أفلام نالت استحسان النقاد دون أن تنجح جماهيرياً عام 2023

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

لم تقتصر أبرز أفلام العام 2023 على ظاهرة “باربينهايمر” -مصطلح فني أُطلق للجمع بين فيلمي “باربي” و”أوبنهايمر”- اللذين حصدا إيرادات بلغت 2.4 مليار دولار مجتمعين، بل شهد العام طرح عدد من الأعمال السينمائية الأخرى الناجحة.

“باربي” تصدّر قائمة الأفلام الأعلى ربحا لهذا العام، بينما حل “أوبنهايمر” ثالثا بالقائمة بعدما حظيا بدعاية غير مشهودة. لكن بعيداً عن أسماء هوليود الرنانة من ممثلين ومخرجين وشركات إنتاج، سنجد أفلاما خلال عام 2023 تستحق المشاهدة وإن لم يحالفها الحظ، سواء لأنها مستقلة، أو لم يسبقها ما يكفي من الدعاية ليسمع بها قطاع كبير من الجمهور، أو لأنها قوبلت بقسوة غير مبررة لدى طرحها.

وفيما يلي، نستعرض أبرز أفلام عُرضت عام 2023 دون أن تحظى بما تستحقه من اهتمام يتناسب مع قيمتها الفنية أو جدارتها بالمشاهدة:

1- “كائنات مسكينة”

رغم أهمية أفلام المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس واستحسان النقاد لها ومنحهم إياها العديد من الجوائز، فإنها لا تحظى بالجماهيرية الكافية، إذ تهم قطاعا بعينه من المشاهدين لطبيعة موضوعاته التي تميل إلى الغرائبية وتبعث على عدم الارتياح، وإن كانت تُجبر المتفرج على أن يطرح على نفسه أسئلة شائكة ومصيرية تجعله يُعيد اكتشاف ذاته.

الفيلم البريطاني “كائنات مسكينة” (Poor Things) هو آخر ما قدمه لانثيموس، وينتمي العمل إلى فئة الفانتازيا والخيال العلمي، وهو من بطولة إيما ستون ومارك رافالو ووليام دافو ورامي يوسف.

وتحكي قصته عن بيلا التي تعيش حياة مُتخمة بالقهر والوجع تدفعها للانتحار، قبل أن يُقرر عالِم غريب الأطوار إعادتها إلى الحياة مرة أخرى.

ومع أنها تعود كامرأة ثلاثينية، فإنها تتعامل من داخلها كطفلة تبدأ استكشاف الحياة والعالم من حولها، وتصطدم بمحاولات المجتمع فرض قيود عليها وتحجيم إمكاناتها، ويأخذنا العمل في رحلة استثنائية لا تخلو من الفلسفة والكوميديا السوداء كسائر أفلام لانثيموس.

من الناحية الفنية، تميز العمل بالتصوير السينمائي الذي جمع بين السريالية والإبهار البصري، كذلك ساهم الديكور والأزياء في إبراز الحبكة وخدمة السرد الدرامي، بالإضافة إلى التمثيل الذي قد يؤهل ستون ورافالو للترشّح للأوسكار العام المقبل.

2- “تشريح السقوط”

“تشريح السقوط” (Anatomy of a Fall) فيلم فرنسي لم تتجاوز إيراداته 20 مليون دولار، ومع ذلك فقد حاز جائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان، لتصبح مخرجته جوست ترييه ثالث امرأة تحصد تلك الجائزة على مدار تاريخ المهرجان.

وينتمي الفيلم إلى فئة الدراما التشويقية، وبنظرة عامة يمكن القول إنها مناسبة لمحبي الإثارة أو الأعمال الدرامية التي تدور أحداثها داخل قاعات المحكمة، لكن بمشاهدة الفيلم نجد صانعيه أكثر عمقا من ذلك. فالعمل لم يُسلط الضوء فقط على تشريح علاقة الزوجة بأسرتها، وإنما تناول أيضا تشريح علاقة المجتمع ككل بالمرأة والتحيزات المُسبقة ضدها، كذلك تطرّق لقضايا نفسية أخرى معاصرة.

ويحكي “تشريح السقوط” قصة ساندرا، الروائية المتهمة بقتل زوجها الذي سقط من النافذة، ورغم أنه لا أحد يعلم يقينا إذا ما كانت قتلت زوجها أم أنه انتحر، خاصة وأن الشاهد الوحيد هو ابنهما الضرير، فإن المدعي العام يقرر إدانتها ويحاول إثبات ذلك عبر جمع تفاصيل من حياتها السابقة سواء الشخصية أو العملية ولي ذراع الحقيقة، حتى أنه يقتبس سطورا من رواياتها للتدليل على ما يزعم.

3- “لن ينقذك أحد”

يعتمد صانعو أفلام الرعب على الإثارة والتشويق، ومؤخرا المؤثرات الصوتية والبصرية، لجذب عشاق هذا النوع من الدراما، لكن ما لعب عليه صانعو فيلم “لن ينقذك أحد” (No One Will Save You) كان مختلفا وأكثر جمالا، إذ جاء الفيلم في مجمله صامتا إلا من أقل القليل، وهو ما نجح بإبراز عزلة البطلة وتكثيف ما تعاني منه من وحدة وقلق.

ولهذا فإن هذا العمل سيمنحك جرعة مضاعفة من المتعة، إذا كنت من محبي الكلاسيكيات أو السينما الصامتة.

ولم يلق “لن ينقذك أحد” استحسان النقاد والجمهور فحسب، بل أكد ملك الرعب ستيفن كينغ، والمخرج المكسيكي الشهير غييرمو ديل تورو، أنه يستحق المشاهدة.

وتدور القصة حول برين التي تبدو حياتها من الخارج براقة ومثالية، ومع توالي الأحداث يتضح حجم ما تفتقره من سلام نفسي خاصة حين تتعرض الأرض لغزو فضائي ويصبح عليها الدفاع عن نفسها بنفسها ومواجهة خطر لا تعرف كنهه أو لغته.

ومن إيجابيات العمل الأداء التمثيلي لكايتلين ديفر التي نجحت رغم صغر سنها في تجسيد الهلع الذي عانت منه البطلة معتمدة على تعبيرات الوجه والنظرات ولغة الجسد فقط لا غير.

4- “بو خائف”

إذا كنت قد شاهدت العملين السابقين للمخرج والكاتب آري أستر “وراثي” (Hereditary) و”منتصف الصيف” (Midsommar) فمن المؤكد أنك لاحظت ميله لتقديم سينما تعتمد على الرعب المنزلي المبني على طقوس شعبية وربما جنائزية، غير أنه خلال تجربته الثالثة الأضخم فنيا وإنتاجيا “بو خائف” (Beau Is Afraid) يضبط بوصلته قليلا ويوجهها إلى الداخل.

ويسلط الفيلم الضوء على الطبيب النفسي بو، وتحديدا عقب الموت المفاجئ لوالدته، إذ يتكشف لنا هوسه بها وحدود علاقتهما المضطربة، وهو ما يسرده أستر بالتزامن مع تعريته لخوف بو في العموم سواء من العالم أو المجهول عبر تشريحه من الداخل والخارج.

وقد أُسندت البطولة لخواكين فينيكس الذي شهد عام 2023 خطوات متنوعة ورهانات جريئة بمشواره، لكن المخرج لم يعتمد عليه وحده لإنجاح الفيلم، وإنما استمر في تقديم ما يُجيده من لغته البصرية والسينمائية ذات الطابع السريالي المُخيف، المُثير للتوجس، ممزوجا مع موسيقى تصويرية تمنح الانطباع نفسه. وزاد عليها مفارقات لا تخلو من كوميديا سوداء تبعث على الضحك رغم ما حُمّلت به من عنف دموي أو مشاهد صادمة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *