القاهرة ـ يأمل محمود عبود، وهو صاحب بازار في محيط منطقة آثار الهرم بالجيزة، ألا يتأثر التدفق السياحي المتنامي بحادثة مصرع سائحين إسرائيليين على يد شرطي في محافظة الإسكندرية قبل أيام، وقال للجزيرة نت “من المفترض أن تعي شركات السياحة ووكلاؤها بالخارج أن الحادث وقع بدوافع سياسية انفعالية، وموجه للإسرائيليين نظرا للصراع في غزة”.
وسددت رصاصات شرطي مصري يُدعى السيد صابر ضربة لقلب السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر، سرت على إثر دويها مخاوف من تأثر السياحة الوافدة عموما لمصر، عقب قيامه بقتل سائحين إسرائيليين ومرشد سياحي مصري، وإصابة إسرائيلي آخر، في إحدى المناطق الأثرية بالإسكندرية، الأحد الماضي.
وكان من المقرر أن يكمل الوفد السياحي الإسرائيلي جولات السياحة بالقاهرة، ليزور الأربعاء متحف الحضارة بالقاهرة، وفق مصدر تحدث للجزيرة نت، والمتحف وجهة مفضلة للسياح الإسرائيليين، حيث يضم مقتنيات من عصور مختلفة، تضم آثارا يهودية نادرة.
تأثير محدود
يعضد آمال محمود عبود وغيره من العاملين في مجال السياحة بمصر، أن إلغاءات الحجوزات محدود حتى الآن، بعد أيام من حادثة الإسكندرية، كما قال مسؤولون بشركات سياحة للجزيرة نت، ولا توجد دولة محددة، باستثناء إسرائيل، اتخذت موقفا بإلغاء جماعي للرحلات الوافدة.
وذكر مدير إدارة السياحة الوافدة بإحدى شركات السياحة الكبرى بمصر، أن إلغاء الحجوزات تركز في الوفود الأوروبية التي تأتي عادة لتزور إسرائيل بجانب مصر، حيث تستغل شركات سياحة إسرائيلية غرام الأوروبيين بالآثار الفرعونية وتنشر دعاياتها للأوروبيين في برنامج سياحي واحد يتضمن أبرز المقاصد المصرية مع أخرى في إسرائيل، استنادا للقرب الجغرافي.
وتابع المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه “في الساعات الأولى عقب وقوع الحادث، ألغى أكثر من 10 أفواج رحلاتهم التي كانت مقررة إلى طابا (شرقي سيناء) وشرم الشيخ (جنوبي سيناء) من أكتوبر/تشرين الأول الجاري حتى يناير/كانون الثاني المقبل”.
وطالب مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مواطنيه ممن يقضون إجازاتهم في مصر بمغادرتها في أسرع وقت عقب الحادث.
خسارة سياح إسرائيل
وزار مصر نحو 566 ألف سائح إسرائيلي العام الماضي، دخلوا سيناء عبر معبر طابا البري، خلاف نحو 169 ألفا آخرين زاروا البلاد قادمين من مطار بن غوريون الإسرائيلي، توجه 124 ألف منهم إلى شرم الشيخ، في حين توجه الباقي (45 ألف) إلى القاهرة، وفق إحصاءات رسمية.
ويمثل هؤلاء السياح أقل من 6% من جملة السياحة الوافدة إلى مصر، والتي بلغت نحو 11.7 مليون سائح زاروا البلاد في العام الماضي، بإيرادات بلغت نحو 10.7 مليارات دولار وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي أشار أيضا إلى أن عدد السياح الوافدين إلى مصر في النصف الأول من عام 2023، بلغ نحو 7 ملايين سائح، بزيادة قدرها 36.3% عن نفس الفترة من العام الماضي، ويعد هذا الرقم هو الأعلى في تاريخ مصر خلال هذه الفترة.
وكشف عاملون بوزارة السياحة والآثار للجزيرة نت أن زيارات المقاصد السياحية والأثرية يسير وفق معدلات جيدة حتى الآن، بدا أثره خلال اليومين الماضيين عبر الازدحام الذي شهدته مناطق أثرية مهمة بالقاهرة والجيزة، مبشرا بموسم سياحي مزدهر.
ورغم ذلك يبدو أن مصر لن تصل إلى الرقم المأمول الذي عبر عنه وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى الشهر الماضي، الذي قال إن مصر تستهدف 15 مليون سائح بنهاية 2023، بعوائد متوقعة تتراوح ما بين 16 إلى 17 مليار دولار، خلال العام المالي الحالي 2023-2024 (الذي بدأ في الأول من يوليو/تموز الماضي)، مقابل 14 مليار دولار حققته في العام المالي الماضي.
وتحل السياحة على رأس أهم الموارد الدولارية لمصر، إذ ارتفع صافي الإيرادات من السياحة إلى 10.3 مليارات دولار خلال الفترة من يوليو/تموز 2022 إلى مارس/آذار من العام 2023 مقابل 8.2 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي السابق، محققا معدل نمو بلغ نحو 25.75%، وفق ميزان المدفوعات الصادر عن البنك المركزي المصري.
وكالة فيتش الأميركية كانت قد زادت موجة التفاؤل بانتعاش السياحة بنسبة تتجاوز 11%مقارنة بعام 2022، حيث رجحت أن تتجاوز عائدات مصر من السياحة 15 مليار دولار خلال العام الحالي.
تداعيات سلبية
وأقر عضو غرفة شركات السياحة هاني بيتر بتداعيات سلبية لحادث مقتل إسرائيليين على السياحة في مصر، وقال إن رد الفعل المباشر لهذا الحادث تمثل في إلغاء ما يقرب من 25 ألف سائح حجوزاتهم والتراجع عن زيارة مصر على وقع الحادث.
وتابع بيتر في حديثه للجزيرة نت أن التراجع عن زيارة مصر وإلغاء الحجوزات تعلق ببدء الموسم الشتوي خصوصا فيما يتعلق برحلات “الهولي لاند “و”القدس بلس بلس”، حيث كان آلاف السياح القادمين من أوروبا وجنوب شرق آسيا يقومون برحلات سياحية، تتضمن زيارة فلسطين ومصر والأردن والسعودية.
ووفق بيتر فقد تعرض هذا الموسم لانتكاسة حيث كرست أحداث غزة بعد عملية “طوفان الأقصى” وحادث الإسكندرية اعتقادا بأن المنطقة عموما ـومصر خصوصاـ غير مناسبة في هذه الظروف لاستقبال سائحين.
وأشار المتحدث إلى أن مدة وحجم العدوان على غزة ستحدد تأثيرات الأزمة على السياحة في مصر والمنطقة، فكلما قصرت الأزمة كانت القدرة على التعافي السريع، والعكس يعني انهيار الموسم السياحي الشتوي.
ورأى رئيس لجنة تسيير الأعمال بغرفة المنشآت الفندقية بالاتحاد المصري للغرف السياحية علاء عاقل، أنه من المبكر جدا تحديد حجم أضرار الحادث على الموسم السياحي.
وبدا عاقل في حديثه للجزيرة نت واثقا من قدرة السياحة المصرية على تجاوز أي تبعات للحادث، في ظل الإمكانات السياحية العملاقة التي تتمتع بها، والتي تجاوزت من قبل أحداثا خطيرة، رغم أن توقيت الحادث كان شديد الحساسية مع انطلاق الموسم الشتوي فضلا عن موجة الأحداث التي تضرب المنطقة.