كيف كشفت صفقة شاي عن فساد مالي بالمليارات في إيران؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

كشفت تحقيقات هيئة التفتيش في إيران أن إحدى الشركات الخاصة المسماة شركة “دِبْش” تلقت خلال الفترة من 2019 إلى 2022 عملات أجنبية من الحكومة بغرض استيراد شاي وآلات، بقيمة 3 مليار و370 مليون دولار.

وأوضح رئيس هيئة التفتيش ذبيح الله خدائيان أن كمية الشاي المطلوبة في البلاد نحو 100 ألف طن سنويا، منها نحو 70% مستوردة، وأضاف أنه في حين تعمل نحو 100 شركة صناعية وتجارية في استيراد الشاي إلا أن معظم الواردات تتم بواسطة شركة واحدة، فقط، مشيرا إلى شركة “دبش”.

وأضاف خدائيان أنه منذ بداية عام 2019 وحتى نهاية عام 2022 حصلت “دبش” على نحو 3 مليارات و370 مليون دولار من النقد الأجنبي (من البنك المركزي) لاستيراد الشاي وآلات الطباعة والتعبئة المتطورة، مشيرا إلى انه خلال هذه الفترة، 79% من النقد الأجنبي المخصص لاستيراد الشاي تم تخصيصه لهذه الشركة.

وأوضح أنه في حين قامت ” دبش” بتسجيل طلب لاستيراد شاي هندي درجة أولى بقيمة 14 دولار للكيلو الواحد، إلا أنها استوردت “شاي كيني” و”شاي تصدير إيراني” درجة ثانية، كانت قد قامت الشركة بتصديره قبل ذلك بقيمة حوالي 2 دولار للكيلو.

وأشار رئيس هيئة التفتيش إلى مخالفة أخرى للشركة في طريقة تخليص البضائع، وقال إن الطريق الذي تم النظر فيه في الجمارك لتخليص بضائع هذه الشركة كان بالأساس من خلال وضع علامة على الصنف وتخليص البضاعة وإدخالها إلى البلاد؛ في حين أن استيراد الشاي يتطلب استفسارات من مؤسسات أخرى للتأكد من الجودة.

من جانب آخر، تداول الإعلام الإيراني غير الرسمي توضيحات أخرى جاء فيها أن شركة “دبش” تمكنت من بيع الشاي الذي يبلغ سعره دولارين بسعر يتراوح بين 14 و20 دولارا للكيلو، وحققت بذلك ربحا متوسطا قدره 15 دولارا للكيلو الواحد.

وكشف الإعلام الإيراني أنه خلال هذه السنوات تمكنت شركة “دبش” من استيراد الشاي لفائدة وزارات الزراعة والأمن والاقتصاد ومؤسسات مثل البنك المركزي والجمارك ومنظمة تنمية التجارة وهيئة المواصفات والمقاييس وهيئات أخرى.

أشارت التوضيحات إلى أن العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد الشاي في كل من هذه الوزارات والمؤسسات قدر بنحو 240 مليون دولار سنويا، إلا أن شركة “دبش” حصلت على عملة مدعومة بقدر ما تحتاجه البلاد من الشاي لمدة 14 عاما.

ويظهر أحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، الذي صدر مطلع العام الجاري، أن إيران تحتل المرتبة 147 بين 180 دولة من حيث حجم الفساد المالي.

تعدد أسعار العملة الأجنبية

يرى دكتور الاقتصاد آيزاك سعيديان أن قضايا الفساد المالي -على غرار قضية استيراد الشاي- تتعلق بتعدد الأسعار للدولار داخل البلد، فقد شهدت إيران في ظل هذه السياسة استيراد بضائع بالسعر الحكومي الرسمي للدولار وعرضها في السوق وبيعها بناء على السعر في السوق الحرة للدولار الذي يكون أضعاف السعر الحكومي.

ويوضح دكتور الاقتصاد -في حديثه للجزيرة نت- أنه في قضية استيراد الشاي هناك أكثر من إشكالية مثل استخدام السعر الحكومي لاستيراد البضائع واستيراد الشركة لشاي بجودة أقل وسعر أقل بكثير.

ويضيف سعيديان أن شركة شاي دبش حصلت على دولار بالسعر الحكومي لترميم أجهزة في خط إنتاجها، كما أنها حصلت على قروض كبيرة من البنوك الإيرانية بصفتها شركة استيراد، في وقت لم يتمكن فيه المنتجون في داخل البلاد من الحصول على أي من هذه التسهيلات والقروض من البنوك الإيرانية.

ويؤكد سعيديان أن نظام تعدد أسعار العملة مقابل الدولار يهيئ الأرضية لحدوث قضايا فساد مالي.

ويرى سعيديان أن هذه القضايا تقتل التحفيز لدى المنتِج المحلي، حيث يحظي المستورِد بالسعر الحكومي للدولار والقروض البنكية، بينما لا يتمتع المنتِج المحلي بأي من هذه المحفزات.

الحرية الاقتصادية

من جانب آخر، يرجع دكتور الاقتصاد بيمان مولوي -في حديثه للجزيرة نت- قضايا الفساد في إيران إلى أسباب منها الحرية الاقتصادية، ويقول “لو راجعنا مرتبة إيران في الحرية الاقتصادية سنجد أنها في المرتبة 160 من إجمالي 165 دولة وفقا لتقرير معهد “فريزر” للحرية الاقتصادية للعام 2023″.

ويوضح أن الدول التي تقع بعد المرتبة 120 يتحول اقتصادها إلى اقتصاد مصالح ينتج سياسة تعدد الأسعار للعملة الصعبة.

وعما إذا كان لعدم انضمام إيران لـ”مجموعة العمل المالي” FATF دور في ظهور قضايا فساد مالي من هذا النوع، يعتقد مولوي أنه يجب تعديل القوانين الداخلية في البلاد أولا ليكون لمجموعة العمل المالي تأثير أكبر فيما بعد.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *