تقدم السينما أفلاما ممتعة، تسهم في الترفيه عن جمهورها، لكنها -أحيانا- تصبح مصدرا للمعلومات المضللة، التي قد تسبب كوارث حين يصدق المشاهد أنه يستخدم 10% فقط من قدراته، وأنه يمكنه مضاعفة هذه القدرات، ومن ثم يصبح شخصا خارقا، أو حين يصدق أن “كاتم الصوت” في المسدس يمنع الصوت نهائيا، وبالمقابل فإن نسبة كبيرة من الأفلام تحتوي على حقائق علمية دقيقة، وهنا أشهر الأساطير العلمية التي يصدقها الملايين بسبب الأفلام.
كاتم الصوت
تعمل كواتم الصوت الحديثة على تقليل الضوضاء الصادرة عن الطلقات النارية بحوالي 30 ديسيبل، وهذا لا يكفي لكتم الصوت نهائيا في كل الأسلحة، حيث تنتج الأسلحة النارية عادة حوالي 150 ديسيبل.
إن استخدام كاتم الصوت لا يمكن إلا أن يقلل من أصوات الطلقات النارية إلى مستوى آلة ثقب الصخور، حتى إن صانعي الأسلحة النارية يدركون أن مصطلح كاتم الصوت هو تسمية خاطئة.
ومع ذلك، يظل إطلاق النار الصامت أحد أكثر الأساطير “العلمية” انتشارا في تاريخ هوليوود، كما رأينا في أفلام عدة؛ منها: “هيتمان” (Hitman)، وسلسلة “جون ويك” (John Wick)، وبالطبع أفلام “جيمس بوند”.
“الكلوروفورم” يخدر الضحايا على الفور
واحدة من أشهر “الحقائق العلمية” الخاطئة والمستقاة من الأفلام أن “للكلوروفورم” تأثيرا لحظيا في إفقاد الضحايا وعيهم، فأفلام مثل: “تنشئة كين” (Raising Cain)، و”الزوال” (The Vanishing)، و”رينفيلد” (Renfield)، وسلسلة أفلام “سو” (Saw)، وعشرات الأفلام الأخرى تصور أشخاصا يفقدون وعيهم على الفور؛ بسبب إجبارهم على استنشاق الكلوروفورم، كما أسهمت المسلسلات التلفزيونية حول العالم -كذلك- في إدامة هذه الأسطورة.
وفي الواقع قد يستغرق الأمر دقائق عدة من استنشاق الكلوروفورم بقوة حتى يتسبب في فقدان الوعي، ولحسن الحظ، مع كون الجمهور الحديث أكثر تشكيكا في التعامل مع الحقائق العلمية في الأفلام، أصبح استخدام الكلوروفورم يُنظر إليه إلى حد كبير على أنه وسيلة “مبتذلة” أو “كليشيه”، ويميل معظم المخرجين الآن إلى تجنب استخدام هذه الحيلة الفنية.
قدرات المخ البشري
شاهدنا في أفلام مثل “ظاهرة” (In Phenomenon)، و”لوسي” (Lucy) و”بلا حدود” (Limitless)، بشرا يستخدمون نسبة صغيرة من قوة المخ المتاحة -حوالي 10% فقط- ويمكن زيادة هذه النسبة بشكل كبير من خلال طرق معينة. وبمجرد تنشيط الأجزاء الخاملة من الدماغ -سواء من خلال العقاقير، أو التدريب، أو غير ذلك من الطرق- يصبحون قادرين على إطلاق العنان لإمكاناتهم الحقيقية.
إنها فكرة رائعة، لكنها غير دقيقة تماما من الناحية العلمية. أظهرت اختبارات التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني باستمرار، أن البشر يستخدمون بالفعل معظم أدمغتهم بشكل منتظم. لم يجد الأطباء وعلماء الأحياء -أيضا- أي جزء من الدماغ لا يحتوي على نشاط يمكن ملاحظته.
الجسد البطارية
في فيلم “ذا ماتريكس” (The Matrix) تربّي “الروبوتات” البشر لحصد الطاقة الحيوية التي تنتجها الأجسام العضوية، ولكي نكون منصفين، فإن العمليات “البيولوجية” التي تبقي البشر على قيد الحياة تولّد شحنة كهربائية. ومع ذلك، حتى عندما يتم الجمع بين هذه العمليات، فإن إنتاج الجسم البشري يكون ضئيلا ولا يكاد يذكر، خاصة بالنسبة لما تحتاجه “الروبوتات”.
ووفقا لعلم الكيمياء الحيوية، فإن إنتاج الطاقة لجسم الإنسان البالغ أثناء الراحة، يساوي قوة مصباح كهربائي بقدرة 100 واط. ومع الأخذ في الاعتبار كل ما هو مطلوب لإبقاء البشر على قيد الحياة، فإن جسم الإنسان قد يشكل مصدر طاقة، ولكنه ضئيل وغير فعال للغاية.
صوت الانفجار في الفضاء
من أكثر الأمور التي تخطئ فيها أفلام الخيال العلمي بشأن الفضاء، النتائج المذهلة للانفجارات في الفراغ. في الواقع فإن الانفجارات التي تحدث في فراغ الفضاء تكون هادئة، حيث لا توجد جزيئات هواء تهتز، أو تضغط، أو تخفف الضغط على طبلة الأذن البشرية.
ونظرا لعدم وجود غلاف جوي، لا يمكن أن توجد نار في الفضاء كذلك، مما يعني أن الانفجارات الفضائية لا تُنتج أي كرات نارية، أو دخان.
من الناحية العلمية، تحدث الانفجارات في الفضاء بشكل فوري، والتأثيرات الوحيدة التي يمكن ملاحظتها هي ومضات سريعة من الضوء وتأثيرات موجة الصدمة غير المرئية. والواقع أن السينما، من “ستار تريك” (Star Trek)، إلى “هرمغيدون” (Armageddon) غالبا ما تصور الانفجارات في الفضاء بشكل غير دقيق.
امتصاص سم الثعابين
محاولة امتصاص السم من لدغة الثعبان فكرة سيئة للغاية، فحركة الامتصاص لا تفعل شيئا لمنع الانتشار السريع للسم عبر الأنسجة العضلية والأوردة. في الواقع، قد يؤدي امتصاص جرح مفتوح إلى تفاقم التمزقات الموجودة والسماح للسم بالانتشار بشكل أسرع، وقد يسمم الشخص الذي يمصّ نفسه -أيضا-، إذا كانت هناك أي جروح داخل فمه.
ربما تكون هذه الممارسة غير الصحيحة هي الأكثر شهرة بين جميع الأساطير العلمية التي تقدمها الأفلام، وقد بدأت في أفلام الغرب الأميركي الكلاسيكية، ولكن عادت مؤخرًا في أفلام؛ مثل: “أفاعي في طائرة” (Snakes on a Plane)، و” الأخوة جريمسبي” (The Brothers Grimsby).
هذه الأخطاء العلمية هي السبب وراء إنشاء الأكاديمية الوطنية للعلوم، وهي منظمة تربط العلماء مع الفنانين من أجل تبديد الأساطير، وتصوير العلم بدقة. ولهذا السبب -كذلك- يتحدث علماء؛ مثل: نيل ديجراس تايسون علنا ضد عدم الدقة التي تظهر في الأفلام والمسلسلات.