أثار قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إدراج مدينة “أريحا القديمة” في لائحة التراث العالمي غضب إسرائيل.
وتقع أريحا القديمة (تل السلطان) على بعد 10 كيلومترات شمال البحر الميت، وكيلومترين شمال مركز مدينة أريحا الواقعة في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، وهو تل بيضوي يحتوي على رواسب من النشاط البشري ما قبل التاريخ.
وحسب الموقع الإلكتروني للمنظمة، فقد ظهرت في الموقع “مستوطنة دائمة في الفترة ما بين الألفية التاسعة إلى الثامنة قبل الميلاد، وذلك بسبب التربة الخصبة للواحة وسهولة الوصول إلى المياه”.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية -أمس الأحد- في بيان “نعتبر أن القرار الذي تم اتخاذه اليوم علامة أخرى على استخدام الفلسطينيين الساخر لليونسكو وتسييس المنظمة”، على حد قولها.
وأضاف البيان “ستعمل إسرائيل من أجل تغيير كل القرارات المشوهة التي اتخذت”، وفق زعمها.
وإسرائيل ليست عضوا باليونسكو حاليا، لكن وفدا يمثلها شارك في اجتماع هذا العام بالرياض.
وقال إرنستو أوتون مساعد المديرة العامة لليونسكو أثناء جلسة عقدت لإدراج الموقع في القائمة إن “الموقع المقترح للترشيح هو موقع تل السلطان الأثري الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ويقع خارج موقع أريحا الأثري”.
وأكد دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية -فضل عدم الكشف عن هويته- أنه “لا وجود لبقايا يهودية أو مسيحية في الموقع، إنه موقع لبقايا تعود إلى ما قبل التاريخ، إلى ما بين 10 آلاف و700 عام قبل الميلاد”.
وأشار إلى أن ترشيح الموقع حصل قبل 3 سنوات قبل أن يدرج هذا العام، وأضاف “لم يصدر أي اعتراض من أي دولة عضو”.
وبذلك، يرتفع رصيد فلسطين في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو إلى 5 مواقع مسجلة رسميا، حسب وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة.
وعن أهمية الموقع، قالت الوزيرة الفلسطينية إنه “يمثل الحضارة الاستثنائية لأول نموذج ناجح للمستقرات البشرية الدائمة، ويمثل أقدم بلدة زراعية مسوّرة في العالم بنيت في العصر الحجري الحديث قبل أكثر من 10 آلاف عام في أخفض بقعة على سطح الأرض (250 مترا تحت مستوى سطح البحر) قرب نبع عين السلطان، والتي شجعت انتقال الإنسان من حياة الالتقاط إلى الاستقرار القائمة على تدجين النباتات والحيوانات وبناء المنشآت المعمارية وغيرها من أنظمة تطور الحضارة البشرية”.
بدوره، رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقرار اليونسكو، واصفا إياه بأنه “بالغ الأهمية ودليل على أصالة وتاريخ الشعب الفلسطيني”، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان إن إدراج اليونسكو مدينة أريحا فيه “إجماع على أصالة التراث الفلسطيني، وجاء للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وحمايتها، ومنها الحقوق الثقافية”.
ودعت الوزارة إلى ضرورة “الحفاظ على فلسطين ومواقع التراث العالمي فيها، وحمايتها من محاولات التخريب المتعمد الذي تتعرض له من سلطات الاحتلال وأدواته، والتي تحاول طمس التراث وتزوير التاريخ والرواية”.
إسرائيل واليونسكو
وكانت إسرائيل قد انسحبت من المنظمة الأممية عام 2019، متهمة إياها بالانحياز إلى الفلسطينيين، لكن شارك وفد يمثلها في اجتماع هذا العام في الرياض.
ومنتصف العام الجاري عادت الولايات المتحدة رسميا إلى اليونسكو إثر تصويت خلال مؤتمر عام استثنائي للمنظمة في باريس، وذلك بعد قرابة 5 أعوام من انسحابها بدعوى “انحياز المنظمة الأممية ضد إسرائيل”، على خلفية قبول المنظمة الأممية عضوية دولة فلسطين الكاملة.
وعقب خطوة واشنطن قبل 5 أعوام انسحبت إسرائيل أيضا من المنظمة بزعم أنها “مسرح للعبث يشوه التاريخ بدل الحفاظ عليه”، وأكدت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي -قبل شهور- عدم وجود مفاوضات لعودة إسرائيل في هذه المرحلة.
ويحظر قانون أميركي تمويل منظمات الأمم المتحدة التي تضم فلسطين بصفتها عضوا كاملا، لكن الولايات المتحدة تمكنت من العودة إلى اليونسكو بعد إلغاء الكونغرس هذا الحظر في وقت سابق من هذا العام، وسيسري الإلغاء حتى نهاية عام 2025.
ومنذ منح فلسطين العضوية الكاملة في اليونسكو عام 2011 أوقفت الولايات المتحدة -في ظل رئاسة باراك أوباما- تمويل المنظمة التابعة للأمم المتحدة، مما مثل ضربة كبيرة لها، إذ إن مساهمات الولايات المتحدة شكلت 22% من ميزانيتها.