذا ما يتمنى صانعو النسخة العربية أن يتكرر ويكون من نصيبهم هم أيضا.

لهذه الأسباب مسلسل “آسر” هو الأعلى مشاهدة:

1- طاقم فني مميز

منذ اللحظة التي كُشف فيها عن الملصق الدعائي لمسلسل “آسر”، أبدى الجمهور حماسة كبيرة لمتابعة العمل، خاصة مع مشاركة نخبة من النجوم المميزين، في مقدمتهم باسل خياط الذي عاد بعد غياب عن الموسم الرمضاني ويُعرف بتقديمه أدوارا مركبة ومعقدة، إلى جانبه يطل عباس النوري الذي يشارك للمرة الأولى في عمل درامي مُعرّب بعد غيابه أيضًا عن دراما رمضان.

وينضم إليهما باميلا الكيك وخالد القيش وسامر المصري، وجميعهم يتمتعون بجماهيرية واسعة في العالم العربي. هذا الفريق المتكامل دعم بعضه بعضا خلال التصوير، مما منحهم دفعة قوية لتقديم أداء لافت يرتقي إلى مستوى التطلعات.

2- حبكة جذابة وشخصيات معقدة

الانتقام طبق يؤكل باردا، هذا هو أساس الحبكة التي يتمحور حولها العمل، الذي يحكي عن مجد (لجين إسماعيل/ باسل خياط) الذي يخونه أقرب الناس إليه ويرتكبون جريمة يُنسبونها إليه.

ورغم أنه يُحكم عليه بالمؤبد فإن انقلابا يحدث بين السجناء؛ تنشب عنه نيران ومواجهات بين السجناء والحراس، مما يؤدي إلى تعرُّض البطل لتشوهات شديدة في الوجه ويمكنه بطريقة ما من تزييف موته والخروج من السجن إثر عفو رئاسي عوضا عن سجين آخر.

ومن ثم يجري عملية جراحية يترتب عليها تغيير شكله بالكامل وكذلك صوته إثر إصابات جسيمة في الحنجرة؛ ومن ثمّ يتمكن من العودة للظهور في حياة أصدقائه دون أن يتعرّفوا عليه من أجل الانتقام منهم.

تُذكرنا القصة بأجواء “الكونت دي مونت كريستو” وشخصية أمير الانتقام التي قدمها الكثيرون، لكن ما يميز مسلسل “آسر” أن القصة لا تقدم بسطحية أو تكتفي بالاعتماد على ثيمة الانتقام؛ إذ لا تخلو من العمق النفسي والعاطفي مع تجسيد التأثير العميق للظلم لا على المظلوم وحده، وإنما على من حوله وحتى على الظالم.

كما نشهد لكل شخصية أبعادا متعددة، بداية من آسر الذي تتصارع داخله شخصيتان، مجد الذي لا يزال قادرا على منح السماح لغير مستحقيه والشعور بالحب تجاه حبيبته القديمة، وآسر الذي يملك بداخله غضبا عارما ورغبة جارفة بأن يدفع المذنبون الثمن حتى ولو كان ذلك يعني أن يخسر روحه النقية للأبد.

مرورا بعزت (سامر المصري) الذي اضطرته الظروف لأن يصير قاتلا، لكنه لا يحمل النفسية أو التوجهات اللازمين لذلك، ومع شعوره الدائم بالوجع لأنه خان رفيقه الأقرب إلى قلبه وما تتطلبه شخصيته الجديدة من التعامل بقسوة مع الجميع؛ يعجز عن التصالح مع حاله.

وراغب (خالد القيش) الذي يدعي القوة ويصر على أن يكون المسيطر على زمام الأمور محركا من حوله كعرائس الماريونت، لكنه في حقيقة الأمر شخص ضعيف وهش يعجز عن مواجهة مخاوفه أو مواجهة الآخرين.

3- اقتباس ذكي

تميز مسلسل “آسر” بسيناريو وحوار متماسكين وسرد درامي تصاعدي وسريع، لكن الأهم أن الاقتباس تم بذكاء مع تغيير بعض التفاصيل غير المتناسبة مع عادات وتقاليد المجتمع العربي دون الاكتفاء بالاستنساخ، وهو ما لم تكن منصة “شاهد” حريصة عليه في التجارب السابقة ويُحسب لصانعي هذا العمل.

4- الممثلون العرب الأفضل في التمثيل

بمتابعة العمل حلقة بعد أخرى، يمكن القول إن التلميذ تفوق على أستاذه من حيث التمثيل؛ إذ برع طاقم النسخة العربية في الأداء القوي والمؤثر على رأسهم باسل خياط الذي أجاد التعبير عن الانفعالات المتناقضة التي تعاني منها الشخصية التي يلعبها، كذلك أجاد غالبية النجوم أداء أدوارهم متفوقين على نظائرهم الأتراك كونهم ركزوا على إبراز لغة الجسد والعيون.

يذكر أن النسخة العربية تشابهت مع التركية في بعض العناصر الفنية من بينها الإخراج والتصوير والموسيقى التصويرية، والتي وإن كانت مناسبة لروح العمل، فإنها لم تقدم أي جديد للجمهور الذي سبق أن شاهد النسخة التركية. ورغم تصوير الأحداث في تركيا، فإنهم حاولوا جعلها تبدو كما لو كانت تجري بين دمشق وبيروت.

بين الحب والانتقام.. قصة تستحق المشاهدة

“آسر” مسلسل سوري مكون من 90 حلقة يجمع بين الدراما والإثارة، ونجح منذ الحلقات الأولى في تصدّر قوائم الأعلى مشاهدة، وأن يصبح حديث متابعيه عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومع أنه ثري وجذاب واستطاع الحفاظ على مستواه الإيجابي بالربع الأول منه، فإنه يثير سؤالا مفتوحا: هل ينجح في التفوق على نسخته التركية حتى النهاية؟

يُذكر أن النسخة العربية كتبتها رغداء الشعراني وأخرجها باثوان سمير وبنال تايري، أما البطولة فجماعية شارك فيها من سوريا باسل خياط وعباس النوري وسامر المصري وخالد القيش ولجين إسماعيل ونادين خوري، ومن لبنان باميلا الكيك وزينة مكي وريم خوري ومجدي مشموشي.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *