تتمتع السيارات الكهربائية بما يكفي من المميزات لإقناع قائدي المركبات بالتحول إليها، حسب ما تظهر الدراسات العالمية، في وقت أدى التطور المتسارع والمنافسة بين الشركات المصنعة إلى التغلب على بعض أكبر عيوبها الشائعة.
ويقول توني لطيف -أحد المؤثرين المتخصصين في السيارات الكهربائية في العالم العربي عبر صفحات التواصل الاجتماعي للجزيرة نت- إن الثقل الأكبر لتكاليف التشغيل بالنسبة لمستخدمي السيارات التقليدية يتركز في الوقود والصيانات الدورية، أما الوقود فلا تحتاجه السيارات الكهربائية، وهو ما يستتبع بالضرورة التوقف عن الاستبدال الدوري لقطع غيار مرتبطة بحرقه.
لكن ثمة صيانات دورية لا بد أن تجري على السيارة، فالتغيير الدوري لقطع المكابح على سبيل المثال لا غنى عنه في أي سيارة، أو إعادة ربط مكونات الجر، إلا أن هذه التكلفة في السيارات الكهربائية تقدر بنحو 10% مقارنة بمثيلتها ذات محركات الاحتراق الداخلي.
وتستحوذ البطاريات -بحسب لطيف- على ما بين 60% إلى 70% من قيمة السيارات الكهربائية، ويتراوح عمرها الافتراضي في السيارة الواحدة بين 8 إلى 13 عاما، ويتراجع أداؤها في العادة ما بين 10% إلى 15% بعد 8 أعوام من الاستخدام، وفي هذه الحالة يمكن استبدال الخلايا التالفة فيها.
وكانت تكلفة الكيلواط الواحد، عام 2011، خلال عملية استبدال خلايا السيارات الكهربائية 1500 دولار، لكن مع الأبحاث المتواصلة والمنافسة بين الشركات المصنعة، أصبح الكيلواط الواحد يكلف 90 دولارا.
وعن شحن المركبات، يفضل غالبية مستخدمي السيارات الكهربائية نظام الشحن البطيء في المنزل خلال أوقات الراحة، وهو يكفي لنشاط اليوم وقد يفيض، بحسب توني لطيف الذي أشار إلى الأبعاد البيئية في هذه السيارات، إذ لا تخرج عوادم كالسيارات التقليدية.
وفي هذا التقرير نلقي الضوء على وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية، وسوقها المتنامي في العالم والمنطقة العربية والشرق الأوسط وفق أحدث الدراسات والتقارير:
ما حجم سوق السيارات الكهربائية بالعالم؟
بلغت عدد السيارات الكهربائية التي بيعت بأسواق العالم 10.5 ملايين سيارة في 2022 مقابل 6.6 ملايين وحدة في العام السابق عليه، وشكل ذلك حصة 14% من إجمالي السيارات الجديدة المبيعة في العالم، ارتفاعا من نحو 9% عام 2021، وأقل من 5% عام 2020، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.
ومن حيث القيمة بلغ حجم سوق السيارات الكهربائية في السنة الماضية 267.1 مليار دولار.
وتستمر مبيعات السيارات الكهربائية العالمية في النمو، إذ تم تسليم 6 ملايين سيارة جديدة في النصف الأول من عام 2023، بينها 4.27 ملايين سيارة كهربائية بالكامل، و1.76 مليون سيارة هجينة، بزيادة 40% مقارنة بالنصف الأول من السنة الماضية، وذلك وفق بيانات “إي في فوليوم” لبيانات مبيعات السيارات الكهربائية.
وتجاوز الإنفاق العالمي على السيارات الكهربائية 425 مليار دولار في 2022، بزيادة 50% مقارنة بعام 2021، وقد سجّل الدعم الحكومي منها 10% فقط، أما الباقي فكان من المستهلكين.
وارتفع عدد السيارات الكهربائية حول العالم في العام الماضي إلى أكثر من 26 مليون سيارة مقارنة بـ 16.5 مليون مسجلة في 2021.
ما هي أكبر أسواق السيارات الكهربائية في العالم؟
- واصلت الصين تصدرها لسوق السيارات الكهربائية في العالم، إذ إن نصف المركبات من هذا النوع على الطرق في جميع أنحاء العالم يوجد الآن في الصين، وقد تجاوزت بالفعل هدفها لعام 2025 لمبيعات سيارات الطاقة الجديدة.
واستحوذت السيارات الكهربائية على حصة 60% من مبيعات الصين للسيارات بكل أنواعها خلال السنة الماضية.
- وتحتل أوروبا المرتبة الثانية بعد الصين، إذ زادت مبيعات السيارات الكهربائية فيها أكثر من 15% عام 2022، مما يعني أن ما يزيد على سيارة واحدة من بين كل 5 سيارات مباعة كانت كهربائية.
- في المرتبة الثالثة تأتي الولايات المتحدة الأميركية، التي شهدت زيادة في مبيعات السيارات الكهربائية بـ55% خلال السنة الماضية، لتصل حصة المبيعات إلى 8% من إجمالي مبيعات السيارات.
وعلى صعيد الأسواق الأقل حجما تضاعف عدد السيارات الكهربائية 3 مرات في الهند وتايلاند وإندونيسيا مقارنة بعام 2021، لتصل إلى 80 ألف سيارة.
فبالنسبة لتايلاند، بلغت حصة السيارات الكهربائية في إجمالي المبيعات ما يزيد قليلا على 3% العام الماضي، في حين بلغ متوسط كل من الهند وإندونيسيا نحو 1.5%.
جدير بالذكر أن الهند تكثّف تصنيع السيارات الكهربائية ومكوناتها، بدعم من برنامج الحوافز الحكومي بقيمة 3.2 مليارات دولار، وقد جذبت استثمارات بقيمة 8.3 مليارات دولار.
كما تعمل تايلاند وإندونيسيا أيضا على تعزيز خطط دعم السياسات الخاصة بهما، ما قد يكون تجربة قيّمة لاقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى التي تسعى لتعزيز اعتماد السيارات الكهربائية.
وفي المجمل تتوقع مؤسسة جولدمان ساكس الأميركية للأبحاث أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم إلى نحو 73 مليون وحدة عام 2040.
ومن المرجح أن ترتفع حصة السيارات الكهربائية في مبيعات السيارات العالمية إلى 61% بحلول هذا العام، وأن تتجاوز حصة مبيعات السيارات الكهربائية 80% في العديد من البلدان المتقدمة.
ماذا عن مرافق الشحن العامة؟
تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن معظم الطلب على الشحن يتم تلبيته عبر الشحن المنزلي، إلا أن ثمة حاجة إلى أجهزة شحن متاحة للعامة من أجل توفير المستوى ذاته من الراحة وإمكانية الوصول كما هو الحال لتزويد المركبات التقليدية بالوقود.
في نهاية العام الماضي، كان ثمة 2.7 مليون نقطة شحن عامة بطيئة (للرحلات القصيرة داخل المدن) في جميع أنحاء العالم، وتم تركيب أكثر من 900 ألف منها في العام نفسه.
- وأتاحت الصين 360 ألف نقطة شحن بطيئة عامة العام الماضي، مما رفع مخزون أجهزة الشحن في البلاد إلى أكثر من مليون جهاز، وفي نهاية عام 2022، كانت الصين موطنا لأكثر من نصف أجهزة الشحن العامة.
- وتحتل أوروبا المرتبة الثانية، بإجمالي 460 ألف جهاز شحن بطيء في 2022، بزيادة 50% عن العام السابق عليه، وتتصدر هولندا القارة العجوز بنحو 117 ألف نقطة، تليها فرنسا بنحو 74 ألفا وألمانيا بـ64 ألفا.
- وفي الولايات المتحدة زادت أجهزة الشحن البطيئة 9% عام 2022، وهو أقل معدل نمو بين الأسواق الرئيسية.
- وفي كوريا الجنوبية، تضاعف مخزون الشحن البطيء على أساس سنوي، ليصل إلى 184 ألف نقطة شحن.
