الدوحة– تستعد دولة قطر لدخول العام الجديد وهي تعزز مكانتها في الالتزام بالعمل المشترك مع المجتمع الدولي في التصدي لخطر التغير المناخي الذي يواجهه العالم والآثار المترتبة من التصحر، من خلال تنفيذ عدد من المشاريع الناجحة في مكافحة التصحر والداعمة لنمو الاقتصاد القومي لقطر.
وكما ذكرت مسؤولة برامج اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في العام 2018، أن الأرقام تشير إلى تدهور 70% من الأراضي في المنطقة العربية بسبب الجفاف وتغير المناخ والعواصف الرملية، بينما 30% من إجمالي الأراضي في العالم فقدت قيمتها الحقيقية. كما تشير التوقعات إلى احتمال تأثير الجفاف في أكثر من 75% من سكان العالم بحلول عام 2050.
وقد كشفت الخطوات التي قطعتها قطر في مكافحة الجفاف والتصحر عن برامج فعالة في دعم الاقتصاد وتنويعه، فضلا عن تأكيد دور قطر كشريك فاعل في منظومة العمل الجماعي الدولي لمكافحة التصحر والجفاف منذ انضمامها في العام 1999 لبرنامج اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وخلال معرض “إكسبو للبستنة قطر 2023” الذي يقام لأول مرة في الشرق الأوسط بمشاركة نحو 80 دولة وهيئة ومنظمة غير حكومية وخبراء دوليين، بالإضافة إلى شركات القطاع الخاص وجامعات ومختبرات بحث، تم استعراض الإنجازات القطرية في محاربة التصحر.
بيئة مستدامة
الباحث في علوم الأرض والمناخ بوزارة البيئة القطرية محمد سيف الكواري أوضح للجزيرة نت أن الوزارة تنهض بدورها في تحقيق رؤية قطر 2030 الرامية إلى تحقيق اقتصاد مستدام وبيئة مستدامة من خلال التصدي للتصحر والجفاف ومكافحته.
وقال إن هناك عددا من المبادرات التي يجري تنفيذها، مثل مشروع زراعة 10 ملايين شجرة حتى عام 2030 التي التزمت بها دولة قطر في إطار دعم مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها السعودية في شرم الشيخ بمصر العام الماضي والرامية الى زراعة 50 مليار شجرة على مستوى الوطن العربي. وذلك إضافة إلى المليون شجرة التي اكتمل تنفيذها العام الماضي.
ويضيف الكواري أن الدولة تعمد إلى التوسع المستمر في الأحزمة الشجرية في شتى الأماكن بقطر للتخفيف من الحرارة والغبار، إلى جانب العمل على زيادة المحميات الطبيعية، مشيرا إلى حديقة البدع كمساحة خضراء نموذجية يتم تطبيقها في كافة المشاريع.
وشدد على فوائد اقتصادية لمكافحة التصحر، حيث يمكن استغلال الأشجار والنباتات الطبيعية في إقامة مصانع طبية، وإلى توفير وظائف عدة.
إلى جانب أن الاستقرار البيئي عموما يسهم في الاستقرار الاقتصادي ونموه، مشددا على أهمية المسوحات في تعزيز جهود الدولة في مكافحة التصحر كما أكد أهمية نشر ما أسماه “ثقافة الغطاء الأخضر”.
من جهته، كشف مساعد مدير إدارة الحماية البرية فوزي الشمري عن إطلاق خطة شاملة لتحويل قطر إلى أراض خضراء في سنوات قليلة، في إطار رؤية قطر 2030 للحفاظ على البيئة ومحاربة التصحر والجفاف.
وقال إن البرنامج الذي سينطلق الأسبوع المقبل كمرحلة أولى يتضمن توزيع 3 آلاف شتلة من النباتات البرية القطرية، إضافة إلى توزيع كميات كبيرة من البذور والنباتات البرية القطرية لمن يرغب من أصحاب العزب والمخيمات الذين يرغبون في زراعة تلك النباتات في المنازل أو الحدائق.
وأفاد الشمري بأن المرحلة الأولى ستتبعها مراحل في المواسم التالية، تبدأ بزراعة 6 آلاف شتلة تعقبها زراعة 10 آلاف شتلة، لتتحول قطر في غضون السنوات القليلة القادمة إلى أراض خضراء.
يذكر أن عدد الروض بحسب وزارة البلدية يصل إلى نحو ألفين منتشرة في جميع أنحاء قطر وتغطي 2.5% من مساحة قطر، وهي أحد أنواع التضاريس المنخفضة ذات أشكال وأبعاد مختلفة.
مشاريع مبتكرة
وأكد الخبير الاقتصادي عبد الله الخاطر ضرورة توسيع العمل الجاري الآن في تخضير الشوارع والساحات ودعم اخضرار البيئة.
وقال إن إكسبو الدوحة 2023 يؤكد التزام الدولة بالمضي قدما في هذا الاتجاه. وأوضح أن المحافظة على البيئة ومكافحة التصحر والجفاف تسهم بفعالية في النمو الاقتصادي، من خلال تخفيف التكلفة على الاقتصاد ودعم قطاعات السياحة والضيافة وقطاع الأعمال والصحة والحفاظ على سيولة كبيرة قد تتسرب خارج المواعين الاقتصادية بسبب قلة المتنفسات الخضراء.
وأضاف أن الاهتمام الحكومي بالبيئة يفتح آفاق واسعة للاستثمار الداخلي لقطاع الأعمال من الشباب وأصحاب المبادرات والشركات الصغيرة والمتوسطة.
واقترح للاستفادة من المساحات الكبيرة التي لا تغطيها الخضرة حاليا في دعم الاقتصاد وتحقيق بيئة مستدامة إلى بناء منظومة نقل بحري متكامل داخل الدولة والعمل على شق قنوات للحركة والنقل البحري الداخلي، موضحا أن ذلك يمكن أن يفتح المجال لزيادة المساحات الخضراء وإقامة واجهات بحرية وغابات شجرية.
وقال الخبير الاقتصادي علي بهزاد إن الجهود الكبيرة التي تقودها قطر في مجال مكافحة التصحر والجفاف واحدة من أهم البرامج الداعمة لرؤية قطر في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لما للتصحر من انعكاسات سلبية على كثير من القطاعات كالزراعة والسياحة ونحوها.
وأضاف أن تحويل الصحراء إلى أرض خضراء يسهم في زيادة الرقعة الزراعية، فضلا عن الحفاظ على المساحات الزراعية الموجودة من التناقص في ظل الإمكانات المتطورة في العصر الحاضر، حيث أصبح تخضير الصحراء أمرا ممكنا من خلال التقنيات والجمع بين الممارسات الزراعية التقليدية والتكنولوجيا بطرق مستدامة وتعزيز الوعي البيئي للحد من كوارث الطبيعة والتلوث والتصحر وتغير المناخ.
وعزا الاهتمام البالغ بالقطاع الزراعي من كل الجهات المعنية، لأنه يحفز المزارعين وأصحاب المبادرات الزراعية ومشاريع الاستدامة ورواد الأعمال في هذا المجال على تأسيس مبادرات نوعية تسعى لتحقيق جانب من الاكتفاء الغذائي للدولة.