تضمنت النسخ السابقة من مهرجان كان السينمائي أفلاما بتقنية الواقع الافتراضي أو المعزز، إلا أن الجديد في الدورة الـ77 التي انطلقت فعالياتها مساء أمس الثلاثاء، تخصيص مسابقة لهذه الأعمال للمرة الأولى، كما في مهرجان فينيسيا (البندقية).
وفي عام 2017، عرض المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إينياريتو فيلمه “اللحم والرمل” (Carne y Arena) بتقنية الواقع الافتراضي، والذي كان أول عمل بهذه التقنية يشارك في المنافسة الرسمية لمهرجان كان.
وفي الدورة الحالية، ستمنح لجنة تحكيم دولية تضم متخصصين في السينما وفي الفن الغامر الجائزة ضمن حفل مخصص.
وتحتوي الأفلام الثمانية المتنافسة على الجائزة الجديدة، مختلف أنواع التكنولوجيا؛ بدءا من أحدث تقنيات الواقع الافتراضي التي تُلزِم المشاهدين وضع خوذ رأس لجعلهم يتنقّلون بين أبعاد متعددة، وصولاً إلى تجارب تفاعلية من دون معدات.
وفي الفئة الأولى، أي الأعمال بتقنية الواقع الافتراضي، يبرز فيلم “عبور الضباب” (Traversing the Mist) للتايواني تونغ ين تشو، والذي يتيح للمشاهد أن يشعر بتحركات الشخصية في كل طبقة أو ممر أو غرفة يمشي فيها، بالإضافة إلى عدم قدرتها على النظر في وجه الآخر.
حوار مع الشاشات
ومن بين الأفلام التي توفّر تجارب تفاعلية من دون معدات، “في الحب” (En Amour) للفرنسيَّيْن كلير باردين وأدريان موندو. ويتناول هذا العمل مشاعر الحب بطريقة شاعرية. ولا تستلزم مشاهدة الفيلم أي معدات، ولكن من خلال التحرّك أو لمس الشاشات، يؤثّر المشاهد على جزيئات الضوء الخاصة بالعمل.
وتقول كلير باردين “إنّ الصورة تصبح شريكا وتمكّن الجسد من الدخول في حوار مع الشاشات والأرض”، على وقع أنغام موسيقية ألّفها لوران باردين وتمتزج بين نوعي الالكترو والبوب.
ومن الواضح أنّ آفاق هذه الصيغ من الأفلام واسعة جدا؛ إذ يقول البريطاني بارنابي ستيل، وهو أحد القائمين على فيلم “إيفولفر” (Evolver)، “أعتقد أننا نعيش عصر الأبيض والأسود لهذا النوع من التكنولوجيا”.
و”إيفولفر” الذي كان إنتاجه مشتركا بين المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، يتيح للمشاهد استكشاف القفص الصدري من الداخل، مع صوت كيت بلانشيت (“كارول”، “تار”) وتنفّسها.
ومن غير المتوقّع أن تدرّ أعمال مماثلة عائدات مرتفعة كالتي تحققها أفلام “مارفل” أو سلسلة “جيمس بوند” مثلا، فالمبالغ التي يتعيّن استثمارها لتمكين العامة من مشاهدة أعمال كهذه، كبيرة جدا، إذ تتراوح تكلفة كل خوذة رأس ستُستخدم في مهرجان كان بين 200 إلى 500 يورو لمشاهدة فيلم “مايا: ولادة بطل خارق” (Maya: The Birth of a Superhero ) بواقع 4 مستخدمين كحد أقصى لكل عرض خلال المهرجان.
“أخطبوط عملاق”
هذا العمل الذي تتشارك فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في إنتاجه، يُسمَح بمشاهدته لمَن بلغوا الـ13 فما فوق، يتيح للمشاهد عيش تجربة فتاة صغيرة من أصل هندي تعيش في لندن، وتواجه مضايقات في مدرستها وكيفية تعاملها مع ما تؤمن به عائلتها.
ويحمل هذا التغيير الكبير في حياة الفتاة مايا رسالتَي نضال وأمل كبيرتين. ويضم الفيلم الذي تبلغ مدته 33 دقيقة مشاهد واقعية في المدرسة وأخرى خيالية لمحاربة كائنات شريرة وقوى ظلام. ويصبح المشاهد ممثلاً من خلال فتح راحتيه، لتصبح القدرة على مساعدة الفتاة الصغيرة للانتقال إلى عالم البالغين، حرفيا في أيادي الجميع.
تقول القائمة هذا العمل الهندية بولومي باسو -المولودة عام 2008- “في أحد مشاهد الفيلم، يتعيّن على المشاهد مواجهة أخطبوط عملاق، ويمكنه الشعور بضربات المعركة (…) يتناول العمل بأحد جوانبه قصتي وقصة نساء أخريات، إنه رحلة من الخزي إلى القدرة على تولّي زمام الأمور”.
وتختم حديثها بالقول، “إنّ التكنولوجيا تتيح لنا الذهاب نحو مناطق جديدة، فيصبح الواقع الافتراضي عاملا مستفزا لدفع الجميع إلى التفاعل”.