أما أجهزة الشحن السريعة (للسفر على الطرق السريعة)، فقد ارتفع عددها حول العالم إلى 330 ألف جهاز في 2022،
- وكان 90% من هذا النمو في الصين وحدها، نظرا لعدم إمكانية الوصول إلى أجهزة الشحن المنزلية في المدن ذات الكثافة السكانية العالية.
- وفي أوروبا، بلغ إجمالي أجهزة الشحن السريع أكثر من 70 ألفا بنهاية 2022، بزيادة 55% مقارنة بالعام السابق عليه
- في حين ركّبت الولايات المتحدة 6300 شاحن سريع عام 2022، ثلاثة أرباعها من شواحن تيسلا الفائقة، ليرتفع إجمالي أجهزة الشحن السريع لديها إلى 28 ألفا.
ما هي أكبر الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية؟
تتصدر شركات “تيسلا” الأميركية، و”بي واي دي” الصينية، و”فولكسفاغن” الألمانية مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم.
وفق “كاونتر بوينت ريسيرش”:
- بلغت الحصة السوقية لشركة تيسلا الأميركية 17.75% في 2022
- بلغت حصة “بي واي دي” الصينية في المتوسط 12.5%.
- سجّلت حصة فولكسفاغن 7.25%.
- بلغت حصة بقية الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية 62.5%.
وفي المجمل تنتج العديد من الشركات السيارات الكهربائية، لعل أشهرها “بي إم دبليو”، و”ديملر” وفولكسفاغن الألمانية، وهوندا ونيسان وتويوتا وميتسوبيشي من اليابان، وهيونداي وكيا من كوريا الجنوبية، وتاتا وماهيندرا من الهند، ورينو من فرنسا، وبايك وجيلي ونيو وسايك من الصين.
ما حجم سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط؟ وما توقعات أداء السوق في الفترة المقبلة؟
بلغ حجم سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط وأفريقيا 2.1 مليار دولار في عام 2022، بحسب تقرير لشركة “يونيفيرسال داتا سولوشنز” للأبحاث.
ومن المتوقع أن ينمو السوق إلى 2.7 مليار دولار في 2023، و7.65 مليارات دولار بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 23.20%، مع تركيز حكومات المنطقة على تعزيز استخدام السيارات الكهربائية وزيادة الوعي حول حلول تخزين الطاقة، بحسب موردور إنتليجنس لأبحاث السوق.
ورجح تقرير الشركة أن يؤدي توسيع شبكة الاتصالات القائمة على الجيل الخامس، وتنفيذ وثائق الرؤى المستقبلية المخططة لقطر والسعودية والإمارات والكويت إلى زيادة مساعدة سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط في السنوات المقبلة.
ومن أبرز اللاعبين الرئيسيين في سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط شركات فولكسفاغن ونيسان وهيونداي و”بي إم دبليو” وتيسلا.
هل من خطط لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في الدول العربية؟
ثمة خطط متعددة وجهود متلاحقة لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في العالم العربي، ونستعرض بعضا من هذه الجهود:
- قطر
شهدت قطر، في يونيو/حزيران الماضي إطلاق أول علامة تجارية لسيارة كهربائية بملكية فكرية قطرية، تحمل شعار “في آي إم” VIM، وذلك خلال حفل تدشين شركة “إيكوترانزيت” المتخصصة في حلول النقل والمواصلات الذكية والبنية التحتية.
واستخدمت قطر 741 حافلة كهربائية في نقل مشجعي كأس العالم 2022 والذي أعلنته أول مونديال محايد للكربون.
وتتضمن رؤية قطر 2030 تحولا تدريجيا لاستخدام وسائل النقل الكهربائية والطاقة المتجددة خاصة في قطاع المواصلات.
وجاءت قطر في المركز التاسع عالميا كأكثر دول العالم جاهزية للتحول نحو التنقل الكهربائي، وفق مؤشر الجاهزية العالمية للتنقل الكهربائي لشركة “أرثر دي ليتل” للاستشارات.
