“زينهم”.. مسلسل إثارة وتشويق تدور أحداثه في مشرحة

تضمن مسلسل “زينهم” المصري تفاعلا مع الواقع الفلسطيني في غزة بشكل لم يُخلّ بدراما العمل، حيث قدم صانعوه مشاهد توثق التضامن الشعبي مع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، من بينها غرافيتي في شوارع مدينة الإسكندرية كُتب عليه “فلسطين ليست محتوى، غزة تموت”.

كما ارتدى أحد الأبطال قبعة شمسية رُسم عليها رموز ثقافية فلسطينية، بالإضافة إلى ظهور بعض الأبطال في مطعم وأمامهم مشروب غازي محلي استبدله المصريون مكان المنتجات الغازية العالمية تجاوبا مع حملات المقاطعة.

وكان بطل العمل حقق في فيلمه السابق “13 يوما” إيرادات بلغت 31 مليون جنيه، وذلك خلال عرضه في أبريل/نيسان الماضي، وهي أول بطولة سينمائية مطلقة للفنان أحمد داوود، مما أهله لخوض تجربة البطولة التلفزيونية الأولى بالعام نفسه عبر مسلسل “زينهم” الذي يُعرض حاليا على منصة “واتش إت” وقناة “أون” (ON).

نجح العمل بعد بدء عرضه مباشرة في التربّع على عرش المسلسلات الأعلى مشاهدة على المنصة، وإن كان ذلك لم يمنع الإحباط من التسلل إلى جمهور أحمد داوود الذى توقع أن يأتي المسلسل على مستوى أعمال داوود السابقة سواء تلك التي حققت نجاحا جماهيريا أو فنيا مثل “هذا المساء” و”أهو ده اللي صار” و”غراند أوتيل”.

قصص حقيقية من عالم الموتى

“زينهم” مسلسل يجمع بين التشويق والإثارة، خاصة وأن غالبية الأحداث تدور في المشرحة.

يحكي العمل عن زينهم، وهو طبيب شرعي لا يكتفي بتشريح الجثث، وإنما يسعى لبلوغ الحقائق وراء الحوادث التي أدت إلى موت أصحابها، اعتمادا على قواعد الطب الشرعي وعلم التشريح أحيانا، وفي أحيان أخرى يتبع فضوله حد توريط نفسه بالمشكلات.

يعاونه مساعده الجديد الطبيب جيمي الذي يكتشف بالصدفة قدرته على التواصل مع الأموات، الأمر الذي يساعدهما على فك الغموض ومساعدة الشرطة للوصول إلى المجرمين.

ورغم أن المسلسل من 30 حلقة، فإن حلقاته متصلة منفصلة تستعرض العديد من القضايا واحدة تلو الأخرى. ويُذكر أن الأحداث مقتبسة من كتاب “أصدقائي الموتى شكرا” تأليف استشاري الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية محمد جاب الله الذي قرر توثيق بعض القضايا الغامضة والمثيرة والأهم الحقيقية التي واجهها خلال مسيرته المهنية.

وقد يكتشف من قرأ الكتاب وينوي متابعة المسلسل، أن صناع العمل اختاروا أبسط القضايا وأقلها رعبا وغموضا لاستعراضها على الشاشة، كما حُذف الكثير من التفاصيل أو أُضيفت بعض التغييرات الدرامية التي لم تلبث أن جعلت العمل أكثر خفة وكوميديا، وهو ما تسبب بنفور البعض فيما دفع آخرين إلى المشاهدة، وتحديدا الباحثين عن دراما عربية تجمع بين الإثارة والتشويق وخفة الظل بعيدا عن الدراما الثقيلة أو الكآبة المفرطة التي باتت الأكثر تداولا.

المتابع للدراما العربية مؤخرا يسهل عليه ملاحظة إنتاج الكثير من مسلسلات الدراما الطبية، خاصة بعد بدء المنصات إنتاج أعمالها الحصرية والميل إلى تقديم مسلسلات قصيرة متعددة المواسم، والتي يعد مسلسل “ما وراء الطبيعة” في 2020 أشهرها وأولها، فهو أول مسلسل مصري من إنتاج  نتفليكس وأول عمل عربي للمنصة مُقتبس عن كتاب.

ويدور العمل حول الدكتور “رفعت إسماعيل” أستاذ أمراض الدم بالجامعة وصاحب الخلفية العلمية التي ساعدته على خوض مغامرات في ستينيات القرن الماضي جمعت بين الرعب والماورائيات.

لعب البطولة الفنان أحمد أمين وأخرج العمل عمرو سلامة، بينما اقتُبست القصص من سلسلة “ما وراء الطبيعة” للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق.

ورغم الانتقادات السلبية التي وُجهت للمخرج واتهامه بتشويه القصص الأصلية، فإن العمل تصدّر قوائم الأعلى مشاهدة في معظم البلدان العربية وعدد من الدول الأجنبية مثل فرنسا والنمسا ولوكسمبورغ والهند وتركيا وأوكرانيا، مما دفع المنصة للتحضير لموسم ثان.

رقص على السُلّم

وفي 2022 شهدنا مسلسل “بالطو”، وهو دراما طبية أخرى قصيرة تنتمي لعالم الكوميديا بما يتناسب مع حقيقة أن العمل مأخوذ عن كتاب “بالطو وفانلة وتاب” للكاتب الساخر أحمد عاطف. ودارت أحداثه حول عاطف الذي تخرّج من كلية الطب لتوه قبل أن يجد نفسه وقد صار مديرا لوحدة صحية بأكملها في إحدى القرى النائية، مما يترتب عليه الكثير من المواقف الكوميدية، لكنها كوميديا سوداء.

حقق العمل وقتها نجاحا ضخما رغم أن بطله عصام عمر لم يكن اسما معروفا حينذاك، وأنه كان التجربة الأولى سواء بمسيرة مؤلفه أو المخرج عمر المهندس، تلاه مطالبات من الجمهور بموسم ثان لشدة الاستمتاع بالعرض.

وبمقارنة مسلسل “زينهم” بكل من “ما وراء الطبيعة” و”بالطو” لن يلبث أن يُوضع بالمرتبة الأخيرة، إذ رقص على السلم بين الدراما والكوميديا والرعب، فلم يحقق النجاح التام بأي منهم، ليصبح مجرد عمل “لايت” يصلح للمشاهدة مرة واحدة فقط لا أكثر. وإن كان لا يمكن إنكار حالة الانسجام والثنائيات الجيدة التي شهدها المسلسل، سواء بين أحمد آدم وكريم قاسم (زينهم وجيمي)، أو أحمد داوود ومحمد أبو داوود (الابن ووالده)، أو يارا جبران وياسر عزت (توفيقة وحفني) العاملين في المشرحة.

“زينهم” مسلسل مصري تأليف محمد سليمان عبد المالك وإخراج يحيى إسماعيل، وبطولة أحمد داوود وكريم قاسم وسلمى أبو ضيف ويارا جبران ومحمد أبو داوود وأحمد الرافعي وياسر عزت وأسامة أبو العطا وهناء الشوربجي وآخرين.