ماذا يعني دخول أفغانستان نادي منتجي النفط؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

كابل – عادت أفغانستان إلى إنتاج النفط بإعلان وزارة المناجم والبترول بدء استخراج الخام من آبار قرب نهر أموفي ولاية سربل شمالي البلاد، في خطوة من شأنها تعزيز إيراداتها.

وعدّ وزير المناجم والبترول الأفغاني شهاب الدين دلاور في تعليق للجزيرة نت بدء استخراج النفط في بلده “خطوة مهمة في التنمية الاقتصادية”، متوقعا أن توفر فرص عمل لعدد كبير من سكان الولايات الشمالية.

ورجّح دلاور أن تستثمر شركة النفط الوطنية الصينية 162 مليون دولار في قطاع استخراج النفط الخام في حقل “نهر أمو” هذا العام، وأن تزيد استثماراتها خلال 3 سنوات إلى 540 مليون دولار.

ويعود استكشاف النفط في أفغانستان إلى خمسينيات القرن الماضي عندما أجرى خبراء أفغان وسوفيات عام 1958 مسحا طبوغرافيا وجيولوجيا في الولايات الشمالية الأفغانية، ثم أعلنوا بعد عامين اكتشاف النفط والغاز في مدينة شبرغان، وسربل وفارياب.

وبدأت الحكومة الأفغانية بمساعدة سوفياتية بإنتاج الخام، وكان التكتل يستورد 80% من إنتاج حقل الغاز الطبيعي في مدينة شبرغان قبيل انسحابه من أفغانستان عام 1989، وفق دراسات أفغانية.

وبعد الاحتلال الأميركي لأفغانستان استخدمت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية عام 2005 سلسلة من الرسوم البيانية السوفياتية القديمة والبيانات المتاحة في الأرشيف الوطني الأفغاني والتقنيات الحديثة لإجراء مسح شامل للتعرف على المناجم في أفغانستان، وهو ما كشف عن أن المناطق الشمالية لنهر “أمو” الفاصل بين أفغانستان ودول أسيا الوسطى؛ تحتوي على ما يصل إلى 1.6 مليار برميل من النفط و15.6 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وقدرت وزارة المناجم الأفغانية عام 2011 أن شمال أفغانستان يحتوي على 1.95 مليار برميل من النفط.

اكتُشفت معظم حقول النفط والغاز الأفغانية في سبعينيات القرن الماضي خلال مشاريع التنقيب التي قادها السوفيات، وباشرت الحكومة الأفغانية حينئذ استخراج النفط عام 1959 من حقل أنجوت النفطي في منطقة قشقري، وأغلق عام 2006 على خلفية تورط أمراء الحرب في تهريب النفط منه، مع احتياطات متبقية تقدر بنحو 6 ملايين برميل.

ويقول خبراء إنه تم التحقق من 15 حقلا للنفط في المناطق المجاورة لأوزبكستان وتركمانستان، وقد كان آخر اكتشاف عام 1978، لكن الحكومات الأفغانية لم تستطع الاستفادة والاستثمار في القطاع بسبب الحروب المتتالية وأهمها الاحتلال السوفياتي ثم الأميركي.

توجد أهم حقول النفط في الولايات الشمالية مثل سربل، وفارياب وشبرغان وولاية هرات غربي أفغانستان، وباشرت الحكومة الأفغانية الحالية باستخراج النفط من الحقول التي توجد في الولايات الشمالية مثل نهر أمو وقشقري وإنغوت في ولاية سربل شمالي أفغانستان.

بعد اكتشاف النفط في أفغانستان، أجرى خبراء سوفيات وأفغان دراسة عن الاحتياطات النفطية الموجودة في البلد، ويقول المدير السابق للأرشيف في وزارة المناجم والبترول، عبد الغني كاركر للجزيرة نت: “مع الأسف أعد خبراء السوفيات نسختين (من نتيجة الدراسة) بشأن الثروة المعدنية في أفغانستان ومنها الاحتياطات النفطية، قدّموا نسخة حقيقية لدولتهم، وأخرى مزورة للحكومة الأفغانية، والجميع يعرف ذلك، ولا يعرف بالضبط الرقم الاحتياطي للنفط في البلاد”.

