قالت وكالة بلومبيرغ إن ظهور ارتفاع التكاليف وضغوط سلسلة التوريد في تقارير أرباح الشركات مسألة وقت، مع احتدام أزمة البحر الأحمر التي تؤثر في شحنات كل شيء من السيارات إلى الطاقة.
وأشارت إلى تحذير العديد من الشركات من تأثير التوترات، إذ تخطط شركة تيسلا الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية لوقف الإنتاج لمدة أسبوعين في مصنع ألماني بسبب تأخير الشحن، بينما أعلنت شركة فولفوكار السويدية توقف الإنتاج لمدة 3 أيام في مصنعها البلجيكي، وأشارت شركات التجزئة البريطانية -مثل: تيسكو ونكست وماركس آند سبنسر- إلى مخاطر ارتفاع الأسعار للمستهلكين.
مسارات طويلة
وعزت الوكالة الأمر إلى أن ما لا يقل عن 2300 سفينة تتخذ مسارات طويلة لتجنب هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، وهو ممر مائي يتعامل عادة مع أكثر من 12% من التجارة البحرية العالمية.
ويستهدف الحوثيون سفن إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل في توسيع لتداعيات حربها على قطاع غزة، وردت الولايات المتحدة وبريطانيا باستهداف مواقع تابعة للجماعة، ما دفعها إلى الإعلان عن أن السفن التابعة للبلدين صارت أهدافا مشروعة.
ويحذّر محافظو البنوك المركزية من ارتفاع التضخم الذي قد يعيق تخفيضات معدلات الفائدة، وبالنسبة للعديد من الشركات، خاصة في أوروبا، فإن ذلك يزيد من أوقات النقل، ويزيد قيمة فواتير الشحن وتكاليف التأمين، ما يدفع محللين إلى إعادة التفكير في تقديرات أرباح الشركات خلال السنة.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية، انخفضت التوقعات المجمعة لأرباح شركات صناعة السيارات 5%، وفق بيانات جمعتها بلومبيرغ، وفي المقابل ظهرت شركات الشحن من بين الرابحين، مع ارتفاع أسعار شحن الحاويات 300% على بعض الخطوط، إذ زادت تقديرات أرباح مؤشر النقل في أوروبا إم إس سي آي 7% في أسبوعين فقط.
وعدّ رئيس قسم الأسهم في شركة لازارد فريرز جيستيون في باريس، أن قطاع السيارات “من أوائل القطاعات التي تعاني بسبب سلسلة التوريد المعقدة والمتوترة”، وهو يتجنب -أيضا- البيع بالتجزئة؛ لأنه “قد يعاني من نقص المنتجات للبيع”، حسبما نقلت عنه الوكالة.
وتوقع برينير أنه إذا استمر الأمر شهرا أو شهرين آخرين، فإن من المؤكد أن تصدر تحذيرات بشأن أرباح الشركات.
وفيما يلي نظرة على كيفية تشكيل الأرباح لمختلف القطاعات:
الشحن والتأمين
إذا استمرت تكاليف شحن الحاويات الحالية، فقد تزيد من التضخم الرئيس في بريطانيا ومنطقة اليورو، بداية من أواخر 2024 وأوائل 2025، وفقا لتقديرات بلومبيرغ للأبحاث.
لكن الأحداث تعزز ثروات شركات الشحن العالمية، مثل: ميرسك وغاباغ لويد في أوروبا، وشركة زد آي إم إنتيغريتيد شيبينغ المدرجة في الولايات المتحدة، وشركة ميتسوري أو إس كيه اليابانية، ومن المفترض أن تستفيد شركات التأمين كذلك، مع حصولها على أقساط تأمين تقدر بعشرة أضعاف ما تحصل عليه في الظروف الطبيعية على بعض مسالك الشحن.
ويتوقع ديفيد فيرنون، من شركة سانفورد سي بيرنشتاين، زيادة في أرباح شركات الخدمات اللوجستية، كذلك، بما في ذلك وكلاء الشحن، إذا لجأت الشركات التي نفِدت خيارات الشحن لديها إلى الشحن الجوي.
وقال فيرنون “الشحن الجوي هو الرابح بالتأكيد”، مشيرا إلى شركات؛ مثل: فيدكس ودي إتش إل من بين المستفيدين المحتملين.
التجزئة
وكانت شركة نكست، التي تستورد معظم منتجاتها من الأزياء ومستلزمات المنزل من آسيا، من بين أوائل تجار التجزئة الذين أعربوا عن الهجمات.
وتتعرض شركة بريكارك، المملوكة لشركة أسوشيتيد بريتيش فود، وشركة إتش آند إم، بشكل كبير للشحن البحري، وفقا لمحلل آر بي سي كابيتال ماركيتس، ريتشارد تشامبرلين، في حين أن توريد شركة إنديتكس إس إيه المالكة لشركة زارا تأتي في الغالب من البلدان المجاورة.
وعلى نحو مماثل، سلطت شركة برايان غارنييه وشركاه الضوء على شركة التجزئة الفرنسية للأثاث ميزون دو موند، كونها معرضة للخطر بصورة كبيرة، إذ تشتري 75% من بضائعها من آسيا، وتنقل 90% منها عن طريق البحر.
ويقول فريديريك كارير، من آر بي سي، لإدارة الثروات إن المشكلة لمثل هذه الشركات صعوبة تمرير تكاليف أعلى إلى المستهلكين، بسبب خلفيتها الاقتصادية، ما يجعل على عاتقها استيعاب التكاليف، ما يضغط على هوامش الربح، حسبما نقلت عنه الوكالة.
السيارات
تعدّ شركتا تيسلا وفولفو للسيارات هما الوحيدتان اللتان أعلنتا عن توقف الإنتاج، إلى الآن، لكن مثل هذه التأخيرات في التوريد “قد تمثل خطرا جديدا على إنتاج المركبات الخفيفة هذا العام”، حسبما نقلت الوكالة عن بنك مورغان ستانلي.
ومع ذلك، فإن أغلب الظن أن الصناعة لن تشهد تكرارا لصعوبات وباء كورونا، وكتب محلل بنك أوف أميركا، جون مورفي “الوقود الأعلى كلفة، والأيام الإضافية مع المساحة المستأجرة للنقل، وارتفاع أسعار الشحن، سيكون لها تأثير سلبي في أرباح وخسائر الشركات، ولكن، مع وضع ذلك في الاعتبار، فإن تكاليف النقل أقل بنحو 57% من مستويات كوفيد”، حسبما نقلت عنه الوكالة.
الطاقة
كان التأثير في أسعار النفط ضعيفا نسبيا، لكن ذلك قد يتغير إذا تسبب الصراع المطول في نقص الإمدادات.
ومع ذلك، فإن أسواق النفط تستعد لاضطرابات قد تستمر لأسابيع، ويمر عدد أقل من الناقلات عبر مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفقا لبيانات فورتيكسا التي جمعتها بلومبيرغ، وتظهر الأرقام أن عدد السفن التي تحمل منتجات بترولية خام أو مواد من قبيلها، انخفض بنسبة 25% هذا العام حتى 19 يناير/كانون الثاني من العام السابق.