هل تؤثر توترات البحر الأحمر في اقتصاد المغرب؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

يدور جدل في المغرب حول وجود تداعيات لأزمة البحر الأحمر على اقتصاد البلاد من عدمه، في وقت تعاني المملكة من تحديات اقتصادية مرتبطة بالجفاف وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين ثاني 2023، تواجه منطقة جنوب البحر الأحمر، وبالتحديد مضيق باب المندب، هجمات تشنها جماعة الحوثي على سفن مرتبطة بإسرائيل، توسعت لاحقا لتشمل السفن الأميركية والبريطانية، وذلك نصرة لفلسطين.

ويتخوف أرباب الشركات والمهنيون في المغرب من تداعيات محتملة لتوترات البحر الأحمر على أسعار الطاقة في البلاد، وانعكاسها على الأسعار بشكل عام، خاصة أن البلاد تستورد أكثر من 90% من حاجياتها من الطاقة.

عودة التضخم

ويتخوف المغرب على غرار العديد من الدول من عودة التضخم للارتفاع مجددا في حال طال أمد الأزمة، خاصة أن العديد من السفن بدأت تتخذ طريق رأس الرجاء الصالح الواقع جنوب دولة جنوب أفريقيا، ممرا بديلا عن مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

يأتي هذا التخوف بعدما أثارت برلمانية مغربية قضية توقيف شركة مختصة في توريد المحروقات وتوزيعها وبيعها، يربطها عقد مع المغرب لمدة 12 عاما، جميع شحناتها عبر البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى.

أزمة مفاجئة

يقول الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني إن توترات البحر الأحمر ستؤثر في اقتصاد بلاده على المدى القصير، مما يتطلب من المملكة البحث عن بدائل لتفادي استمرار هذا التأثير.

وفي تصريح للأناضول أشار الكتاني -وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)- إلى أن التأثير سيكون على مستوى ارتفاع أسعار شحنات السفن.

وأوضح أن البلاد مطالبة بالبحث عن بدائل من أجل تأمين حاجياتها من السلع بأسعار مناسبة، انطلاقا من ممرات أخرى، خاصة أن البلاد تستورد كثيرا من المنتجات من الصين التي تمر عبر هذا الممر.

وتعدّ الصين مصدرا رئيسا للسلع المباعة في الأسواق المغربية، إلى جانب مشتقات الطاقة القادمة من دول في الشرق الأوسط، وجميعها تمر عبر البحر الأحمر.

وبخصوص واردات المغرب من الطاقة، أوضح الخبير أن بلاده مطالبة بالاستمرار في تقوية الطاقات المتجددة، بالنظر إلى صعوبة التحكم فيما يجري على المستوى الدولي في هذا القطاع.

ويرى الكتاني أنه لا يمكن للبلاد التحكم فيما يجري بالبحر الأحمر، مما يجعلها مطالبة بوضع برنامج يتضمن توقع للأخطار المحتملة خلال 10 أو 15 عاما قادما، وتبني على أساسها البدائل والإستراتيجيات.

ودعا بلاده إلى تنويع شركائها التجاريين، وقال إنه “من الضرورة بمكان تشييد مواني بسواحل المغرب على المحيط الأطلسي، خاصة جنوب البلاد، مع تقوية شراكات البلاد مع الدول الأفريقية، لتكون محطة استقبال أو مرور السفن.

بدورها، حذّرت البرلمانية المغربية، فاطمة الزهراء باتا، حكومة بلادها من تأثر قطاع الطاقة في البلاد بسبب التوتر بالبحر الأحمر.

جاء ذلك، حسب سؤال وجهته البرلمانية عن الكتلة النيابية لحزب بمجلس النواب، إلى وزيرة الانتقال الطاقي، ليلى بنعلي.

وجذبت البرلمانية الانتباه إلى توقيف شركة مختصة في توريد المحروقات وتوزيعها وبيعها (لم تحددها)، جميع شحناتها عبر البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى.

وعدّت أن هذه الشركة يربطها عقد مع المغرب لمدة 12 عاما؛ بينما يعني القرار أن الشركة ستتخذ طريق رأس الرجاء الصالح للوصول إلى وجهاتها النهائية، ما يترتب عليها زيادة تكلفة التوريد.

وطالبت الحكومة بالكشف عن مدى تأثير التوتر بالبحر الأحمر، في سوق المحروقات المحلية، وعلى سلاسل التوريد والتوزيع وأسعار البيع بالمغرب.

ولم يصدر أي تعقيب عن الحكومة المغربية حول تداعيات التوترات على الاقتصاد، حتى صباح اليوم الثلاثاء.

الأزمة محدودة

من جهته، يرى مديح وادي، وهو اقتصادي مغربي، أن توترات البحر الأحمر ليس لها تداعيات على البلاد حاليا على مستوى ارتفاع الأسعار.

وفي تصريح للأناضول، قال وادي -وهو أيضا رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك (غير حكومية)- إن المؤشرات الحالية تظهر عدم تأثر ارتفاع الأسعار بتزايد تكاليف النقل البحري، بسبب توترات البحر الأحمر.

وأوضح أن هذه التطورات لا تؤثر حاليا في المستهلك في بلاده، خاصة على مستوى المواد الأساسية. وتراجعت أسعار الوقود خلال يناير/كانون الثاني الماضي، وتواصل التراجع في فبراير/شباط الجاري.

ونبّه إلى أن ارتفاع أسعار بعض المنتجات الاستهلاكية في بلاده، لا يرجع إلى توترات البحر الأحمر، بل إلى أسباب أخرى؛ مثل: المضاربين والوسطاء.

وتابع “قد يكون هناك تأثير صعودي على الأسعار، إذا استمر التوتر لشهور أخرى في منطقة البحر الأحمر، خاصة بالنسبة للواردات القادمة من مضيق باب المندب”.

والأسبوع الماضي، قال البنك الدولي إن فرضية استمرار التوترات في البحر الأحمر خلال مارس/آذار، وأبريل/نيسان المقبلين، قد تسبب أزمة في سلاسل الإمداد، مثلما وقع خلال فترة جائحة كورونا.

وأضاف البنك “أسعار الشحن من آسيا إلى أوروبا ارتفعت بمقدار 3 أضعاف إلى قرابة 3000 دولار لكل حاوية سعة 40 قدما، عن أدنى معدل سُجّل في 2023”.

ودخلت التوترات في البحر الأحمر مرحلة تصعيد ملحوة منذ استهداف الحوثيين في 9 يناير/كانون الثاني الماضي سفينة أميركية بشكل مباشر، بعد أن كانوا يستهدفون في إطار التضامن مع قطاع غزة سفن شحن تملكها، أو تشغلها شركات إسرائيلية، أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

وفي يناير/كانون الأول الماضي، أعلن البيت الأبيض، في بيان مشترك لـ10 دول، أنه ردا على هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، نفّذت القوات المسلحة الأميركية والبريطانية هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أميركي، يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن بالبحر الأحمر تملكها، أو تشغلها شركات إسرائيلية، أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، توسعت لاحقا لاستهداف سفن أمريكية وبريطانية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *