تحذير من تداعيات اقتصادية وأمنية لحظر إسرائيل العمال الفلسطينيين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة– أجمعت تقارير إسرائيلية على أن منع تشغيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الفلسطيني وتعاظم المخاطر الأمنية على إسرائيل مع تصاعد التوتر وحالة الغليان في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب على غزة.

وقبل معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عمل في إسرائيل نحو 109 آلاف عامل فلسطيني من الضفة وأكثر من 20 ألفا من قطاع غزة، وذلك بموجب تصاريح عمل تصدرها السلطات الإسرائيلية، إضافة إلى آلاف الفلسطينيين الذين عملوا في السوق الإسرائيلي دون تصاريح.

وأكدت تقديرات إسرائيلية أن مواصلة منع الفلسطينيين الدخول للعمل ستكون له تداعيات سلبية ومساس بالاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد أيضا على الاقتصاد والأسواق الفلسطينية، كما أن ذلك سيكبد قطاعات عمل حيوية مثل الزراعة خسائر فادحة وسيقوض قطاع البناء الذي يواجه تحديات وخسائر جراء الحرب الحالية.

وخصصت صحيفة “دي ماركر” الاقتصادية تقاريرها إلى مواصلة الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو منع دخول الفلسطينيين وتشغيلهم في سوق العمل الإسرائيلي، وسلطت الضوء على تداعيات ذلك على الاقتصاد الفلسطيني وانعكاسه السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي أيضا.

وتعتقد الصحيفة أن قرار منع تشغيل الفلسطينيين واستقدام العمالة الأجنبية تشتم منهما رائحة فساد ورشاوى للشركات التي تنشط بالمجال، علما أن التقارير تشير إلى أن العمال الفلسطينيين أكثر كفاءة من العمال الأجانب بكل المقاييس والمستويات.

تعلق واعتماد

ولبحث العلاقة المتبادلة بين الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني ترأس البروفيسور تسفي إيكشتاين في كلية الاقتصاد بجامعة “رايخمان” قبل سنوات لجنة عامة تعاملت مع السؤال المعقد: ما الذي تجنيه إسرائيل من 5 ملايين فلسطيني، 3 ملايين منهم يعيشون في الضفة الغربية تحت حكم السلطة الفلسطينية؟ وكيف تؤثر معيشتهم على اقتصاد وأمن مواطني إسرائيل؟

وكان جواب إيكشتاين في تقرير “لجنة التنظيم والإشراف وتنفيذ تشغيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل” -الذي قدم إلى الحكومة الإسرائيلية- هو أن سوق العمل الفلسطيني مندمج في سوق العمل الإسرائيلي، وأنهما يعتمدان على بعضهما البعض، كما أن الاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي مرتبطان بالفلسطينيين من ناحية الأيدي العاملة وكذلك الاستهلاك.

وحيال هذا الواقع والارتهان الإسرائيلي للأيادي العاملة الفلسطينية، يقول إيكشتاين إن “أصوات الانكسار للمقاولين والمزارعين الإسرائيليين تظهر اعتمادهم الكبير على العمال الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه فالأمر بالغ الأهمية على الجانب الفلسطيني أيضا”.

وإلى جانب التأثير الإيجابي على الاقتصاد بالضفة واستقرار السلطة الفلسطينية، يقول رئيس معهد “آرون” إن “هناك أيضا آثارا مهمة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يحتاج للعمال الفلسطينيين بسبب اعتماد قطاعي الزراعة والبناء عليهم بشكل كبير”.

ضبط ومراقبة

وأمام هذه المستجدات والتحديات الاقتصادية، خصصت صحيفة “هآرتس” كلمتها الافتتاحية الثلاثاء لقرار “الكابينت الاقتصادي الاجتماعي” منع إدخال العمال الفلسطينيين إلى سوق العمل الإسرائيلي والتسريع في إجراءات استقدام العمالة الأجنبية، حيث دعت إلى إلغاء هذا القرار واستئناف دخول الفلسطينيين من الضفة للعمل في إسرائيل، مع وضع آليات ضبط ونظام مراقبة لدخولهم.

وتشير الصحيفة إلى أنه يمكن تفهم المخاوف الأمنية التي تزايدت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها تابعت “لكن هذا لا يبرر استمرار هذه السياسة التي يمكن أن تسبب أزمة اقتصادية خطيرة في الضفة، ويترتب عليها تدهور للوضع الأمني، كما أن منع دخولهم يضر بالاقتصاد الإسرائيلي أيضا”.

وتشير “هآرتس” إلى أن إسرائيل خلقت تبعية اقتصادية لها في الضفة الغربية، لذلك فإن منع دخول العمال الفلسطينيين يعني -وفقا للصحيفة- “فك ارتباط اقتصادي” دون تقديم بديل، وهو في الواقع نوع من الحصار.

وتقول الصحيفة إنه في خضم الحرب فإن “مسألة التصديق على دخول العمال من الضفة هي بالفعل أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الأوقات العادية، ولكن تحويل الضفة إلى طنجرة ضغط جراء البطالة والإحباط قد يتبين أنه خطأ وعواقبه وخيمة”.

اقتصادي وأمني

وتعليقا على قرار “الكابينت” عدم السماح للفلسطينيين بالدخول للعمل في إسرائيل، ترى محللة الشؤون الاقتصادية ميراف أرلوزوروف في صحيفة “دي ماركر” أن هذا القرار يأتي خلافا لالتزام إسرائيل باتفاقياتها مع السلطة الفلسطينية التي تقضي بتشغيل العمال من الضفة في سوق العمل الإسرائيلي، وعليه فإن القرار يعكس تصور الحكومة الإسرائيلية أنه “لا وجود للشعب الفلسطيني بين البحر والنهر”.

وأوضحت أرلوزوروف أنه حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان نحو 130 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل بتصاريح وعدد آخر غير معروف يقدر بعشرات الآلاف بدون تصاريح، وكان معظم الفلسطينيين يعملون في مجالي البناء والزراعة.

ولفتت إلى أن التقديرات تشير إلى أن تشغيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل مسؤول عن 15% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، أي أنه بدون العمل في إسرائيل سينهار اقتصاد السلطة.

وتقول أرلوزوروف إن خيار استقدام العمال الأجانب هو الأسوأ على الإطلاق، حيث “يستغرق استقدام العمال الأجانب وقتا طويلا، إذ ينظر إلى إسرائيل باعتبارها تحت مخاطر أمنية بسبب الحرب، كما أن أي اقتراح لجلب عمال أجانب يثير شكوكا جدية بوجود فساد”، فقد كان استقدام الأجانب على مر السنين ملوثا بتحصيل الرسوم المحظورة ودفع رشاوى غير قانونية بقيمة مليارات الشواكل سنويا، ومن الناحية العملية فإنه نوع من الاتجار بالبشر”.

فوضى ومشاحنات

الطرح ذاته تبناه حيزي شتيرنليخت وهو مراسل صحيفة “غلوبس” الاقتصادية، والذي استعرض في تقرير له واقع العمال بقطاع البناء في إسرائيل في ظل منع إدخال العمال الفلسطينيين.

وأشار شتيرنليخت إلى أن العمال الأجانب -ومن ضمنهم عمال البناء من الصين- يطلبون أجرا يوميا مضاعفا يصل إلى 500 دولار، وهو الأمر الذي خلق حالة من الفوضى والمشاحنات بين المقاولين الذين اضطر بعضهم إلى دفع مثل هذه الأجور من أجل إنجاز مشاريع البناء التي يقومون بها.

وأوضح أن الحرب على غزة حولت التباطؤ في قطاع العقارات إلى أزمة حقيقية، قائلا إن المقاولين يتشاجرون مع بعضهم البعض إثر نقص العمال الكبير، والكثير من ورش البناء في إسرائيل معطلة للشهر الثالث على التوالي وتتكبد الخسائر.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *