تناول تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية التطور السريع الذي يشهده قطاع التمويل الإسلامي في فرنسا وأوروبا، مشيرا إلى أن هذا القطاع الذي يعتمد على الشريعة الإسلامية يسجل نموا سنويا مضطردا رغم التحديات التي تواجهه.
ورغم أنه يمثل حاليا 1% فقط من التمويل العالمي، فإن التمويل الإسلامي يواصل توسعه بوتيرة سريعة.
نمو يتجاوز الـ600%
وبحسب التقديرات الواردة في التقرير، تتراوح أصول التمويل الإسلامي العالمي بين 3.1 و3.6 تريليونان يورو مقارنة بحجم سوق العملات المشفرة البالغ 2.3 تريليون دولار.
ويعلق أنور حسونة، الخبير في التمويل الإسلامي والأستاذ في “باريس دوفين”، قائلا “هذا يمثل 35 ضعف الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، أو حتى الدين العام الفرنسي”.
ويُضيف أن التمويل الإسلامي قد شهد نموا مذهلا بنسبة 603% بين عامي 2006 و2022، بمتوسط نمو سنوي يزيد على 10%.
إطار صارم ومحدد
ويذكر التقرير أن التمويل الإسلامي يعتمد على 5 مبادئ رئيسية تستند إلى الشريعة الإسلامية:
- منع الفوائد.
- حظر المضاربات.
- عدم الاستثمار في القطاعات المحظورة كالكحول والمقامرة والأسلحة.
- ضرورة ربط أي معاملة مالية بأصول حقيقية.
- تقاسم الأرباح والخسائر.
هذه المبادئ، وفقا لأنور حسونة، تجعل من التمويل الإسلامي “تمويلا تحت القيود”، حيث يفرض تقاليد صارمة مستمدة من النصوص الدينية.
فرنسا.. إمكانيات كبيرة وتحديات
رغم الإمكانيات الهائلة لسوق التمويل الإسلامي في فرنسا، يشير التقرير إلى أن البلاد ما زالت في مرحلة بناء هذا القطاع. وفي حين أن فرنسا تضم أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، يقدّر أن حوالي مليون مسلم في فرنسا يبدون اهتماما بالتمويل الإسلامي، لكن فقط 100 ألف منهم يستخدمون المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة حاليا.
ويقول عز الدين غلام الله، الأستاذ والباحث في التمويل الإسلامي، “ما زال السوق الفرنسي أقل بكثير من إمكانياته الحقيقية”، ويرى أن التوسع في هذا القطاع يعتمد بشكل كبير على تحسين التنافسية من حيث الأسعار وجودة المنتجات المالية.
ويشير إلى أن جزءا كبيرا من المسلمين في فرنسا لا يستخدمون التمويل الإسلامي، بسبب الفارق الكبير في أسعار الفائدة مقارنة بالتمويل التقليدي.
التمويل الإسلامي عالميا
وعلى المستوى العالمي، تعتبر الدول الإسلامية مثل قطر والسعودية وماليزيا من الداعمين الرئيسيين للتمويل الإسلامي، ويؤكد التقرير أن ماليزيا باتت تصدر أغلب ديونها على شكل صكوك إسلامية، في حين تقوم دول الخليج وتركيا بإصدار جزء كبير من ديونها بطريقة متوافقة مع الشريعة.
ويقول حسونة “اليوم، ماليزيا لا تصدر إلا ديونا إسلامية تقريبا، وهو الحال نفسه في دول الخليج وتركيا”.
وعلى الرغم من هذه النجاحات الإقليمية، يعتقد حسونة أن التمويل الإسلامي ما زال بعيدا عن أن يكون القوة المالية المهيمنة على الساحة العالمية.
وقال “في الوقت الحالي، لا يمكن أن يكون التمويل الإسلامي هو تمويل الغد، لكنه ربما يكون تمويل بعد غد”.
ورغم هذه الإنجازات والنمو السريع، يرى الخبراء أن تأثير التمويل الإسلامي على الاقتصاد العالمي لا يزال محدودا، ويشير حسونة إلى أن الدول الإسلامية قوية إقليميا، لكنها لم تحقق تأثيرا كبيرا على الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن هذا قد يتغير في المستقبل إذا استمر التمويل الإسلامي في النمو بالوتيرة نفسها.