- السعودية
أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والشركة السعودية للكهرباء، إطلاق شركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية التي تهدف إلى تطوير بنية تحتية لدعم خدمات الشحن السريع للسيارات الكهربائية في المملكة.
وافتتحت شركة “لوسيد” الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية في سبتمبر/أيلول الماضي أول مصنع عالمي لها في مدينة جدة السعودية.
وتُجري السعودية محادثات مبكرة مع تيسلا بشأن إقامة مصنع لإنتاج السيارات في البلاد.
- الإمارات
حوّلت الإمارات ما يزيد على 20% من أساطيل السيارات التابعة للجهات الحكومية إلى مركبات كهربائية منذ 2021.
وتضم الإمارات أكثر من 240 محطة عامة بطيئة الشحن مرتبطة بشبكة الطاقة، وقعت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي مع شركة “فاليو” المتخصصة في تطوير وتصنيع المكونات المتقدمة لتكنولوجيا السيارات الكهربائية ذاتية القيادة، اتفاقية تعاون بشأن تطوير وتعزيز قطاع صناعة السيارات.
ووصلت تكلفة شحن سيارة كهربائية نحو 7.5 دراهم (2.04 دولار) عبر الأجهزة الكهربائية المنزلية، بالنسبة لكل مركبة تسير لمسافة 400 كيلومتر.
- المغرب
يعمل المغرب على رفع القدرة الإنتاجية للسيارات الكهربائية إلى 100 ألف وحدة في أفق 2025 من 40 ألف سيارة حاليا.
وأعلن المغرب، العام الماضي، بدء تصنيع أول سيارة كهربائية لشركة “رينو” الفرنسية بمصنع طنجة شمالي البلاد على أن يبدأ الإنتاج في الربع الأول من 2023 بقدرة إنتاجية 17 ألف سيارة سنويًا.
كما أعلنت شركة “فيات” الإيطالية، في يوليو/تموز الماضي، تصنيع سيارة “تولولينو” الكهربائية في المغرب، بالإضافة إلى طرازات أخرى.
وفي مايو/أيار الماضي كشف المغرب عن نموذج أولي لمركبة تعمل بالهيدروجين، طورها مواطن مغربي، ويطلق عليها اسم “مركبة الهيدروجين متعددة الأغراض”.
وشهدت الحكومة المغربية آخر مايو/أيار الماضي مذكرة تفاهم مع شركة “غوشن هاي تيك” الصينية الألمانية لإنشاء أول مصنع لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أفريقيا.
- الأردن
تتوقع مؤسسة “فيتش” قفزة في مبيعات السيارات الكهربائية في الأردن إلى نحو 23400 وحدة في 2023 من 16 ألف وحدة بيعت في 2022.
وخفّض الأردن رسوم استيراد السيارات الكهربائية من 25% إلى نحو 10%، ومن المرجح أن تتجاوز المبيعات 40 ألف وحدة بحلول عام 2032.
- مصر
أعفت مصر، في مارس/آذار 2018 المركبات الكهربائية المستعملة المستوردة من الرسوم الجمركية بشرط ألا يزيد عمرها على 3 سنوات، لكنها علقت القرار في مايو/أيار 2021 لزيادة التجميع المحلي للمركبات الكهربائية.
وتعمل مصر على تصنيع أول سيارة كهربائية محلية الصنع في العام المقبل، وفق أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
- الجزائر
كشف مركز “سي آر تي آي” البحثي في الجزائر عن أول نموذج سيارة كهربائية جزائرية بسرعة قصوى على 35 كيلومترا/ساعة، وأعلنت الجزائر عن وضع آلية للمساعدات المالية تهدف إلى تشجيع استعمال السيارات الكهربائية في البلاد.
ودشنت الجزائر في يوليو/تموز الماضي أول محطة لشحن السيارات الكهربائية.
- تونس
تستهدف تونس رفع عدد السيارات الكهربائية في شوارعها إلى 5 آلاف سيارة بحلول 2025، ودشنت تونس أول محطة لشحن السيارات الكهربائية في سبتمبر/أيلول الماضي.