ما الذي يمكن أن تقدمه طائرات “الدرون” لعالم التجارة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الدوحة ـ عند ذكرها لا يخطر على البال إلا ساحات القتال في أوكرانيا أو روسيا، أو ربما وسيلة للتجسس تستخدمها واشنطن لمراقبة التحركات الصينية بالقرب من الشواطئ التايوانية، لكن الطائرات دون طيار (الدرون) يبدو أن لها وجها آخر جميلا، بعيدا عن الحروب والقنص والتجسس.

فبعد اليوم علينا ألا نستغرب إن طرقت هذه الطائرات أبوابنا لتسلمنا “طردا” من الملابس أو الطعام أو الهدايا المميزة، ففي عالم بات يحكمه التحول التكنولوجي، ومع تزايد الحاجة إلى حلول مبتكرة لتلبية طلباتنا، فإن الطائرات دون طيار هي الحل الأنسب والأسرع والأكثر نجاعة بحسب ما تراه بيث فليبو الرئيسة التنفيذية لشركة “درون إكسبريس” (Drone Express).

تقول بيث فليبو، خلال جلسة في منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ، إنها وشركتها أصبحتا من الرائدين في مجال إيصال الطلبات إلى المنازل عبر “الدرون”، مؤكدة دخول ملايين الدولارات شهريا لحسابها البنكي من تقديم هذه الخدمة التي كانت مجرد حلم يراودها منذ أكثر من 10 سنوات.

لم تخفِ فليبو طمعها في مزيد من الدولارات من جيبك إذا كنت من سكان قطر أو الخليج ومنطقة الشرق الأوسط عموما، في حال نجاحها بالحصول على ترخيص لشركتها في هذه المناطق، مؤكدة وصولها لاتفاقات مبدئية خلال منتدى قطر الاقتصادي على توقيع مذكرة تمنحها أحقية إيصال الطلبات لعدد من الدول العربية والسعودية وقطر والإمارات وتركيا في مقدمتها.

كيف تعمل؟

تفسر فليبو آلية عمل إيصال الطلبات بالطائرات دون طيار، وتقول: هي عملية معقدة وسهلة في الوقت ذاته، فالطائرة الواحدة يمكنها أن تسير لمدة يومين دون انقطاع وبسرعة تصل إلى 80 كيلومترا في الساعة، وهذا يعني على حد وصفها أن العميل يمكنه أن يتسلم “طرده” خلال أقل من ساعتين في أبعد نقطة من الرياض في دولة كالسعودية مثلا، أو أقل من نصف ساعة في دولة كقطر.

وتشير فليبو إلى أن هذه الطائرات مزودة بأنظمة تحديد المواقع بواسطة “جي بي إس” (GPS) وكاميرات مراقبة إضافة لأجهزة استشعار متطورة ويمكنها حمل الطرود وتسليمها عبر إحداثيات محددة، فهي لا تتعثر بزحام الشوارع، ولا تحتاج إلى تعبئة الوقود وتحافظ على البيئة، فضلا عن تقليل الوقت والتكلفة المرتبطين بطرق التوصيل التقليدية مثل الشاحنات أو شركات التوصيل.

تهديد مباشر وجّهته فليبو للمتاجر التقليدية، حاملة بشائر مالية وربحية لأصحاب التجارة الإلكترونية، التي وصفتهم بأكبر الرابحين من خلال اعتماد إيصال الطرود عبر الطائرات دون طيار، فهي أي “الدرون” توفر إمكانية التوصيل في نفس اليوم، أو حتى في نفس الساعة الأمر الذي سيجعل التسوق عبر الإنترنت هو الخيار المفضل للعملاء، بحسب رأيها.

انتهاك الخصوصية

مارك ميلر المحرر في بلومبيرغ ومدير الجلسة، وجّه سؤالا اعتبرته الرئيسة التنفيذية لشركة درون إكسبريس أنه محرج نوعا ما، فقد سألها عن أخلاقيات استخدام الطائرات دون طيار، وتعديها على حرية وخصوصية المجتمعات، خاصة أن هذه الطائرات مزودة بكاميرات مراقبة تطير محلقة فوق المنازل وبيوت الناس والممتلكات الخاصة.

ردت فليبو بتحريك رأسها أعلى وأسفل مع ابتسامة خجولة، في إشارة مؤيدة لملاحظة مارك ميلر، وقالت: صحيح ميلر هذا أمر ربما يعتبره كثيرون تعديا على الحريات الشخصية، خاصة في مجتمعات محافظة كدول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وحتى أميركا، فالناس لا تحب شعورا بأنه شيء ما يراقبها ويصورها.

وتابعت “لكن أضمن لك بكل ما تعنيه أخلاقيات المهنة بأن الكاميرات المعلقة على هذه الطائرات ما هي إلا أداة مهمة لمنع اصطدام المسيّرات ببعضها، أو الخروج عن مسارها، أو الارتطام بالأبراج العالية، فهي وسيلة للأمان وليست وسيلة للمراقبة”.

وقالت إن شركتها تعتمد بروتوكولات وصفتها بالحاسمة، وإن التراخيص التي تسعى للحصول عليها متضمنة شروطا صارمة بعدم التعدي على الحريات الشخصية أو الممتلكات الخاصة، وفي حال خرق هذه الشروط فإن الأمر ربما يصل إلى بطلان الترخيص وحتى الغرامات المالية الضخمة التي تحددها كل دولة.

وحاولت فليبو الخروج من حرج هذه القضية موجهة حديثها للحضور قائلة: كل شيء جيد له بعض العيوب ولكن هذا لا يعني منعه أو تحطيمه وإلغاءه، منصات التواصل لها مساوئها ومميزاتها، هل نلغيها؟ وكذلك الأمر مع ما أقدمه.. “لا أطلب سوى الثقة”.

البحث عن الدول المتطورة

كشفت فيليبو عن بحثها الآن على تراخيص للعمل في عدد من الدول، وقالت إنها لا تقدم عروض عمل إلا للدول المتطورة تكنولوجيا، معبرة عن أملها في أن تحصل على الاعتماد في دول مثل قطر والسعودية والإمارات، معتبرة أن هذه الدول أكثر قابلية لفكرة إيصال الطرود عبر “الدرون” خاصة أنها تملك بنية تحتية متطورة تسمح بتقديم هذه الخدمة.

وترى أن الأجيال الجديدة في هذه الدول أكثر انفتاحا ورغبة في التعامل مع التحول الرقمي والابتكار مع الحفاظ على الخصوصية، والتقاليد المجتمعية التي نسعى لتفهمها جيدا، إضافة للتعامل الأمثل مع إدارة المخاطر، بما يضمن تنفيذ أفضل خدمة بأفضل جودة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *