تحقق دراما الانتقام أعلى الإيرادات في السينما العالمية، وتتربع على عرش المشاهدات التلفزيونية على منصات البث، نظرا لتلك الحالة التي يغرق فيها المشاهد من وهم تحقيق الانتقام الذي يعجز أو لا يجرؤ على اقترافه في الواقع، لذلك اعتبر”الانتقام” أحد أكثر أشكال السرد السينمائي، ورغم أن شكله القصصي ينبغي أن يحتوي على نتائج وعواقب وخيمة على المنتقم أيضا، فإن نسبة قليلة من أفلام هذه الثيمة تلتزم بها، ويكتفي الصناع بقصة الانتقام والنجاح فيه.
وتدفع المظالم الفردية والجماعية جماهير الدراما في العالم كله إلى متابعة الانتقام في تعويض خيالي عن عجز وظلم لا حيلة لهم تجاهه.
وقد صنع العديد من كبار مخرجي السينما من خلال عالم الانتقام الدموى الرهيب، ومن بينهم “مارتن سكورسيزي” صاحب “عصابات نيويورك” و”كوينتن تارانتينو” مخرج “جانغو الحر” و”اقتل بيل” وغيرهم النتيجة الأكثر وضوحا لصناعتهم مثل تلك الأفلام، يبدأ فيلم الانتقام بمصادفة بسيطة حول محارب سابق تم الاعتداء على ابنه أو ابنته، يتحول إلى مقاتل ويقضي على جيش كامل، وأحيانا يكون الشخص لا علاقة له بالعنف، لكنه يتعرض لاعتداء قاس، يتحول بعده إلى منتقم متجبر.
ومن بين أشهر أفلام الانتقام في تاريخ السينما، ثنائية تارانتينو “اقتل بيل”، و”تذكار” لسكورسيزي و”الغراب” للأميركي أليكس بروياس و”المصارع” للمخرج ريدلي سكوت.
1- “اقتل بيل 1″(Kill Bill1)
صنع تارانتينو في “قتل بيل” حالة ملحمية، وقدم تاريخا سابقا على الفيلم للشخصيات، إذ تصحو البطلة “أوما ثورمان” من غيبوبة دامت 4 أعوام، إثر تعرضها لمحاولة قتل من قبل “بيل”، وهو قائدها في فرقة الاغتيالات التي تشارك فيها.
كانت الفتاة قد قررت البعد عن حياة القتل والدماء، حين أدركت أنها حامل، وبالفعل تهرب إلى تكساس وتلتقي بشاب، ويقررا الزواج، لكنه يقتل قبل الزواج بأيام على يد “بيل”، تصاب هي بغيبوبة، لتستيقظ وتجد أن طفلها قد قتل أيضا، فتبدأ رحلة انتقام دموي.
قدم كاتب الفيلم ومخرجه تلخيصا مكثفا لما يمكن أن يكون عليه العنف الناتج عن رغبة عمياء في الانتقام عبر قتل مجموعة من القتلة المحترفين و المخيفين، وبطرق لا رحمة فيها، وهو ما يميز “عنف تارانتينو” المبالغ فيه في كل أفلامه.
عرض الفيلم عام 2003، وحقق إيرادات بلغت 180 مليون دولار أميركي، في مقابل تكلفة إنتاجية لم تتجاوز 30 مليون دولار.
2- “اقتل بيل 2″(Kill Bill 2)
يستكمل المخرج الأميركي في الجزء الثاني انتقامه، ويتخذ المسار نفسه، وهو ما يحقق النجاح السابق، ورغم دموية العمل، فقد تعاطف الجمهور مع الأم الثكلى التي تحولت إلى متعطشة للقتل. كان الهدف في الجزء الثاني هو أحد أفراد عائلة رئيسها السابق “بيل”، ومجموعة صغيرة من الناجين من انتقامها. يؤدي الانتقام من الأخ الأصغر لـ”بيل” إلى المواجهة النهائية مع “بيل” نفسه” الزعيم والقاتل الذي تسبب في المأساة بكاملها، و الذي يأمر بإعدامها.
اعتبر تارانتينو “اقتل بيل” إشارة تقدير لأفلام الفنون القتالية، وسينما الساموراي، والكاوبوي، حقق الجزء الثاني نجاحا نقديا، بالإضافة إلى إيرادات بلغت 152.2 مليون دولار بميزانية إنتاج تشبه ميزانية الجزء السابق.
3- “تذكار”(Memento)
يروي فيلم” تذكار” (Memento)، للمخرج كريستوفر نولان، قصتين منفصلتين لمحقق التأمين السابق “ليونارد”، الذي يجسده الممثل جاي بيرس، حيث لم يعد قادرًا على بناء ذكريات جديدة بسبب إصابة في رأسه، بينما يحاول العثور على قاتل زوجته، وهو آخر شيء يتذكره. يتحرك أحد السطور للأمام في الوقت المناسب، بينما يروي الآخر القصة للخلف، ويكشف المزيد في كل مرة. في فيلم “تذكار”، ثمة عنف ذهني يحل مكان ذلك العنف المعتاد، ولغز تكمن صعوبة حله في عجز من يحاول، لكنه يصل إلى طريقة، ويحدد نمطا، يصل به إلى مفاجأة مذهلة.
نجح فيلم “تذكار” على المستوى النقدي بشكل كبير، وحصل على عشرات الجوائز العالمية، كما حقق إيرادات بلغت 40 مليون دولار مقابل تكلفة إنتاج بلغت 9 ملايين فقط.
4- “الغراب” (The Crow)
يذهب كل من المخرج أليكس بروياس وكاتبي السيناريو جيمس أوبار و ديفيد شو إلى ما هو أبعد من الانتقام المجتمعي في الأرض، إذ يدخل من بوابة الخيال الجامح، لكنه يستقر في قلب الانتقام المجتمعي في النهاية. ويدور الفيلم حول عازف الجيتار الشعري إريك درافن الذي أعيد للحياة بواسطة غراب بعد عام من مقتله هو وخطيبته. يرشده الغراب عبر أرض الأحياء ويقوده إلى قتلته، واحدًا تلو الآخر.
يحقق إريك انتقامه ببساطة عبر الوصول إلى القتلة بمنحهم علاجا لأمراضهم، ومن ثم قتلهم، لكن زعيمهم، يفهم الحيلة ويستعد لمواجهة إريك، وهو ما يصعد بالصراع إلى مستوى جديد.
اعتبر “الغراب” واحدا من أنجح الأفلام التي عرضت عام 1994، ووصلت إيرادات “الغراب” إلى ما يزيد عن 50 مليون دولار أميركيً في الولايات المتحدة وكندا، و43 مليون دولار أمريكي دوليًا، ليصبح المجموع العالمي 93.7 مليون دولار أميركي مقابل ميزانيته البالغة 23 مليون دولار.
5- “المصارع”(Gladiator)
يختار الإمبراطور العجوز ماركوس أوريليوس، قبل وفاته، الجنرال الروماني القوي، المحبوب من الشعب “مكسيموس” ليكون وارثا لعرشه ، لكن الصراع يبدأ على العرش بين الابن كومودوس، و مكسيموس. وينتهي الصراع بالحكم على مكسيموس وعائلته بالإعدام، ويعجز الجنرال عن إنقاذ عائلته، ويفقد حريته ويشارك في المصارعة الرومانية الشهيرة التي لا تنتهي إلا بموت أحد الطرفين وتقام في ساحة “الكولوسيوم”. ولكن مكسيموس لا يستطيع النسيان أو الصفح، وكل ما يعنيه الآن الانتقام وليس العرش أو الإمبراطورية.
لم يستطع بطل العمل راسل كرو أن يتجاوز النجاح الكبير الذي حققه العمل، وعاد بعد 20 عاما ليقدم “المصارع 2” كمنتج تنفيذي، ويعرض الجزء الجديد من الملحمة في 2024 و يشارك فيه دينزل واشنطن. حقق “المصارع” إيرادات بلغت أكثر من 700 مليون دولار في الولايات المتحدة والعالم.