قالت بلومبيرغ إن باكستان تشهد موجة متزايدة من الاحتجاجات مع ارتفاع الضرائب، في إطار برنامج الإنقاذ المالي البالغ قيمته 7 مليارات دولار الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق قد ساعد على تجنب انهيار اقتصادي وشيك، فإن الشروط المصاحبة له أدت إلى تفاقم الغضب الشعبي نتيجة الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة، وفق هذه الوكالة الأميركية.
ارتفاع الضرائب وأسعار الكهرباء والغذاء
وتشير بلومبيرغ إلى أن أحد أبرز بنود الاتفاق مع صندوق النقد هو زيادة الضرائب بنسبة قياسية بلغت 40%. وقد أدى هذا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل حاد.
ففي بعض المناطق، ارتفعت أسعار الكهرباء 3 أضعاف، في حين تجاوز سعر الحليب في كراتشي سعره في باريس، حسب قول بلومبيرغ.
ويُقدر أن أكثر من نصف دخل الأسر الباكستانية يُنفق الآن على الغذاء، مما يجعل العديد من السلع مثل الأرز والأحذية بعيدة المنال لشريحة كبيرة من السكان.
ويقول نياز محمد (بائع الفواكه والخضراوات في إسلام آباد) في حديث لبلومبيرغ “الناس ببساطة لم يعد لديهم القدرة على الشراء” مشيرًا إلى أن الزبائن الذين اعتادوا شراء الفواكه والخضراوات يوميًا أصبحوا الآن يشترونها مرتين في الأسبوع فقط “الأمر لا يقتصر عليّ فقط، بل الجميع يعانون”.
تضخم يتجاوز الزيادات بالأجور
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سجلت باكستان أعلى معدلات التضخم في آسيا وفقا لبلومبيرغ، حيث بلغ متوسط التضخم السنة المالية الأخيرة 23%.
وهذا الرقم يفوق بكثير الزيادات بالأجور التي تراوحت بين 5% و10% فقط، وفقًا للبيانات الحكومية. وأشار وزير المالية محمد أورنغزيب، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، إلى أن “الألم الانتقالي” نتيجة برنامج صندوق النقد أمر لا مفر منه، لكنه أضاف “إذا أردنا أن يكون هذا البرنامج هو الأخير فعلينا تنفيذ إصلاحات هيكلية”.
تداعيات اقتصادية واجتماعية
ومع ارتفاع أسعار الكهرباء، التي تمثل مصدر إحباط كبير لكل من الأغنياء والفقراء، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تعكس حالة السخط وفق بلومبيرغ.
وتواجه باكستان تحديات اقتصادية إضافية تتمثل في واحدة من أدنى نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث تبلغ حوالي 9%.
ورغم ارتفاع الضرائب على الطبقة المتوسطة، لم تشهد النفقات الحكومية أي تخفيضات بالميزانية الجديدة التي بدأت في يوليو/تموز الماضي. ووفقًا لبيانات الحكومة، فإن الضرائب على الموظفين تمثل 42% من الإيرادات الحكومية.
وفي قطاع الأعمال، فإن الشركات الخاصة ليست سعيدة أيضًا. فمعدل الضريبة على الشركات يبلغ حوالي 30%، وهو من بين الأعلى عالميًا، وفق بلومبيرغ.
وفي تحرك أثار استياء العديد من المصدرين، رفعت الحكومة الضرائب عليهم من 1% إلى 29%. وقد نشرت 18 جمعية تصدير إعلانات بالصحف المحلية لعدة أيام احتجاجًا على هذا القرار.
آثار على كل الصعد
واستجابت العديد من الشركات متعددة الجنسيات لهذا الوضع عبر تقليص حجم المنتجات المبيعة فيما يُعرف بـ”الانكماش التضخمي”.
ونقلت بلومبيرغ عن علي خزار رئيس قسم الأبحاث بصحيفة “بزنس ريكوردر” قوله إن العاملين الذين يتقاضون رواتب ثابتة يجدون أنفسهم في وضع صعب، حيث تراجعت مبيعات السيارات إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين، كما تضاعفت أسعار مكيفات الهواء خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف خزار أن أفضل وأذكى العقول في باكستان تغادر البلاد بمعدلات غير مسبوقة بحثًا عن فرص أفضل.
وعلى الرغم من أن زيادة الضرائب قد تسهم في كبح التضخم، فإن التباطؤ الاقتصادي مستمر، ويقول خزار “إن معاناة الطبقة الوسطى والدنيا لن تنتهي في أي وقت قريب”.