يكشف تقرير بوكالة بلومبيرغ عن النظرة العامة على الاقتصاد العالمي في الأيام الأخيرة، حيث ناقش التقرير التطورات الرئيسة التي تشكّل المشهد الاقتصادي العالمي.
فمن كفاح ألمانيا ضد انكماش التصنيع إلى توقعات النمو المتفائلة في الولايات المتحدة، ومبادرة اليابان الطموحة في مجال صناعة الرقائق، تواجه كل منطقة تحديات وفرصا فريدة من نوعها.
ويناقش التقرير -أيضا- تأثير التوترات الجيوسياسية وتقلب أسعار النفط وقرارات البنوك المركزية على الساحة العالمية.
كما يناقش التقرير العقبات الاقتصادية التي تواجهها أوروبا، والفائض غير المسبوق في ميزانية المملكة المتحدة وقطاع التصنيع المزدهر في الولايات المتحدة، إضافة إلى تداعيات تقلبات أسعار النفط على إيرادات المملكة العربية السعودية.
ويتعمق التقرير في تعقيدات الاقتصاد الرقمي، حيث يواجه الإجماع العالمي تحديات غير مسبوقة.
أوروبا.. الاقتصاد الألماني يواجه معركة شاقة
قال تقرير لوكالة بلومبيرغ إن ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، تكافح للتعافي البطيء من تباطؤ القطاع الصناعي، حيث تقدّر الحكومة نموا بنسبة 0.2% فقط هذا العام، وهو أقل بكثير من التوقعات السابقة البالغة 1.3%.
وتعزو حكومة المستشار أولاف شولتز التحديات إلى التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تعرب عن تفاؤلها بشأن تأثير ارتفاع الأجور الحقيقية، وسوق العمل القوي في 2024.
لكن الوكالة تشير إلى أن نشاط القطاع الخاص في منطقة اليورو يرسم صورة مختلطة، مع ارتفاع الخدمات في مختلف أنحاء القارة إلى أعلى مستوى لها منذ 8 أشهر في فبراير/شباط الماضي، للتعويض عن الحالة المضطربة التي يعيشها قطاع التصنيع الألماني.
وانخفض مؤشر المصانع في ألمانيا إلى أدنى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما كشف عن انخفاض الإنتاج إلى جانب تراجع الطلبيات الجديدة في الداخل والخارج.
وفي المملكة المتحدة، أدى الفائض التاريخي في الميزانية في يناير/كانون الثاني الماضي إلى رفع توقعات التخفيضات الضريبية في إعلان الميزانية القادم في السادس من مارس/آذار المقبل، من جانب وزير الخزانة جيريمي هانت.
ويمكن أن يلعب الفائض -وهو الأكبر على الإطلاق- دورا محوريا في تشكيل السياسات الاقتصادية، قبل الانتخابات العامة المحتملة في وقت لاحق من هذا العام.
أميركا.. تفاؤل اقتصادي
وتتفاءل الوكالة بإشراقة متوقعة للآفاق الاقتصادية في الولايات المتحدة لعام 2024، مع رفع الاقتصاديين في وول ستريت توقعاتهم للنمو والإنفاق.
ويشير أحدث استطلاع لبلومبيرغ إلى توسع متوقع بنسبة 2.1% بمعدل سنوي هذا العام، مقارنة بنسبة 1.5% المتوقعة في الشهر الماضي فقط. ويغذّي هذا التفاؤل قوة مضافة لسوق العمل، والإنفاق الاستهلاكي، إضافة إلى النفقات الحكومية.
وتشير بلومبيرغ أن نشاط التصنيع في الولايات المتحدة توسع بأسرع وتيرة منذ سبتمبر/أيلول 2022، متحررا من الركود الذي كان يلوح في سمائه.
وتذكر الوكالة أن النمو، على الرغم من تواضعه، يمثل أشهرا متتالية من التحسّن، وهو ما يشير إلى اتجاه إيجابي في هذا القطاع.
آسيا.. رهان اليابان على صناعة الرقائق
تقوم اليابان، التي تواجه تحديات في سوق الرقائق العالمية مع انخفاض حصتها إلى أقل من 10%، باستثمار كبير في هوكايدو لإحياء براعتها في صناعة الرقائق، وفقا لتقرير بلومبيرغ.
وتهدف هذه الخطوة إلى عزل الاقتصاد الياباني عن التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، بشأن الوصول إلى خبرات ومعدات صناعة الرقائق.
الأسواق الناشئة.. إيرادات النفط السعودية تتراجع
تشير الوكالة إلى أن المملكة العربية السعودية -التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط- شهدت انخفاضا كبيرا في صادرات النفط الخام العام الماضي، حيث بلغ متوسط أسعار النفط حوالي 80 دولارا للبرميل.
وأدى انخفاض عائدات تصدير النفط بنحو 80 مليار دولار إلى دفع ميزانية المملكة إلى العجز مرة أخرى، وفقا للتقرير الذي يشير إلى أهمية بقاء الاقتصاد السعودي قويا أمام التقلبات في أسعار الطاقة.
العالم.. هيمنة شركات التقنية الكبرى
وحافظت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم إلى حد كبير على تكاليف الاقتراض دون تغيير في الأشهر الأولى من 2024. ولا يزال البنك المركزي الإندونيسي في حالة توقف طويل لدعم عملته الضعيفة، في حين تحوّل البنك المركزي التركي، تحت قيادة جديدة، إلى موقف أكثر تشددا، بينما اختارت باراغواي خفض أسعار الفائدة في هذه الفترة.
وتذكر بلومبيرغ أن الإجماع العالمي الذي دام عقودا من الزمن بشأن التجارة الإلكترونية، وتدفق البيانات عبر الحدود معرض لخطر الانهيار، مشيرة إلى أن المخاوف بشأن هيمنة شركات التقنية الكبرى ومقرها الولايات المتحدة، إلى جانب مخاوف أخرى؛ مثل: مخاطر الذكاء الاصطناعي، وحماية خصوصية البيانات، والخسائر المحتملة للإيرادات الجمركية، تدفع الاقتصادات الناشئة إلى إعادة تقييم الإطار الحالي.
وبينما يتنقل الاقتصاد العالمي عبر هذه التحديات، ستلعب مرونة الدول الفردية وإستراتيجياتها دورا فعالا في تحديد مسار التعافي.