أحدثها “الحرب الأهلية”.. أفلام تخيّلت انقسام الولايات المتحدة الأميركية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

في الوقت الذي تستعر فيه نار الخلاف بين الحكومة الفدرالية الأميركية من جهة، وحاكم ولاية تكساس من جهة أخرى على خلفية قضية الهجرة غير النظامية، يستعد صناع فيلم “الحرب الأهلية” (Civil War) الأميركي لعرضه في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2024.

وتحاول حكومة تكساس إغلاق نقاط الدخول عبر تثبيت أسلاك شائكة، بينما ترفض إدارة الرئيس جو بايدن الأمر، مما أدى إلى خلافات شديدة، دفعت بالحاكم إلى التلويح باستقلال الولاية الغنية بمواردها عن الولايات المتحدة.

وأعاد ذلك التلويح المأساة الكبرى في التاريخ الأميركي، وهي الحرب الأهلية (12 أبريل/نيسان 1861-9 أبريل/نيسان 1865) التي نشبت بين ولايات الشمال وولايات الجنوب حول الاتحاد، وكانت تلك الحرب قد انطلقت من تكساس، لكن ما زاد الرعب هو تأييد 25 ولاية أميركية لدعوة حاكمها.

ويشير المخرج أليكس غارلاند في فيلمه الجديد إلى الشرخ الأميركي، إذ تدور الأحداث حول حرب أهلية تندلع في الولايات المتحدة بعد قرار مجموعة من الولايات الانفصال عن الاتحاد الفدرالي وتشكيل دولة مستقلة، ويرصد الفيلم فريقًا من الصحفيين يسافرون عبر الولايات خلال الحرب التي تزداد انتشارا في جميع أنحاء البلاد.

لم يكن غارلاند وحده الذي تحدث عن حرب أهلية أميركية جديدة، بل قدمت السينما العديد من الأعمال التليفزيونية والوثائقية والإذاعية، بينها “الولايات المنقسمة الأميركية” (The Divided States of America)، فضلا عن عدد من الأفلام الروائية والمسلسلات التلفزيونية.

فيلم “الحرب الأهلية” (Civil War)

في المقطع الترويجي لفيلم “الحرب الأهلية” (Civil War)، يسأل جندي مواطنا أميركياً: أي نوع من الأميركيين أنت؟ لأن المواطنين في واحدة من أقوى الإمبراطوريات في التاريخ انقسموا -كما انقسموا سابقا- إلى اتحاديين وغير اتحاديين، ولم يعد القتل على الهوية فقط، بل القتل طبقا لرأي الضحية في الدولة.

ويأتي الفيلم تحت شعار “سباق إلى البيت الأبيض في أميركا في المستقبل القريب على حافة الهاوية”، والذي يظهر مكتوبا على الشاشة في المقطع الترويجي، ويحتوي على مشاهد لجنود ودبابات عسكرية تدمر المدن الأميركية وسط حالة من الفوضى.

ويسأل أحد الصحفيين الرئيس الأميركي الذي استمر 3 دورات رئاسية في منصبه، “هل تندم على استخدام الضربات الجوية على المواطنين الأميركيين؟”، قبل أن يصل المقطع الترويجي إلى ضربة عسكرية تؤدي إلى تدمير نصب لنكولن التذكاري، ويقول الرئيس في تعليق صوتي رداً على ذلك بما يشبه الصراخ، “فليبارك الله أميركا”.

يقول الممثل نيك أوفرمان، الذي يجسد دور الرئيس الأميركي، في المقطع الترويجي، “إن مواطني أميركا، ما يسمى بالقوات الغربية في تكساس وكاليفورنيا، عانوا من هزيمة كبيرة جدًا على يد جيش الولايات المتحدة”.

الفيلم من بطولة كيرستن دونست، وفاغنر مورا، وكايلي سبايني، وستيفن ماكينلي هندرسون، وسونويا ميزونو، وجيسي بليمونز، ونيك أوفرمان، ويضع المشاهدين في أجواء حرب أهلية أميركية جديدة. يبدأ المقطع الدعائي بمشاهد الدمار في جميع أنحاء البلاد وتقارير إخبارية تفيد بأن “19 ولاية انفصلت”.

يلعب كيرستن دونست دور مصور فوتوغرافي في عالم تستخدم فيه الغارات الجوية الحكومية ضد المدنيين ويتم إطلاق النار على الصحفيين بمجرد رؤيتهم في مبنى الكابيتول.

