وصل المؤتمر الوزاري الـ13 لمنظمة التجارة العالمية، الذي انعقد في أبو ظبي، إلى طريق مسدود بشأن القضايا الحاسمة المتعلقة بالزراعة ومصائد الأسماك وغيرها من القضايا العالقة، مما ترك اللاعبين الرئيسيين، بما في ذلك الهند والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، غير قادرين على إيجاد أرضية مشتركة رغم المفاوضات الممتدة.
ودخل المؤتمر، الذي كان من المفترض أن يختتم أعماله أمس الأول الخميس، وقتا إضافيا مع استمرار الجمود لكنه لم يسفر عن نتيجة فيما نُقل عن بعض المفاوضين وصفهم الأمر بأنه تغليب للمصلحة الوطنية على المسؤولية الجماعية.
وقال وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي ثاني الزيودي إنه تم تمديد تعليق الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية لمدة عامين، لكن لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الدعم الحكومي للزراعة والصيد البحري في المؤتمر الوزاري الـ13 لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي.
فيما قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيوالا في نهاية المؤتمر “سأختتم بعبارة أنسبها إلى ونستون تشرشل الذي قال، وأنا أقتبس، النجاح ليس نهائيا. الفشل ليس قاتلا. إنها الشجاعة للاستمرار التي تهم”.
وأضافت “لقد عملنا بجد هذا الأسبوع، وحققنا بعض الأشياء المهمة ولم نتمكن من إنهاء أشياء أخرى”. وأشارت إيوالا إلى أن نتائج الاجتماع الوزاري سلطت الضوء على الانقسامات العميقة بين أعضاء منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم 164عضوا “في سياق دولي يتسم بعدم اليقين أكثر من أي وقت مضى”.
مفاوضات مضنية
وشهدت المناقشات المطولة مغادرة معظم وزراء التجارة بحلول اليوم الخامس، مع بقاء عدد قليل منهم فقط، بما في ذلك وزير التجارة الهندي بيوش جويال، حتى النهاية. وفي حين لم يكن هناك توافق في الآراء بشأن المسائل الرئيسية، فقد ظهرت إحدى النتائج المهمة وهي الاتفاق على تمديد الوقف الاختياري للرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية لمدة عامين إضافيين، حتى المؤتمر الوزاري المقبل. وقد قوبل التمديد في البداية بمقاومة من الهند وجنوب أفريقيا، لكن التمديد حظي بالقبول بعد تدخل دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة المضيفة.
ومنذ العام 1998، اتفق أعضاء منظمة التجارة العالمية على عدم فرض رسوم جمركية على المعاملات الإلكترونية.
وصرح وزير التجارة الهندي بيوش جويال، الذي أعرب عن ارتياحه على الرغم من عدم وجود توافق بشأن الزراعة ومصائد الأسماك، قائلا: “لم نخسر أي شيء. سأعود سعيدًا وراضيًا”، حيث بدأت المحادثات في التراجع. وشدد الوفد الهندي على التزام البلاد بضمان الأمن الغذائي للفئات السكانية الضعيفة، والاستفادة من بند السلام الدائم الذي يسمح بشراء الحبوب الغذائية بشكل غير محدود دون الالتزام بحسابات الدعم القياسية.
ووفقا لخبراء فإن شرط السلام الدائم، الذي يظل ساري المفعول حتى يتم الاتفاق على حل دائم، يحمي الهند وأعضاء مجموعة الـ33 الآخرين من التحديات القانونية المتعلقة بالمخزونات العامة من الحبوب، ويحافظ على حقهم في دعم قطاعاتهم الزراعية دون مواجهة نزاعات في نظام منظمة التجارة العالمية.
مشكلات عالقة
وفي حين أكد المؤتمر من جديد الالتزام بنظام فعال لتسوية المنازعات بحلول عام 2024 وتحسين استخدام أحكام المعاملة الخاصة والتفضيلية للبلدان النامية وأقل البلدان نموا، فإن مسألة إعانات مصائد الأسماك ظلت دون حل. ودعت الهند إلى توفير معاملة خاصة لصغار الصيادين والصيادين الحرفيين، واقترحت أن تقوم البلدان النامية بتوسيع الإعانات داخل المناطق الاقتصادية الخالصة أو حتى 200 ميل بحري من الشاطئ. وفي الوقت نفسه، اقترحت الهند أن توقف الدول الغنية دعمها لصيد الأسماك خارج هذه المنطقة على مدى السنوات الـ25 المقبلة.
وفي الجلسة الختامية، اعترفت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية بالنتائج المتباينة، قائلة: “لقد عملنا بجد هذا الأسبوع، وحققنا بعض الأشياء المهمة، ولم نتمكن من استكمال أشياء أخرى”.
وشهد المؤتمر أيضًا نقاشًا محتدما حول خطة تسهيل الاستثمار من أجل التنمية بقيادة الصين. وبينما سحبت جنوب أفريقيا معارضتها، حافظت الهند على موقفها، مشيرة إلى المخاوف بشأن السيادة وسلامة النظام التجاري العالمي. وكانت الخطة التي تم النظر فيها خارج نطاق منظمة التجارة العالمية، نقطة خلاف منذ بدء الاجتماع.
ومع اختتام المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية دون التوصل إلى اتفاق شامل بشأن الزراعة ومصائد الأسماك، وجد المجتمع الدولي نفسه يتصارع مع التحديات المتمثلة في التوفيق بين المصالح والأولويات المتنوعة في مشهد التجارة العالمية. ومما لا شك فيه أن نتائج هذا المؤتمر ستشكل مسار المفاوضات المستقبلية وفعالية منظمة التجارة العالمية في تلبية الاحتياجات المتطورة للدول الأعضاء فيها.