إسلام آباد– أفادت “ذا نيوز إنترناشونال” -نقلا عن مسؤولين باكستانيين- أن إيران مددت الموعد النهائي لمشروع خط أنابيب الغاز المشترك أو ما يعرف بـ “خط أنابيب السلام” الذي يواجه تعثرا من جانب باكستان لمدة 180 يوما حتى سبتمبر/أيلول القادم.
وأفادت الصحيفة الباكستانية بأن طهران يمكن أن تلجأ إلى التحكيم الدولي من أجل تغريم إسلام آباد 18 مليار دولار بسبب تأخرها المتكرر في إنشاء الجزء الخاص بها من خط أنابيب الغاز، في حال لم تحرز أي تقدم في إنجاز المشروع.
ووفقا لهؤلاء المسؤولين، فإن إيران كانت قد قدمت عرضاً لإرسال فريقها القانوني والفني إلى باكستان للعمل على إستراتيجية مربحة في محاولة لإنجاز المشروع وتجنب التحكيم.
وكان من المقرر أن يصل هذا الفريق يوم 21 يناير/كانون الثاني لإجراء محادثات حول تنفيذ المشروع، لكنه لم يتمكن من الوصول بسبب التوترات الأخيرة بين البلدين، ومن المقرر أن يصل الأسبوع الثاني من الشهر الجاري.
يراوح مكانه
بدأت المناقشات الأولى بين باكستان وإيران حول مشروع خط أنابيب الغاز عام 1994، وتم توقيع الاتفاق الأولي عام 1995، بين البلدين فقط. وفي وقت لاحق، اقترحت إيران أن يصل الخط إلى الهند، ووقعت عام 1999 اتفاقاً أولياً مع نيودلهي، وأُطلق عليه خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان والهند التي انسحبت من المشروع عام 2009.
وعام 2010، طلبت الولايات المتحدة من باكستان التخلي عن المشروع مقابل الحصول على مساعدة لبناء محطة للغاز الطبيعي المسال، واستيراد الكهرباء من طاجيكستان عبر أفغانستان.
وقد رفضت إسلام آباد العرض الأميركي، ووقعت مع طهران اتفاقية نهائية بشأن المشروع، في اجتماع عقد في أنقرة خلال مارس/آذار 2010، وبموجب الاتفاقية كان على كل دولة أن تبني الجزء الخاص بها من خط الأنابيب بحلول نهاية 2014.
وفي يونيو/حزيران 2011، أعلنت إيران أنها أكملت الجزء الخاص بها من المشروع، في حين أعلنت المالية الباكستانية في مارس/آذار 2012 أن مستثمري القطاع الخاص لم يظهروا اهتماما كافيا.
وعام 2013، تم الاتفاق على أنه إذا لم تكمل باكستان الجزء الخاص بها من المشروع بحلول نهاية 2014، فسيتعين عليها دفع غرامة يومية قدرها مليون دولار لإيران حتى اكتماله.
في مارس/آذار 2013، تم إطلاق العمل على بناء الجزء الباكستاني رسميا من قبل رئيسي البلدين، وكان من المقرر أن تقوم شركة إيرانية بالعمل في الجزء الباكستاني أيضا.
وفي فبراير/شباط 2014، أبلغ شاهد خاقان عباسي وزير النفط والموارد الطبيعية الباكستاني -آنذاك- البرلمان بأن مشروع خط أنابيب الغاز مع إيران أصبح غير مطروح على الطاولة، بسبب العقوبات المفروضة على طهران.
وكانت هناك آمال بأن الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران يمكن أن يعطي باكستان الحرية في تنفيذ المشروع لكن إسلام آباد لم تحرز أي تقدم في هذا السياق.
تأجيل مستمر
في فبراير/شباط 2019، أرسلت إيران إشعارها الأول إلى باكستان بالتوجه للتحكيم الدولي لعدم مد خط الأنابيب بالأراضي الباكستانية خلال الفترة المنصوص عليها. وأواخر 2022، طلبت إيران من باكستان في إشعارها الثاني بناء جزء من مشروع خط الغاز على أراضيها حتى مارس/آذار 2024 أو الاستعداد لدفع غرامة قدرها 18 مليار دولار.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قرر البلدان إحياء تعاونهما في المشروع، وقالت وسائل الإعلام الباكستانية إنه من المقرر أن يبدأ البلدان مفاوضات رسمية خلال الأسابيع المقبلة. وكان ذلك نتيجة الزيارة الأخيرة لطهران التي قام بها وزير الطاقة الباكستاني المؤقت محمد علي، حيث قال إن بلاده أعادت تأكيد التزامها بالمشروع وأعربت عن حاجتها الملحة لأمن الطاقة.
ويعتبر الإخطار الأخير الذي وجهته إيران إلى باكستان هو الثالث، وتهدد بالذهاب إلى العاصمة الفرنسية حيث مقر التحكيم الدولي، وهو منظمة لا تعترف بالعقوبات الأميركية على إيران.
تفاهم لا توتر
وقال الخبير في العلاقات والنزاعات الدولية سيد شباهت إنه يعتقد أن الطرفين هما الجوار الأكثر ليونة لبعضهما البعض مقارنة بعلاقات كليهما بدول أخرى مجاورة، ونظرا لأن كلا من إيران وباكستان في حالة من الاضطراب الاقتصادي، وانتشار الإرهاب.
ويتوقع شباهت -في حديث للجزيرة نت- بأن إيران ستواصل دفع باكستان بطريقة إيجابية دون تجاوز أي خطوط حمراء، وستواصل الأخيرة أيضا محاولة عقد اجتماعات مع الهيئات التنظيمية والمالية لإيجاد طريقة للاستفادة من سوق الطاقة الإيرانية.
وأضاف أن إيران تدرك أيضا أن باكستان لديها دور مهم جدا في منحها إمكانية الوصول إلى كبار مستهلكي الطاقة مثل الهند والصين، وبالتالي لن ترغب طهران في إثارة استياء إسلام آباد أكثر.
من جهته، قال الخبير في الاقتصاد السياسي أسامة رضوي إن هذا له صلة بالأحداث الأخيرة بين البلدين، وكان ذلك مهما بشكل خاص في هذا التعاون طويل الأمد بينهما.
وقال رضوي -في حديث للجزيرة نت- إنه يعتقد أن الطاقة، لا سيما خط الأنابيب ومشاريع نقل الكهرباء وما إلى ذلك، يمكن أن توفر أساساً جيدا لمواصلة العلاقات الجيدة، وإذا تم تحكيم العقل فسوف يدركان أنه من المفيد التعاون بدلا من المناوشات.
وأضاف أنه لا يعتقد أن إيران تستطيع تحمل ذلك، نظرا لأنها ثاني أكثر دولة تخضع للعقوبات في العالم، كما أن أسعار النفط ليست مرتفعة هذه الأيام، وأسعار المعيشة ترتفع في كل من البلدين.