الحرب الأهلية في أفلام الأبطال الخارقين

لم تتوقف السينما الوثائقية أو الدرامية منذ العام 1980 عن التحذير من انفصال ولايات الاتحاد في أميركا، ولعل تلك التحذيرات والإشارات التي وردت في العديد من الأفلام الدرامية التجارية والفنية تشير إلى دور العمل الفني بشكل عام والسينما بشكل خاص في التنبؤ بمستقبل مجتمعاتها.

ولم تكن حرب “مارفل” الأهلية بفيلم “سوبر مان ضد باتمان: فجر العدالة” (Batman v Superman: Dawn of Justice) الذي صدر في العام 2016، إلا توقعاً لذلك الصدام الذي ظل كابوسا أميركيا خالصا للباحثين والمبدعين ومساحة للحوار غير مريحة بالنسبة للسياسيين.

وتبدو القصة وكأنها مرآة للتناقضات الحادة والعديدة التي تمور داخل المجتمع الأميركي، إذ يشعر عامة الناس بالقلق من وجود سوبرمان على كوكبهم والسماح لـ “فارس الظلام” -باتمان- بالمطاردات في شوارع غوثام، وأثناء حدوث ذلك، يحاول باتمان الذي يشعر بالخوف، بمحاولة للتغلب على خوفه ومهاجمة سوبرمان.

وفي الفيلم المنافس” كابتن أميركا: الحرب الأهلية” (Captain America: Civil War) الذي صدر في العام 2016، تتأكد الصورة وتحولاتها، فمع خوف الكثير من الناس من تصرفات الأبطال الخارقين، تقرر الحكومة الضغط لسن قانون تسجيل الأبطال، وهو قانون يحد من تصرفات البطل.

ينتج عن هذا انقسام بين الأبطال الخارقين، حيث يقف الرجل الحديدي مع هذا القانون، مدعيًا أنه يجب مراقبة أفعالهم، وإلا سيستمر تدمير المدن، لكن كابتن أميركا يشعر أن إنقاذ العالم يمنحهم الحق في التصرف بحرية تامة، وأنه لا يمكنهم الاعتماد على الحكومة لحماية العالم.

يتصاعد الأمر إلى حرب شاملة بين فريق الرجل الحديدي (الرجل الحديدي، النمر الأسود، الرؤية، الأرملة السوداء، آلة الحرب، والرجل العنكبوت)، وفريق كابتن أميركا (الكابتن أميركا، بوكي بارنز، فالكون، سكارليت ويتش، هوكي، وأنتمان).

“الولايات المنقسمة الأميركية”

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2016، صدرت سلسلة “الولايات المنقسمة الأميركية” (The Divided States of America)، وهي سلسلة وثائقية تتميز بسرديات حول عدم المساواة في التعليم والإسكان والرعاية الصحية والعمل والعدالة الجنائية والمساواة بين الجنسين والنظام السياسي.

ويمزج صناع العمل هذا الواقع، بخيال يعيش في حالة رعب على أميركا المستقبلية التي يمزقها الانقسام السياسي والاجتماعي، مما يؤدي إلى اندلاع صراع أهلي. ورغم أن الفيلم خيالي، فإنه يقدم صورة قاتمة لعواقب الاستقطاب الشديد والتطرف الأيديولوجي.

أما في العام 1984، فصدر فيلم ” الفجر الأحمر” (Red Dawn) وهو فيلم أكشن من إخراج جون ميليوس، ويدور حول مجموعة من المراهقين يشكلون حركة مقاومة حرب عصابات عندما يتم غزو مدينتهم الصغيرة من قبل القوات السوفيتية والكوبية. رغم أنه لا يصور حربًا أهلية داخل الولايات المتحدة، فإنه يصور سيناريو متخيلًا للاحتلال الأجنبي والتمرد الأميركي.

وفي عام 1998 صدر فيلم “الحصار” (The Siege) للمخرج إدوارد زويك، وفيه تفرض الأحكام العرفية ردًا على سلسلة من الهجمات الإرهابية في مدينة نيويورك، ليستكشف الموضوعات المسببة للحرب، مثل الحريات المدنية، وتجاوز الحكومة، وتآكل المعايير الديمقراطية في أوقات الأزمات. والفيلم من بطولة دينزل واشنطن وبروس ويلز وآنيت بينينغ وتوني شلهوب.

أما فيلم “حكاية الخادمة” (The Handmaid’s Tale) الذي طرح في العام 1990، فهو مستوحى من رواية الكاتبة الكندية مارغريت أتوود، ويذهب إلى ما بعد الحرب الأهلية، حيث يرى الولايات المتحدة الأميركية وقد أصبحت تسمى “جمهورية جلعاد”، وتم تقييد حقوق المرأة بشدة، وسيطر النظام الشمولي على المجتمع.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *