شددت الولايات المتحدة، منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، العقوبات على الأسطول الأوسع من ناقلات النفط الروسي، ولا تزال عشرات الناقلات المستهدفة بها ترسو منذ ذلك الحين، في حين تبقى المزيد من براميل وقود الديزل الروسية في المحيطات بلا وجهة أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2017، حسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ عن شركة كبلر للتحليلات.
ولن تقبل مصافي النفط الهندية، ثاني أكبر عملاء موسكو بعد الصين منذ بدء الحرب في أوكرانيا، الناقلات المملوكة لشركة سوفكوم فلوت التي تديرها الدولة الروسية جرّاء مخاطر العقوبات.
رأت بلومبيرغ أن هذه التحركات مجتمعة لها القدرة على تقليص عائدات النفط الروسية تدريجيا، وهو هدف سياسي رئيسي للولايات المتحدة وحلفائها في سعيهم للتصدي لروسيا في حربها على أوكرانيا.
وتحدد النهج الذي تبنته مجموعة السبع في التعامل مع العقوبات المفروضة على روسيا برفض التسبب في أي ضرر لاقتصاداتها عبر تجنب ارتفاع أسعار النفط، إذ توصلت واشنطن إلى ما يسمى بسياسة الحد الأقصى للسعر على وجه التحديد لتخفيف العقوبات التي أعدها الاتحاد الأوروبي، ومنذ أن بدأت الحرب قبل سنتين، واصلت روسيا تصدير كميات كبيرة من النفط.
أسعار النفط
وفي الوقت الذي لا يُتوقع فيه تخفيضات كبيرة في المعروض من النفط، تساءلت بلومبيرغ: “إلى أي مدى ستشدد الجهات التنظيمية الغربية الخناق (على النفط الروسي) بينما تتجه أسعار النفط نحو 90 دولارًا للبرميل؟”.
ويبدأ الرئيس جو بايدن حملة انتخابية مرهقة مع تضخم مؤلم لا يزال في أذهان الناخبين.
ونقلت الوكالة عن رئيس الشؤون الجيوسياسية في شركة إنيرجي أسبكتس المحدودة الاستشارية، ريتشارد برونز، قوله: “ثمة ضغط متزايد على تدفقات الصادرات الروسية، خاصة إلى الهند. نحن في مرحلة أصبحت فيها الاحتكاكات المرتبطة بالعقوبات واضحة جدا”.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول، صنفت الولايات المتحدة 40 ناقلة نفط روسية على قائمة العقوبات، وتستمر 4 من السفن المستهدفة مؤخرا في إجراء عمليات التسليم، لكن السفن الخاضعة للعقوبات توقفت منذ أن حددتها وزارة الخزانة الأميركية، حسب بيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبيرغ.
والآن، وجهت البيئة التجارية الصعبة على نحو متزايد ضربة رمزية قوية للكرملين، في الوقت الذي تتجنب فيه الهند، الحليف التجاري القوي طوال الحرب، أسطولها.
في الوقت نفسه، استهدفت أوكرانيا مصافي النفط الروسية بعدة تفجيرات مؤخرا، على الرغم من أنه ليس من الواضح مدى الدعم الذي تحظى به هذه التفجيرات في واشنطن.
وقال المحلل في مجموعة أوراسيا في نيويورك، جريج برو: “نشهد بالتأكيد ضغوطا متزايدة من العقوبات الأميركية على كل من الخام الروسي والصادرات.. يأتي ذلك إذ تكافح الولايات المتحدة لإرسال المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا، حيث بدأت حظوظ أوكرانيا في ساحة المعركة في التراجع، وحيث يبدو أن روسيا أصبحت لها اليد العليا”.
ونقلت شركة سوفكومفلوت التي تديرها الدولة نحو خُمس إجمالي شحنات النفط الخام الروسية إلى الهند العام الماضي، ويبدو أن الرقم في انخفاض حتى قبل ورود أنباء عن أن مصافي البلاد لن تقبل سفن الشركة مجددًا.
ترحيب
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية: “نتوقع ونرحب بأن يكون مشترو النفط العالميون أقل استعدادا للتعامل مع سوفكو مفلوت عما كانوا عليه في الماضي”، مضيفًا أن الإجراءات يجب ألا يكون لها تأثير على سوق النفط. لأن روسيا ستحتفظ بحافز لبيع النفط”.
وتوقعت بلومبيرغ أن يحتاج هذا الأسطول إلى البحث عن عمل في مكان آخر، مع وجود دلائل على أنه يواجه صعوبات.
وتوقفت 7 سفن على الأقل في البحر الأسود واختفت من أنظمة المراقبة الرقمية، واعترفت سوفكومفلوت هذا الأسبوع بأن العقوبات أضرت بعملياتها.
وقالت الباحثة البارزة في أوروبا الشرقية وأوراسيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، جانيس كلوغ: “استهداف سوفكو مفلوت يمثل تشديدًا كبيرًا للعقوبات الأميركية ضد روسيا.. لن يحل مشكلة التحايل، لكنه سيرفع تكاليف الشحن وتخفيضات أسعار النفط الروسي”.
ومع ذلك، لا يزال بإمكان روسيا الاعتماد على ما يسمى “أسطول الظل” من السفن التي تم تجميعها بعد وقت قصير من الحرب في أوكرانيا، وغالبًا ما تكون سفنا قديمة من دون تأمين مناسب وملكية غير واضحة، لتوصيل شحناتها، ووفق بعض التقديرات، يصل عددها إلى نحو 600 ناقلة عاملة، إلى جانب الناقلات اليونانية التي تواصل خدمة التجارة بموجب الحد الأقصى لأسعار مجموعة السبع.
وتعد كلفة تسليم النفط الروسي باهظة، إذ تبلغ تكلفة تسليم شحنة بحر البلطيق إلى الصين حوالي 14.50 دولارًا للبرميل، وفق ما نقلت بلومبيرغ عن بيانات لشركة أرجوس ميديا، التي تشير تقديراتها إلى أن أكثر من نصف هذا المبلغ يُعزى إلى العقوبات.