لكن مسح هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في أفغانستان، أظهر أن الحقول النفطية في المناطق الشمالية تحتوي على ما يصل إلى 1.5 مليار برميل من النفط، و15.6 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

تنتج أفغانستان أكثر من ألف برميل يوميا في حقل قشقري، وتخطط الشركة الصينية لحفر 22 بئرا إضافية بهدف زيادة الإنتاج اليومي إلى أكثر من 15 ألف برميل يوميا.

وتستهلك أفغانستان 35 ألف برميل يوميا من النفط وتحتل المرتبة الـ117 عالميا في استهلاك النفط وفق ما أفاد مكتب وكيل وزارة المناجم والبترول، وحسب الأرقام الرسمية تحتاج أفغانستان إلى 2.7 مليون طن من النفط سنويا، يتم استيراد معظمها من إيران وتركمانستان.

استحوذت الشركات الصينية على كافة المجالات المتعلقة بالنفط والمناجم، وآخر عقد وقعته شركة شينجيانغ آسيا الوسطى للبترول والغاز الصينية مع وزارة المناجم والبترول بقيمة 540 مليون دولار، لمدة 25 سنة، ويجب أن تستثمر الشركة بحلول السنة الأولى 150 مليون دولار، كما تلتزم باستثمار المبلغ المتفق عليه بحلول عام 2026.

لكن مسؤولا حكوميا قال للجزيرة نت، مفضلا عدم نشر هويته، إن الشركة فشلت في تحقيق هدفها الاستثماري فضلا عن التأخير لمدة 3 أشهر، مضيفا أن الشركات الصينية دخلت إلى الساحة الأفغانية على حساب الأميركية والأوروبية؛ لأنها لا تهتم بالقضايا التي يثيرها الغرب مثل حقوق الإنسان والمرأة وهدفها الاستحواذ فقط كما حدث مع منجم النحاس في ولاية لوغر، حيث حازت شركة صينية على عقد التنقيب في المنجم ولكنها لم تباشر العمل منذ 15 سنة.

بعد توقيع الشركة الصينية عقدها مع الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان، اعترض عدد من الخبراء والقانونيين، وقالوا إن هذه العقود تحتاج إلى جهة تحظى بشرعية دولية ووطنية. وأضافوا أن الحكومة التي تُشكَل على أساس القانون والدستور لن تكون ملزمة بتنفيذ هذه العقود.

ويقول المتحدث السابق لوزارة المناجم عبد القدير مطفي للجزيرة نت: “طالبان تريد إنهاء المشاكل المالية التي تواجهها من خلال إبرام العقود وبيع المعادن كمواد خام إلى دول مختلفة، لكن هذه العقود لا تتبع المسار القانوني، الأمر الذي يحرم كابل من التحكيم الدولي نظرا لعدم الاعتراف بحكومة طالبان”.

تسعى حركة طالبان لاستخراج النفط على نطاق واسع من الحقول النفطية في الولايات الشمالية بهدف زيادة مستوى الدخل، وتنفق الأموال التي تحصلها من عقود المناجم على الشؤون الحكومية، حتى لا يتوقف العمل.

وتولي الحكومة المزيد من الاهتمام باستخراج النفط من الحقول الموجودة في نهر أمو وحقلي قشقري، وقد حققت الخزانة نحو 26 مليون دولار من المشروع العام الماضي من التنقيب في حقول النفط والمناجم، وفق مصدر في وزارة المالية الأفغانية.

يرى خبراء في الشأن الأفغاني أن أهم العقبات الموجودة أمام طالبان في استخراج النفط عدم وجود الكفاءات الأفغانية لأن معظمها غادرت أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، بالإضافة إلى العقوبات الدولية على البنوك الأفغانية لأن الشركات الأجنبية لا ترغب في الاستثمار في حقول النفط بسبب هذه العقوبات ولأنها لا تغامر بضح أموالها في بلد لم يعترف بحكومته حتى الآن.

  • هل يغير النفط الوضع المعيشي؟

مع تراجع المساعدات الأجنبية، اتجهت أنظار الأفغان إلى النفط والمناجم، لكن بالنظر إلى أن التوسع في الإنتاج يستغرق عقودا، فإنه سيكون من الصعب في الوقت الحالي أن يؤدي النفط إلى تغير الوضع المعيشي، حسبما قال خبراء.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *