شاهد.. مطاعم الشوارع في لبنان مشاريع شبابية توفر العمل وتعزز الإيراد

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

بيروت– في مشهد ينبض بالحركة، تشهد شوارع لبنان طفرة جديدة في عالم الطهي والترفيه ويعود ذلك لانتشار “مطاعم الشوارع” التي أصبحت رمزا للابتكار والمشاريع الشبابية الرائجة.

من بيروت العاصمة إلى كافة المناطق، تجد في معظم أزقة وشوارع المدن اللبنانية شاحنات الطعام وعربات المأكولات، مقدمة تجربة طهي جديدة تجمع بين النكهات التقليدية والمأكولات العصرية.

وليست هذه المشاريع الشبابية الناجحة فقط مصدر إلهام للكثيرين، بل أيضا تشكل دعامة اقتصادية هامة تساهم في توفير فرص عمل وتعزيز الاقتصاد المحلي رغم التحديات والأزمات المزمنة.

التجربة الأولى

محمد خباز، صاحب مشروع “برغرو Burgero” في صيدا (جنوب بيروت) يفتخر بكونه أول من قدم مفهوم “شاحنة الطعام” في لبنان متخصصا في تقديم البرغر. يقول للجزيرة نت إنه يسعى إلى “تقديم خدمة مميزة تتيح للزبائن تجربة جديدة وفريدة من نوعها في عالم الطعام السريع”.

ويضيف خباز “الكل يحب تجربة أشياء جديدة، واليوم الجميع لديهم الفضول لاستكشاف ما هو جديد، سواء من حيث التجربة ككل أو نوعية الطعام أو الفكرة المبتكرة التي نقدمها”.

وما يميز “الفود تراك” هو البيئة الخارجية والجو المريح الذي تضيفه إلى تجربة تناول الطعام. ويشرح خباز أن “الناس قد سئموا من الأماكن المغلقة، ويبحثون دائما عن الجديد والطعام اللذيذ والمناسب للميزانية”.

ومن خلال مشروعه، يهدف خباز إلى تقديم تجربة طعام تجمع بين الجودة والابتكار، وفي الوقت نفسه بكلفة ميسورة. ويقول “يتميز المشروع بجمال تصميمه الخارجي وجوه الحيوي الذي يجذب الزبائن للاستمتاع بوجباتهم في الهواء الطلق” معتبرا هذا النوع من المشاريع “يضفي روحا جديدة إلى المشهد الغذائي بصيدا”.

تمنح مطاعم الشوارع الزبائن فرصة لتناول الطعام في الهواء الطلق

أفكار مبتكرة

حسين ديراني خريج اختصاص إدارة الأعمال وصاحب مشروع “شارع 11 Eleven Street” بدأ فكرة مشروعه منذ شهر ونصف الشهر. وقد استوحى اسمه من الشارع الذي قرر أن يفتتح المشروع فيه، وهو شارع 11 مقابل الكورنيش البحري في صيدا.

ويقارن صاحب المشروع بين المطاعم التقليدية والمطاعم المتنقلة، موضحا للجزيرة نت أن هذه المشاريع تعتمد على دوام المساء والليل وتوظف عددا أقل من العمال مقارنة بالمطاعم التقليدية.

ويقول إن فكرة طعام الشاحنة تعتمد على تقديم سندويشات سريعة، مما يتيح للزبون الذي يكون في عجلة من أمره الحصول على وجبته والذهاب بوقت قصير، بينما “يحتاج الزبون في المطعم التقليدي إلى وقت أطول”.

ويوضح ديراني أن سعر السندويش في مطعمه يبدأ من 4 دولارات، بينما يصل سعر أغلى سندويش إلى 6.5 دولارات. ويقول للجزيرة نت “أحرص على تقديم جودة ممتازة تتناسب مع معظم الفئات، وأن هذه الأسعار تعتبر مناسبة للغاية مقارنة بأسعار المطاعم التقليدية”.

تتميز مطاعم الشوارع في لبنان بابتكارها وتجديدها المستمر

تحديات وفرص

كما يسعى ديراني إلى ابتكار خدمات جديدة، مثل تقديم الطعام عبر صينية تصل إلى داخل السيارة، مؤكدا على استمراره في تقديم أفكار جديدة تتعلق بالطعام.

ويعترف بأن المشروع كان مخاطرة في ظل الأزمات الحالية في لبنان، ولكنه يصفه بأنه مشروع شبابي ناجح الوقت الحالي.

ويعتبر ديراني أن “هذه المشاريع توفر دعما كبيرا للشباب الذين لم يجدوا فرص عمل في اختصاصاتهم” مؤكدا “أهمية تشجيع المشاريع الشبابية في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة”.

مشروع متنقل

أحمد زيدان، صاحب مشروع ” شورز باي سكيلر Churros by Skyler” في شاحنة للطعام في صيدا، يعلن عن الانتقال قريبا إلى منطقة دوار القناية، حيث سيتم افتتاح مجموعة من المطاعم المتنقلة داخل ساحة كبيرة.

وبدأت الفكرة بهدف تقديم خدمة جديدة للزبائن، وهي تقديم الطعام بطريقة مختلفة عن المطاعم التقليدية.

ويوضح زيدان للجزيرة نت أن “المطاعم المتنقلة توفر تجربة فريدة تجمع بين جودة الطعام وسرعة الخدمة، مما يجذب العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن خيارات سريعة ومميزة”.

ويضيف “يشهد هذا النوع من المشاريع إقبالا كبيرا في صيدا، حيث يُقدر الزبائن التنوع الكبير في الأطعمة المقدمة والجو الحيوي الذي تخلفه هذه المطاعم المتنقلة. ومع ارتفاع تكاليف تناول الطعام في المطاعم التقليدية، أصبحت الفود تراك بديلا اقتصاديا ومحبوبا للكثيرين”.

شهدت مطاعم الشوارع انتشارا واسعا في لبنان مؤخرا

تكلفة أقل وربح أكثر

مطعم “سيستر رابس Sister Wraps” المتنقل في منطقة مار مخايل في بيروت يحجز جزءا من باحة تطل على الشارع العام منذ 16 شهرا، حيث ينفذ فكرة “مطعم الشارع” وفقا لحسن دلباني الذي يعمل بهذا المشروع ويقول في حديثه للجزيرة نت إن “فكرة فود تراك تعتبر خيارا أقل تكلفة وأعلى استثمارا”.

ويضيف “اليوم، أصبحت هذه الفكرة شائعة جدا في لبنان، وهي مستوحاة من الدول الأوروبية. وتتنوع الخيارات التي يقدمها فود تراك”.

وعن الفرق بينها وبين المطاعم التقليدية، يشير دلباني إلى أن “المطاعم أصبحت اليوم مكلفة للغاية، ويحتاج الزبون إلى قضاء ما لا يقل عن 30 دقيقة منتظرا بالمطعم. في المقابل، خلال نفس الفترة الزمنية، يمكن لفود تراك استقبال حوالي 20 زبونا”.

من ناحية التكلفة، يقول “يمكن للشخص أن يدفع حوالي 100 دولار على صنفين أو ثلاثة بالمطعم، بينما يمكنه شراء قائمة كاملة من الطعام بنفس المبلغ في فود تراك. وهذا الفارق الكبير في التكلفة والوقت يجعل فود تراك خيارا جذابا للعديد من الناس في لبنان”.

مشاريع مربحة

يرى خبير الاقتصاد والأسواق المالية، الدكتور عماد عكوش، أن هذه المشاريع تحقق أرباحا أكثر من المطاعم التقليدية بسبب تقليل التكاليف، حيث غالبا ما يكون صاحب المشروع هو المدير الرئيسي مع وجود موظف أو اثنين فقط للمساعدة.

ويعتبر هذا النموذج حلا لإيجاد فرص عمل للشباب الذين لا يملكون القدرة على تأسيس مشاريع كبيرة نظرا لنقص رأس المال.

ويضيف عكوش “تساهم هذه المشاريع في تعزيز قطاعات السياحة والخدمات، مما يؤدي إلى منافسة أكثر شفافية وتخفيض أسعار الخدمات للمواطنين والسياح”.

ويركز الخبير الاقتصادي على ضرورة وجود تنظيم قانوني لمثل هذه المشاريع في لبنان، حيث لا يوجد حاليا إطار قانوني ينظمها بشكل كامل وواضح.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *